أكد رجال الأعمال أن ملف التغير المناخي مطروح علي "أجندتهم"، وأشار إلي امتلاكهم رؤية واعدة لتوظيف مساهمتهم للحد من الانبعاثات الحرارية والكربونية الناتجة عن قطاع الصناعة من ناحية، والدخول في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة بوصفها مشروعات المستقبل. ورغم أن الطريق غير ممهد الآن أمام أغلبهم خصوصا في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية، إلا أن الاهتمام الحكومي بترسيخ مبدأ الاستدامة كطريق للتنمية ومواجهة التحديات التي تفرضها قضية التغيرات المناخية يمثل نقطة مضيئة تشير إلي جدية المبادرة وتشجع القطاع الخاص علي القيام بدوره كشريك. يشير د. علاء عز - أمين عام المنظمات المصرية الأوروبية - إلي أن اهتمام المستثمر المصري بقضايا البيئة ومساهمته في الحفاظ عليها بوجه عام لم يعد خيارا ترفيهيا كما يظن البعض، بل أصبح التزاما اجتماعيا ومهنيا فرضته شروط التصدير إلي الأسواق المربحة التي تنص علي ضرورة بالالتزام البيئي في إنتاجه للسلع كشرط لرواجها في بعض الأسواق الخارجية. يضيف عز ينبغي أن ندرك جيدا أن رؤية القطاع الخاص لملف التغير المناخي وقضايا البيئة، أصبحت بالفعل أكثر نضجا خلال الفترة القليلة الماضية والمطلوب خلال الفترة القادمة توعية المزيد من المستثمرين بكيفية المشاركة الفعالة في الحد من الانبعاثات الحرارية والكربونية في الصناعة، بوصفها أداة تخدم مصلحة استثماراته في المقام الأول وهو الفكر الذي تبنته جمعية شباب الأعمال في مؤتمرها الأخير، وتتبناه المنظمة المصرية الأوروبية، خاصة وأن هناك مساندة حكومية في هذا الصدد تدعم هذا الاتجاه في الصناعة والاستثمار. ويوضح عادل جزارين - رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين واتحاد الصناعات الأسبق أن ثمة وعيا متناميا لدي المستثمرين بقضية التغير المناخي وتأثيرها علي مصر باعتبارها واحدة من البلدان الأكثر عرضة للاثار المدمرة، مؤكدا أن القطاع الخاص المصري لديه استعداد كبير للمشاركة في التصدي لهذه التحديات عن طريق الدخول في مشروعات استثمارية خاصة بالطاقة المتجددة. ويري جزارين أن التحدي المقبل هو تنسيق الجهود بين الحكومة المصرية والمستثمرين لتحديد الفرص الاستثمارية الواعدة في هذا المجال، خاصة أن القطاع الخاص المصري أصبح لديه خلفية واضحة عن جدوي هذه المشروعات، حيث عمد بالفعل خلال السنوات الماضية إلي اقتحام مشروعات لتصنيع الخلايا الجديدة بالطاقة وكلها مشروعات ناجحة. ويطالب "جزارين" بالالتفات إلي البحث العلمي وزيادة الاستثمارات في مجالات بحوث الطاقة الاتجاه إلي ابتكار تقنيات جديدة ومحسنة في الصناعة وهو الهدف الأكثر طموحا لدول العالم بأسرها. ويقول د. شريف الجبلي - رئيس غرفة الصناعات الكيماوية ولجنة تحديث الصناعة باتحاد الصناعات - إنه من خلال مشاركته الفعلية كممثل للقطاع الخاص بمؤتمر كوبنهاجن يري أن مساهمة القطاع الخاص في الحد من الانبعاثات الحرارية أصبح ضرورة ملحة لتحقيق التنمية، وهو الدور الذي يسعي اتحاد الصناعات للقيام به من خلال وضع خطة واعدة لتحديد شكل هذه المساهمة وكيفية توظيفها مع الجهود الحكومية لخدمة مصالح الكل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية خلال الفترة المقبلة. ويوضح الجبلي أن الانبعاثات الكربونية لمصانع الأسمنت والحديد والصلب أصبحت بالفعل تشكل خطرا بيئيا يتعين العمل علي تحجيمه مستقبلا، وهو الأمر الذي يدفعنا إلي البحث عن طرق جديدة وآمنة في الصناعة. معربا عن تفاؤله بشأن القرارات التي خلص اليها مؤتمر كوبنهاجن والتي ستكون ملزمة بيئيا لعدد من الدول ومن ضمنها مصر. "تعظيم دور المستثمرين" فيما يشير عمر مهنا - رئيس الغرفة التجارية الأمريكية الأسبق - إلي أن اهتمام القطاع الخاص باقتحام مجالات جديدة للطاقة المتجددة يعد تجسيدا لمدي وعي المستثمرين بملف التغير المناخي في الفترة الأخيرة، وهو الأمر الذي دعا شركته إلي اقتحام مشروعات جديدة مع مجموعة من الشركاء الإيطاليين تهدف إلي إنتاج الطاقة بالرياح بوصفها طاقة المستقبل. ويتساءل مهنا: لماذا لا يتم استغلال الميزة النسبية التي يمتلكها المناخ المصري لتنفيذ المزيد من المشروعات في مجال الطاقة المتجددة، خاصة أن دول أوروبا تستعد خلال العشرين عاما المقبلة لاستيراد 25% من احتياجاتها من الطاقة من دول الشرق الأوسط؟. منوها إلي أنه قد حان الوقت لتعظيم دورنا في هذا الصدد، خاصة وأن مصر لديها مناطق تطل علي البحر الأحمر مثل منطقة الزعفرانة تم تصنيفها الثانية علي مستوي العالم من حيث امتلاكها ميزة طاقة الرياح. ويشير مهنا إلي أن ارتفاع تكلفة تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة لا تعد عائقا دائما أمام اقتحام مجالات الطاقة النظيفة داخل مصر، خاصة أن الوعي المتنامي بكونها طاقة المستقبل وملف التغير المناخي جعلها بديلا حقيقيا لتحقيق التنمية المستدامة. عادل العزبي - نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين بالاتحاد العام للغرف التجارية - قال إن المبادرة الحكومية للحد من الانبعاثات الحرارية والكربونية في قطاع الصناعة والتي اتخذتها وزارة التجارة والصناعة مؤخرا تعد بابا جديدا لتشجيع المستثمرين علي المساهمة في هذا المجال، مؤكدا أنه لابد أن يسبق هذه المبادرة تأهيل علمي لأصحاب الأعمال من خلال دورات توعية بقضايا التغيير المناخي وكيفية المساهمة في المشاركة الفعالة في هذا الصدد، بل عرض بعض الحلول المحتملة للحد من الاحتباس الحراري لانبعاثات الغاز في قطاعات مختلفة من الاقتصاد المصري، وفوائد القيام بذلك علي مستوي التنافسية الوطنية المستدامة. وينوه العزبي إلي أن مساهمة القطاع الخاص في الحد من الانبعاثات الحرارية مرهون بوضع آلية حكومية واعية تهدف إلي استغلال المنح الخارجية التي تأتي أغلبها من برامج المشاركة للاتحاد الأوروبي لتحفيز أصحاب الأعمال علي تبني مفهوم أكثر وعيا في التعامل مع البيئة. كما يتعين علي الجهات الحكومية المنوط بها تقديم هذه المنح، الخضوع لرقابة أمينة ورشيدة للتأكد من صرفها في أوجه الصرف الحقيقي لها، مقترحا أن يتم اشراك منظمات المجتمع المدني في تلك الرقابة.