ماذا يقول أهل الاقتصاد عن هذه القضية؟ أجمع خبراء الاقتصاد علي أن دراسات الجدوي هي المعيار الوحيد لتحديد مصير منطقة الضبعة وتحديد وجهتها سواء إلي المشروع النووي أو السياحي. أوضحوا ان المشروعات النووية لها طبيعتها الخاصة حيث تحتاج فالدرجة الأولي إلي إرادة سياسية قبل القرار الاقتصادي، كما أوضح بعضهم أن المحطة النووية هي الخيار الاقتصادي الأفضل لهذه المنطقة وأشاروا إلي أن الفرص البديلة لا تحكمها فقط المعايير الاقتصادية ولكن معايير الأمن القومي بالدرجة الأولي. وهكذا تحدثوا: يوضح الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق واستاذ الاقتصاد انه في فترة توليه رئاسة مجلس الوزراء عامي 1985 و1986 تم الإعلان عن مناقصة لإقامة محطة نووية في منطقة الضبعة ولم يكن هناك وقتها أي خلاف علي المنطقة حيث كانت خالية من الأماكن السياحية مضيفا ان خبراء الطاقة النووية أكدوا في ذلك الوقت ان المكان مناسب تماما لإقامة المحطة مشيرا إلي ان الوضع الآن يختلف حيث أصبح الساحل الشمالي مليئا بالأماكن السياحية ولا أدري هل يناسب إقامة المحطة النووية أم لا؟ ويري الدكتور لطفي ان الاجابة تكون لخبراء الاقتصاد بإجراء دراسة جدوي دقيقة لما هو الصالح والمفيد حول ما إذا كانت المنطقة تصلح كمنطقة سياحية مكملة لمناطق الساحل الشمالي السياحية أم تتم اقامة المفاعل النووي بها بحيث تستفيد منه المنطقة وتستفيد مصر أيضا من هذه المحطة. علامة جدية ومن جانبه، يوضح الدكتور محمود عبدالحي مدير معهد التخطيط القومي السابق ان الخبراء سبق ان درسوا الموقع الذي ستقام عليه المحطة النووية بالضبعة ومن وجهة نظره يتفق مع الرأي الذي يري ان تكون الأولوية لإنشاء المحطة النووية بدلا من انشاء المشروعات السياحية عليه ويتساءل: كم سيكون معدل الاشغالات في هذا المكان من السياح؟ وما هو العائد الاقتصادي الذي سيعود علي الدولة نظير ترك ذلك الموقع بعد ان تم الصرف عليه الملايين من الجنيهات ثم نتركه مرة أخري لاقامة مشروع سياحي ويلفت الي ان المشروعات السياحية من الممكن أن تقام في أماكن عديدة علي السواحل المصرية مثل أسوان والغردقة وشرم الشيخ والبحر الأحمر مشيراً إلي أنه لو تم التخلي عن إقامة المشروع في منطقة الضبعة فلن يكون لدينا أي جدية لإقامة أي مشروع لمحطة نووية في أماكن أخري لأننا سنستغرق عشرات السنين من البحث والدراسة من جديد. ويؤكد مدير معهد التخطيط القومي ضرورة أن تكون لدينا إمكانيات للحصول علي الوقود النووي لتشغيل المحطة النووية حتي لا نقع تحت جماعات الضغط من الدول التي ستشكل عبئاً علينا في الحصول علي الوقود. ويخلص الدكتور عبدالحي إلي ضرورة وجود إرادة سياسية للموافقة علي موقع الضبعة كمكان مدروس ثم نتجه للبحث عن أماكن أخري لإقامة محطات نووية أخري كما في الصين والهند وكوريا وروسيا وغيرها من الدول التي تمتلك 5 إلي 10 محطات نووية سلمية تنتج الطاقة النظيفة. أما الدكتور جاب الله عبدالفضيل أستاذ الاقتصاد وعميد تجارة وإدارة أعمال بجامعة حلوان فيري أن إقامة المحطة النووية في منطقة الضبعة مرهون بعدد من الاعتبارات أهمها الأمن القومي، والاعتبارات الجولوجية والمناخية ثم