حينما تولي الرئيس الأمريكي أوباما منصبه أكد ان حكومته ملتزمة بسلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط وينطوي ذلك علي تسوية للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني تفضي إلي انشاء دولتين، إسرائيل وفلسطين حيث يمكن للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني ان يعيشا بسلام وبأمن. في سياق تنفيذه لما وعد به، أو بالأحري محاولته ذلك طرح أوباما فكرة تجميد المستوطنات في الأراضي المحتلة لتشجيع الفلسطينيين علي استئناف التفاوض الغريب من نوعه حيث يتفاوض الجانبان دون اتفاق مبدئي علي طبيعة أو كنه الموضوع الذي يتفاوضان عليه. بالطبع رفضت اسرائيل وأصرت علي رفضها رغم التوسلات الأمريكية وكانت النتيجة مريعة صادمة فقد تراجع الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن مطلبه بوقف التوسع الاستيطاني في مسعي لتحريك مباحثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية وفق ما كشفت مصادر مسئولة من الجانبين الثلاثاء الماضي عقب لقاء ثلاثي للتصوير فقط جمع بينه وبين نتنياهو ومحمود عباس. يأتي اسقاط الطلب الأمريكي بعد استبعاد الحكومة الاسرائيلية أي تجميد كامل للاستيطان في الضفة الغربية مما أدي إلي استخدام الرئيس الأمريكي لهجة أكثر ليونة وأقل تشددا تجاه المستوطنات فقد صرح عدد من المسئولين الأمريكيين أن أوباما توجه بحديثه لعباس قائلا انه رغم اعتقاده بأن تجميد المستوطنات سيوجد بيئة أفضل لانطلاق المفاوضات إلا أن ذلك لا يعني اتخاذها ذريعة لرفض المشاركة فيها. دعا الرئيس الأمريكي في مستهل الاجتماع الجانبين لتقديم تنازلات قائلا: عزز الفلسطينيون جهودهم الأمنية لكنهم بحاجة لعمل المزيد لوقف التحريض وللمضي قدما بالمفاوضات كما سهل الاسرائيليون قدرا أكبر من حرية التنقل للفلسطينيين وبحثوا في خطوات مهمة لكبح جماح النشاط الاستيطاني لكنهم بحاجة لترجمة هذه المباحثات الي عمل واقعي في هذه وغيرها من القضايا. ولفت أوباما الي ان وقت الحديث عن بدء المفاوضات قد انقضي وآن الأوان للمضي قدما وأردف: لقد آن الأوان للتحلي بالمرونة والحس السليم وشعور وروح التراضي والحلول الوسط الضرورية لتحقيق أهدافنا ومفاوضات الوضع الدائم يجب أن تبدأ وتبدأ في وقت قريب والأهم من ذلك علينا ان نقدم لهذه المفاوضات الفرصة لكي تكلل بالنجاح. يتعلل نتنياهو بأن الخوض في موضوع الاستيطان سيؤدي الي انهيار حكومته الائتلافية التي يشارك فيها اليمين المتطرف ويفرض شروطه علي الحكومة الاسرائيلية ولكن هذه العلل لا تنفي السبب الرئيسي في عدم اكتراث اسرائيل بالمفاوضات أو بعروض السلام العربية وهو اقتناع اسرائيل بأن الجانب الآخر "العربي والفلسطيني" في حالة من الضعف والاستجداء لا تسوغ تقديمها أي تنازلات بالنسبة إلي الاستيطان أو أي شيء آخر.