صدقت توقعات الخبراء بشأن انخفاض معدلات النمو في أعقاب الأزمة المالية فبعد مرور عام علي الأزمة انخفض المعدل من 7.1% وهو الرقم المحقق قبل الأزمة إلي 4% بسبب التأثير السلبي الذي لحق بقطاعات اقتصادية عديدة مثل انخفاض ايرادات قناة السويس والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج، إلي جانب انخفاض تدفقات الاستثمار ومعدلات التصدير مما أثر علي إنتاج الشركات وبالتبعية انخفضت الأرباح وبناء علي ذلك انخفض معدل النمو. ويوضح د.محمد يوسف مدير مركز الدراسات التجارية بجامعة القاهرة أن انخفاض معدل النمو من 7.1% قبل الأزمة المالية إلي 4% بعد مرور عام علي الأزمة أمر منطقي وواقعي، مضيفا أن المجالات والأنشطة التي حافظت علي معدلات النمو قليلة ومحدودة مثل قطاعات الاتصالات والانشاءات والسبب قيام الحكومة بضخ حوالي 15 مليار جنيه لدعم هذا القطاع إلي جانب قطاعي البنوك والتأمين اللذين استطاعا الحفاظ علي معدل نمو معقول، في الوقت الذي انخفضت فيه معدلات النمو لأقل من 4% في أنشطة الزراعة والصناعة والسياحة والاستثمار حيث تعرضت هذه القطاعات لمشكلات عديدة علي مدار العام الماضي مما أدي إلي انخفاض معدلات النمو المحققة مسبقا بصورة كبيرة. وينوه محمد يوسف إلي أن 48% من الناتج المحلي في قطاع الخدمات كالبنوك والسياحةوالتأمين و52% سلعا ومنتجات مشيرا إلي أن هناك انخفاضا لحق ببعض القطاعات في حين استطاعت قطاعات أخري الصمود في وجه الأزمة. ويوضح يوسف أن رقم 4% كمعدل نمو أعلنت عنه الحكومةبعد مرور عام علي الازمة استطاعت بعض الأنشطة بتحقيقه وليس الاقتصاد ككل ورغم ذلك فهو رقم ايجابي لأن هناك دولا كثيرة حققت معدل نمو سالبا، ويحسب للحكومة المصرية دعمها بعض القطاعات من أجل الحفاظ علي معدل نمو ايجابي ولتعويض جانب من الاستثمارات المفقودة والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا حل تستطيع الحكومة ضخ مبالغ اضافية للحفاظ علي معدل النمو الحالي 4% والاجابة المنطقية تؤكد صعوبة اتخاذ هذه الخطوة في ظل عجز الموازنة التي تعاني منه الحكومة منذ فترة. وتري د.منال متولي رئيس مركز الدراسات المالية والاقتصادية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة أن جميع توقعات الخبراء عند بداية الأزمة المالية كانت تشير إلي حتمية انخفاض معدلات النمو بسبب التأثير السلبي الذي لحق بقطاعات اقتصادية عديدة مثل ايرادات قناة السويس والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج إلي جانب انخفاض تدفقات الاستثمار ومعدلات التصدير مما أثر علي إنتاج الشركات وبالتبعية انخفضت الأرباح وبناء عليه انخفضت معدلات النمو. وتوضح د.منال متولي أن الأمر يتطلب انتهاج أساليب عمل جديدة لتجنب المزيد من الانخفاض في معدلات النمو، ولن يتأتي هذا إلا عن طريق تشجيع الاستثمارات الداخلية لزيادة الطلب المحلي خاصة وأن نسبة كبيرة من الإنتاج يتم تصريفها محليا. وفيما يتعلق بعدم شعور المواطن بمردود معدلات النمو المعلنة من جانب مسئولي الدولة توضح منال متولي أن المشكلة لدينا تكمن في قيام المسئولين بالإعلان عن أرقام لا يشعر المواطن بأي مردود ايجابي لها وقد يكون السبب في هذا عدم احساس المواطن بأي اختلاف سواء ارتفع معدل النمو أو انخفض وتوضح أن دول العالم الاقتصادية الكبري تعاملت مع الأزمة الاقتصادية في البداية من منطق كونها أزمة مالية تطورت لتصبح أزمة اقتصادية حتي أصبحت أزمة تشغيل وللتعامل مع هذا التطور قامت هذه الدول بعمل خطط انقاذ مالي تبعتها خطط تحفيز اقتصادي وحاليا تحول الأمر إلي الاهتمام بمبادرة التشغيل. ويشيرد.ياسر جاد الله استاذ الاقتصاد بمركز بحوث ودراسات التجارة الخارجية جامعة حلوان إلي أن معدل النمو البسيط وفقا للأسعار الجارية ووفقا لبيانات وزارة التجارة الخارجية قد انخفض من 7.1% قبل الأزمة وهو حاليا يتراوح ما بين 3 4% مضيفا أن هذه هي الأرقام المعلنة من جانب الحكومة ولكن هناك أرقاما أخري تعلنها بعض الدراسات المتخصصة حيث تم حساب النمو الحقيقي المركب خلال الفترة من 1982 إلي 2007 وثبت أن معدل النمو بالاسعار الجارية لم يتجاوز 3.1% وبعد الأزمة حصل انخفاض لهذا المعدل حوالي 1%، مشيرا إلي أن ما يعلن عن طريق مسئولي الحكومة هو معدل النمو البسيط وليس معدل النمو الحقيقي بالأسعار الحقيقية. ويري جاد الله أن الانخفاض الذي حدث في معدل النمو في أعقاب الأزمة شيء طبيعي وهو نتاج منطقي لحالة الركود الاقتصادي الذي أعقب الأزمة حيث قامت مصانع وشركات عديدة بتسريح العمال فزادت معدلات البطالة وترتب علي ذلك انخفاض حجم الإنتاج مضيفا أن الأزمةلم تؤثر في الاقتصاد المصري بصورة سريعة كما حدث لاقتصادات دول عديدة، ومن ثم سوف تظهر تداعيات الأزمة بصورة أكبر خلال الشهور الستة القادمة.