في اليوم الرابع من الحرب يوم 9 أكتوبر تقدم جنرال الجو "بيليد" بخطة عرضها علي رئاسة أركان القوات الإسرائيلية، تهدف إلي الهجوم علي العمق المصري بكل طائرات سلاح الجو الإسرائيلي وذلك في هجمة واحدة فقط تستهدف ضرب الكيان الاقتصاد والصناعي بجانب الهجوم علي تجمعات مدنية ومراكز صناعية بجانب المناطق العسكرية. كان من المقرر ان تبدأ الخطة بهجوم جوي مركز في الساعات الأولي من صباح العاشر من أكتوبر وذلك علي بطاريات الصواريخ والقواعد الجوية. استعدت إسرائيل للعملية، وبدأ العد التمهيدي لها، لكن العملية ألغيت قبيل دقائق من ساعة الصفر المقررة لها "الخامسة من صباح العاشر من أكتوبر" وكان الإلغاء بقرار من مكتب رئيسة الوزراء أثناء اجتماعها مع موشي ديان ودافيد اليعازر رئيس الأركان وعقب اجتماعها مع "كينيث كبتنج" سفير أمريكا في إسرائيل آنذاك. كان سبب الإلغاء معلومات سرية مزودة بصور التقطتها أقمار التجسس الأمريكية تؤكد استعداد وقدرة القوات المصرية علي صد ومواجهة تلك العملية، ولو كان سلاح الجو الاسرائيلي قام بهذه المغامرة لفقد اكثر من ثمانين في المائة من طائراته، وهو ما كان سيعني تأكيد السيطرة المصرية علي سماء سيناء بل وأجواء إسرائيل. موشي ديان وزير الدفاع الاسرائيل أثناء حرب اكتوبر أدلي بشهادته عن المواجهة بين قوات اسرائيل والقوات المصرية المسلحة التي حطمت خط بارليف وتمركزت علي امتداد 130 كم علي الضفة الشرقية وفي عمق سيناء.. قال في مذكراته: إني أريد أن أصرح بمنتهي الوضوح بأننا لا نملك الآن القوة الكافية لإعادة المصريين إلي الخلف عبر قناة السويس مرة أخري.. إن المصريين يملكون سلاحا متقدما، وهم يعرفون كيفية استخدام هذا السلاح ضد قواتنا، ولا أعرف مكانا آخر في العالم كله محميا بكل هذه الصواريخ كما هو في مصر. إن المصريين يستخدمون الصواريخ المضادة للدبابات وللطائرات بدقة ونجاح تام، فكل دبابة إسرائيلة تتقدم نحو المواقع المصرية تصاب وتصبح غير صالحة للحرب. الموقف الآن هو أن المصريين قد نجحوا في أن يعبروا إلي الشرق بأعداد من الدبابات والمدرعات تفوق ما لدينا في سيناء، والدبابات والمدرعات المصرية تؤيدها المدافع بعيدة المدي وبطاريات الصواريخ والمشاة المسلحون بالصواريخ المضادة للدبابات. يستمر ديان في الحديث قائلا: إن المصريين يملكون الكثير من المدرعات وهم أقوياء، وقد ركزوا قواهم طوال السنوات الماضية في إعداد رجالهم لحرب طويلة شاقة بأسلحة تدربوا عليها واستوعبوها تماما.. ولهذا فإننا تخلينا عن خططنا الخاصة بدفع المصريين للخلف عبر قناة السويس.. إن الأهم بالنسبة للاسرائيليين والعالم الاعتراف بأننا لسنا أقوي من المصريين، وأن حالة التفوق العسكري الإسرائيلي قد زالت وانتهت إلي الأبد.