تداولت الصحف خلال الأيام الماضية أخبار تحرير سفينتي صيد مصريتين من قبضة القراصنة الصوماليين باهتمام شديد، وقامت بتسليط الأضواء علي بطولة الصيادين في مواجهة تغول القرصنة الصومالية الذي صار صداعا في رأس الملاحة الدولية، ويبدو أن المغامرة المصرية استهوت الرأي العام إلي درجة دفعت أحد مخرجي أفلام الأكشن للاهتمام بتصوير فيلم عن هذه الواقعة، ولكن هل من المعقول أن يعمل بيزنس الملاحة المصري في أجواء أفلام الأكشن، لماذا لم تتكاتف شركات الملاحة المصرية في توفير التأمين والحراسة لسفنها ضد عمليات القرصنة الصومالية حتي الآن؟ وما هي الوسائل لتحقيق ذلك؟ هذه هي الأسئلة التي طرحناها علي الخبراء في هذا التحقيق. يقول أحمد العقاد رئيس غرفة ملاحة دمياط أن مهمة تأمين السفن الملاحية المصرية من عمليات القرصنة تقوم في الأساس علي عاتق شركات التأمين لافتا إلي أن غرف المالحة تفكر جديا في الوقت الحالي في عرض تصور عن تغطية تأمينية لمخاطر القرصنة علي شركات التأمين بحيث تضاف قيمة مضافة في القسط للتأمين ضد هذا الخطر. أما عن حراسة السفن من القرصنة فيقول العقاد إن الاعتماد علي شركات حراسة خاصة لتحقيق هذا الغرض قد لا يحقق الهدف المطلوب، حيث إن السفن تتحرك بطاقم معين ولا يمكن إضافة أفراد جدد لهذا الطاقم وان أمكن لن يكون بالعدد اللازم لمقاومة القراصنة، إلا أنه يشير إلي الحاجة لنشر التوعية بين شركات الملاحة بشأن الاحتياطات التأمينية اللازمة ضد عمليات القرصنة، موضحا أن سرعات السفن عنصر مهم جدا حيث إن بعض السفن سرعتها تكون بطيئة وبذلك تكون أسهل في الاختطاف خاصة وأن سرعات زوارق القراصنة الصوماليين تصل إلي 50 و 60 عقدة وهي سرعة مرتفعة للغاية، كذلك يعطي السفن قد لا تكون حديثة بالشكل الكافي لمناورة سفن القرصنة، لذا فمن الضروري نشر الوعي في قطاع الملاحة المصري بإعادة تجهيز السفن وأن تكون رادرات السفن أكثر دقة لرصد التحركات وأن نيكون علي السفينة ورديات مناوبة أكثر ومراقبة أكبر علي مقدمة ومؤخرة السفينة. العلم المصري يشير د. رفعت رشاد رئيس الجمعية العربية للملاحة إلي الدور المهم الذي تقوم به القوات الدولية في تأمين خليج عدن ضد عمليات القراصنة، إضافة إلي دور السلطات المصرية في تحرير السفن التابعة لمصر التي تتعرض للقرصنة، إلا أنه يلفت إلي أنه لكي يتم اعتبار السفينة مصرية يجب أن ترفع العلم المصري ولكن المشكلة أن بعض السفن لا ترفع العلم المصري حتي تدفع ضرائب أقل أو لا تخضع للقواعد المصرية وبالتالي لا تتمتع هذه السفن بالجنسية المصرية التي تعد شرطا ضروريا لتدخل السلطات المصرية لتحريرها من القراصنة. كما ينبه إلي أن مراكب الصيد المصرية مراكب صغيرة وتعمل بطرق بدائية وأحيانا ما يدخلون للصيد في مناطق غير مسموح لهم بالدخول فيها لذا من المهم للغاية نشر التوعية بين أصحاب هذه المراكب لتجنيبهم مخاطر القرصنة. بوليصة تأمين يشير مجدي البندراوي رئيس لجنة الجمارك بغرفة ملاحة الإسكندرية إلي أن الغرفة تدرس فكرة عمل بوليصة تأمين مجمعة ضد مخاطر القرصنة، إلا أن المشكلة أن قطاع الملاحة المصري يضم فئات مختلفة كبواخر البضائع العامة والكونتينر والبواخر الجوالة ومراكب الصيد لذا قد تكون هناك صعوبة في جمع كل هذه الفئات في بوليصة تأمين مجمعة لمخاطر القرصنة. فيما يلفت حمدي برغوت خبير النقل الدولي إلي أن عمليات القرصنة الصومالية لا تمثل خطرا كبيرا علي الاقتصاد المصري نظرا إلي أن الاسطول المصري في البحر الأحمر ليس كبيرا. ويلفت برغوت إلي أن ما يزيد من الخطر هو أنهم يتمتعون بقدرات متقدمة للغاية حيث إنهم يهاجمون السفن "بسيبد بوت" يصل سعره إلي أكثر من 4 ملايين دولار تصل ويتميز بسرعته الكبير متسائلا عن كيفية توفير هذه الأدوات المتقدمة في بلد فقير مثل الصومال، ويعتقد أنه من الممكن أن تكون هناك جهات خارجية توفر هذه الأدوات للقراصنة الصومالية لتحقيق أهداف سياسية معينة.