لقد بدأت صناعة الالومنيوم العالمية تسترد عافيتها بعد الانخفاض الفاحش في اسعار هذا المعدن المهم خلال العامين الاخيرين.. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان المخاطر التي تعرض لها الاقتصاد العالمي في عام 2009 جعلت سعر الطن الجاهز للتسليم الفوري يقل عن 1500 دولار ولكن الاسابيع الاخيرة شهدت ارتفاع سعر الطن الي 2200 دولار بنسبة زيادة تناهز 46% وهو الاعلي من نوعه خلال الشهور ال14 الاخيرة ويرجع هذا التعافي الي تزايد الطلب العالمي خاصة من جانب الصين والهند وفي ديسمبر الماضي اعلنت شركة تشينالكو اكبر منتج للالومنيوم في الصين والتي كانت قد عطلت 10% من طاقتها الانتاجية عزمها علي اعادة هذه الطاقة المعطلة الي العمل من جديد ومع ذلك فإن ميشيل ويدمير الخبير في بنك الاستثمار الامريكي "بانك اوف امريكا ميريل لنش" يري ان صناعة الالومنيوم لاتزال تواجه احتمالات مزعجة وان ذلك يرجع في جزء منه الي استمرار الشركات الكبري مثل تشينالكو في بناء المزيد من افران صناعة هذا المعدن. ويقول الذين يرون ان تعافي صناعة الالومنيوم مجرد ظاهرة سطحية ان هناك مخزونا عالمي حجمه 5.4 مليون طن في حين ان مستوي هذا المخزون في العادة لم يكن يزيد علي مليون طن فقط والحقيقة انه حتي في ظل الانخفاض الشديد لاسعار الالومنيوم في العام الماضي كان هناك من يتوقع ان تعافي السوق سيحدث في عام 2010 ولذلك لجأ المضاربون الي شراء الالومنيوم الرخيص وتخزينه انتظارا لعودة اسعاره الي الارتفاع وطبيعي ان كل هذا المخزون سوف ينزل الي السوق خلال الشهور القادمة صحيح ان الطلب علي الالومنيوم سيستمر في الزيادة فالصين اكبر مستهلك لهذا المعدن سيصل حجم استهلاكها منه هذا العام الي 14 مليون طن وتري شركة ريوتينتو العملاقة للتعدين ان الطلب الصيني سيزيد الي اكثر من الضعف مع حلول عام 2020 ليصبح 5.31 مليون طن سنويا ولكن علي المنتجين الاخرين للالومنيوم ان يتريثوا قبل ان يفركوا ايديهم فرحا لان الصين لديها طاقة انتاج لا تعمل حجمها 7 ملايين طن سنويا ورغم ان الحكومة المركزية الصينية تريد اغلاق افران الصهر قليلة الكفاءة من اجل توفير الطاقة فإن المسئولين الحكوميين في المقاطعات يتلكأون في الاستجابة لتعليماتها حرصا منهم علي استمرار النمو وفرص العمل وعموما فقد بات من المقرر أن تحصل مصانع الالومنيوم الصينية علي الكهرباء بسعر السوق ومن دون دعم حكومي وهذا سيزيد تكلفة الطن لأن الكهرباء كما هو معروف تمثل 40% من هذه التكلفة ومع ذلك فإن المصانع الصينية ستواصل الاستفادة من انخفاض أسعار الارض وتكلفة العمالة والقروض الميسرة وأيضا من محطات الكهرباء الخاصة بها التي تعمل بالفحم المحلي المتوافر بغزارة ويتوقع المحللون ان الصين التي استوردت علي غير العادة كميات كبيرة من الالومنيوم في العام الماضي سوف تعود ثانية في عام 2010 الراهن إلي الاكتفاء الذاتي بل وتحقيق فائض صغير للتصدير. وتقول مجلة "الايكونوميست" إن وجود طاقة انتاج زائدة ليس امرا مقصورا علي الصين ففي اول ديسمبر الماضي 2009 بدأت أبوظبي في تشغيل اول افران الصهر في مصنعها الذي سيكون عند اكتماله اكبر مصنع للالومنيوم في العالم كذلك فإن دول الخليج الاخري الطامحة إلي تنويع قاعدتها الصناعية بدلا من الاعتماد علي البترول وحده والحريصة علي الاستفادة مما لديها من غاز طبيعي وخير في انتاج الكهرباء الرخيصة تتجه هي الاخري إلي اقامة مصانع للالومنيوم وفي الشهر الماضي اعلنت شركة الكوا الامريكية وهي من اكبر منتجي الالومنيوم في العالم عن مشروع مشترك لانتاج الالومنيوم مع شركة معادن السعودية للتعدين وقالت إنه سيكون المصنع الاقل تكلفة في العالم كله نظرا لأنه سيستخدم كهرباء مدعومة من الحكومة السعودية. ولدي قطر وعمان بدورهما مشروعات لاقامة مصانع الالومنيوم ضخمة جديدة. ومعروف أن دبي والبحرين لديهما بالفعل مصانع كبيرة لهذا المعدن ويقول خبراء مجلس الالومنيوم الخليجي إن انتاج الشرق الاوسط من الالومنيوم سيصل إلي 12% من الانتاج العالمي مع حلول عام 2020. وفي نفس الوقت فإن الزيادة في طلب البلدان النامية عدا الصين علي الالومنيوم ستكون بطيئة وخلاصة القول في هذا الصدد أن مصانع الالومنيوم الغربية ذات التكاليف العالية ستجد نفسها في مأزق مع تزايد انتاج الالومنيوم الرخيص في الصين والشرق الاوسط وهذا أمر واضح من الآن حيث قامت شركة ريوتينتو اخيرا باغلاق مصنعها في بريطانيا بعد ان انتهي عقدها مع الحكومة البريطانية للحصول علي كهرباء رخيصة لتشغيله كما ان هناك مصانع اوروبية اخري للالومنيوم قد تغلق ابوابها اذا لم تفلح في تجديد عقود الكهرباء الرخيصة التي سبق ان حصلت عليها ويقول اتحاد الالومنيوم الاوروبي ان التهديد بالاغلاق يخيم علي ثلثي مصانع الالومنيوم الاوروبية كذلك فإن ارتفاع اسعار الكهرباء في جنوب افريقيا سيمنعها من اقامة مصانع الومنيوم جديدة وفيما عدا الصين فإن كل مصانع الالومنيوم في العالم يتوقف استمرارها من عدمه علي منحني التكاليف التي تمثل الطاقة اهم عناصرها الي جانب اجور العمال.