الاقتصاد الذي يخدم جميع هذه الاعتبارات مشيرا إلي أننا نتحدث عن منظومة متكاملة وشاملة وطبقا للأولوية المطروحة، وأوضح أن الذي يحدد صلاحية المكان من حيث عملية الإنشاءات والاعتبارات المناخية والأمن القومي والمصلحة الاقتصادية هي الأولويات المطروحة والذي يأخذ هذا القرار هم مجموعة من المتخصصين في كل من هذه المجالات وقال إننا لا نتحدث عن تكلفة الفرصة البديلة بأنها تكون اقتصادية فقط وإنما نتحدث عن اعتبارات الأمن القومي والاعتبارات الأخري التي تخدم الوطن حيث يمكن أن تكون هذه التكلفة أكثر فداحة إذا أنشأنا المحطة وكان هناك خطر علي الأمن القومي ولا نستطيع الدفاع عنها أو خطر جولوجي مثل حدوث الزلازل أو غير ذلك، ويخلص الخبير الاقتصادي الدكتور جاب الله في نهاية تحليله إلي أن المخطط لا يركز علي بعد واحد للقضية وإنما يركز علي جميع الأبعاد من أجل المصلحة العامة. مزايا المحطة النووية ومن جانبه، يوضح الدكتور يسري طاحون رئيس قسم الاقتصاد وإدارة الأعمال بتجارة طنطا أن دراسة الجدوي للمشروعات الاقتصادية هي التي تحدد مدي المنافع الكلية التي تعود علي الدولة سواء من إقامة المشروع السياحي أو إقامة المحطة النووية ويشير إلي أنه لو تم إجراء تقييم للمشروعات السياحية بمنطقة الضبعة فإننا نسأل كم ستوظف هذه المشروعات من العمالة وكم سيعود منها للدخل القومي من عملات صعبة وأجنبية ومن المستفيد من هذه المشروعات هل الاقتصاد أم عدد من الأفراد وأصحاب المصلحة.. أما إذا قلنا إن الأفيد هو إقامة المحطة النووية وقمنا بتقييمها فسنجد أولا أن المحطة ستعطي القوي المحركة التي تستطيع أن تحقق التوسع العمراني المؤهل لإقامة تجمعات سكنية ومشروعات سياحية وغير سياحية بالمنطقة من خلال توفير الطاقة اللازمة لهذه المشروعات وثانياً نستطيع بهذه القوي المحركة ومنها الكهرباء أن نقوم باستصلاح ملايين من الأفدنة غير المستصلحة وإضافتها كأراض جديدة للرقعة الزراعية في مصر وبالتالي سيكون لدينا وفرة في الأمن الغذائي وتوفير فرص العمل للشباب وثالثاً أن هذه القوي المحركة ستخدم العديد من المناطق الصناعية الجديدة التي ستقام عن طريق المشروعات الجديدة التي تتبناها الدولة حيث إن هذه الطاقة تمثل 40% من تكلفة أي صناعة جديدة وبالتالي حينما نوفر الطاقة فإننا نوفر هذه النسبة من التكلفة الإجمالية للمشروع وتكون بأسعار زهيدة ويحظي صاحب المشروع بمميزات تنافسية كبيرة بعد حصوله علي الطاقة بتكاليف أقل. كما يلفت الدكتور طاحون إلي أن الطاقة المنتجة من المحطة النووية ستكون نظيفة وآمنة ستعمل الحفاظ علي البيئة ولن يكون هناك عوادم كالطاقة الحفرية من البترول ومشتقاته. إلي جانب أن هذه الطاقة ستعمل علي تسيير القطارات ووسائل النقل والمواصلات بشكل آمن من خلال استخدام الطاقة الكهربائية بدلاً من المواد البترولية كما هو الحال الآن في دول فرنسا وغيرها وبهذا فإننا نوفر المخزون الاستراتيجي للدول من البترول والمشتقات الأخري له. ويخلص الدكتور طاحون إلي أن إقامة محطة نووية لتوليد القوي الكهربائية بمنطقة الضبعة لابد أن تحظي بأولوية كبري عن إقامة مشروعات سياحية كما أنها ستكون قائدة لركب التنمية الاقتصادية لمصر.