تتصاعد اليوم أحلام نتنياهو مع حكومته اليمينية المتطرفة ومع رأي عام إسرائيلي يساند هذه اليمينية الجامحة وعليه شرع نتنياهو في وضع شرط اعتراف الفلسطينيين يهودية الدولة الاسرائيلية كأساس للسلام بالاضافة إلي تنازلهم عن حق العودة والقدس وعلي الجانب الآخر شرع يدعو العرب إلي لقائه بلا شروط فالمرحلة مرحلة شعارات ولقاءات عبثية لا جدوي منها فهي بلا أجندة وبلا مرجعية. أحلام الصهاينة وفي معرض المصادقة علي الأحلام سارع شيمون بيريز في منتصف يوليو الماضي ليشيد بما حققته إسرائيل اليوم قائلا إن الواقع الذي نشأ حاليا أكبر من الحلم الصهيوني حجما وعظمة، فعدد اليهود الذين وصلوا إلي إسرائيل كان أكبر من المتوقع والدولة التي قامت أقوي مما قدرنا وجيش الدفاع الذي أقامته إسرائيل فاجأ العالم بقدراته ثم أضاف: اسمحوا لي أن أقول الآن بالامكان أن نحلم بشرق أوسط جديد وينبغي توقع نهاية للحرب ويجب التطلع إلي استخراج طاقة شمسية تعكس ضوءا ودفئاً علي الجميع ومياها صافية للجميع وهواء نقيا للفقراء والأغنياء. وقاحة ليبرمان أما افيجدور ليبرمان وزير الخارجية فلقد وطن العزم علي الاستمرار في وقاحته واجترائه علي مصر عبر محاولته افتعال أزمة جديدة معها من خلال ما قيل عن عزمه تعيين سفير جديد لتل أبيب في القاهرة من حزب إسرائيل بيتنا وأحد المقربين جدا لليبرمان السفير الجديد يدعي شاؤول كاميسا 53 عاما وهو من خارج وزارة الخارجية الأمر الذي أثار قلقا في الأوساط الاسرائيلية نفسها إلي حد بادرت معه تسيبي ليفني زعيمة كاديما بالاعتراض عليه علي أساس أنه ليس من الدبلوماسيين وعلي أساس أنه غير مؤهل وغير مطلع علي العلاقات الثنائية مع مصر مما يشكل صفعة لموظفي الخارجية. من هو شاؤول كاميسا؟ الجدير بالذكر أن شاؤول كاميسا هذا صاحب ماض عسكري الأمر الذي سيؤثر بالسلب علي الدبلوماسية الاسرائيلية وعلي العلاقات مع مصر غير أن هذا لن يكون غريبا علي ليبرمان الذي اعتاد تعيين لمقربين منه في مناصب حساسة ولا يخفي أن كاميسا كان مرشحا لرئاسة مجلس مستوطنة حتصور في الجليل الأعلي ولكنه فشل في الانتخابات الأخيرة كما أن الشرطة مازالت تحقق في مخالفات ارتكبها خلال الانتخابات الأخيرة التي جرت في نوفمبر من العام الماضي وجاءت بحكومة نتنياهو وإذا تم تعيين كاميسا بالفعل سفيرا بالقاهرة سيكون ذلك بمثابة تحد لمصر ولرأس السلطة فيها. ترسيخ يهودية الدولة أمر آخر مضي فيه الكيان الصهيوني ترسيخا لتهويد دولة إسرائيل عندما شرع يسرائيل كاتس وزير المواصلات في استبدال اسماء المدن العربية في إسرائيل واسماء بعض المدن في الضفة باسماء عبرية حتي أن اللافتات المؤدية إلي القدس استبدلت ب"يروشلايم"، وكذلك اللافتات التي تشير إلي الطريق ل"تل أبيب" ستصبح تيل أفيف، ويافا ستتحول يافو، والناصرة إلي نتسرات، عكا إلي عكو، وصفد إلي سفاد كما سيتم شطب عدة مدن فلسطينية في الضفة مثل الخليل ستصبح حيفرون وستصبح نابلس شخيم، اللد "لود"، بئر سبع بئر شيفع وقال كاتس وهو أحد أقطاب الجناح اليميني المتطرف في حزب الليكود أنه لا يمكن لأحد الآن تحويل أورشليم اليهودية إلي القدس الفلسطينية..! الالتصاق بالعنصرية وهكذا تكون إسرائيل قد زيفت التاريخ من خلال لافتات الشوارع ونزعت هوية المكان وهوية الوطن واسماءه وشواهده وإذا كان ما حدث ليس جديدا بوصفه متجذرا في المؤسسة الصهيونية وليس عفويا إلا أن منسوب العنصرية في حكومية بنيامين نتنياهو يرتفع يوما بعد يوم إلي الحد الذي أصبح هو المقياس لنجاح أي سياسي في الحكومة وفي الكنيست ولهذا رأينا من يزايد ويري في الالتصاق بالعنصرية السبيل للوصول إلي التصعيد في المناصب العليا ولكن ماذا بالنسبة للفلسطينيين وهل هذا يعني زوال الوطن؟ لاشك أن الوطن الفلسطيني باق يعرفه أبناؤه باق في الوعي والضمير والواقع. إسرائيل والتطاول علي التاريخ إن ما تفعله إسرائيل هو تطاول علي التاريخ ولهذا رأينا كاتس الفاشي الصهيوني اليميني المتطرف يخرج وفي جعبته هذا القرار الآثم الذي أراد بواسطته تغيير هوية المكان ولا غرابة ف"كاتس" هذا كان يقود قطيع اليمين الفاشي العنصري في الجامعة العبرية ضد العرب بل إنه بني موقعه السياسي من خلال التحريض العنصري ومن ثم وصل إلي ما يريد وأصبح وزيرا غير أنه مأفون وغبي فيما إذا اعتقد أن تغيير أسماء اللافتات من شأنه أن يغير هوية المكان وأن يحقق ما يصبو إليه من اقتلاع الجذور من خلال حملة الترانسفير ولكن هيهات. قمة في العنجهية هذا هو المجتمع الاسرائيلي اليوم تلفه غمامة العنصرية، وترتع في أنحائه مزايدة بين أقطاب الليكود.. كل يريد أن يحسم المباراة لصالحه.. وكل يريد الفوز بالغنيمة في سباق العنصرية أما نتنياهو فلقد جاء ومعه رؤي تخدم صهيونية الدولة حتي النخاع فمعه تتحرك إسرائيل بوصفها قوة كبري في المنطقة تفرض ما تريد علي أرض الواقع.. تتجاوز القانون.. تمرح وتعربد وتنتهك سيادة الجميع دون محاسبة أو مراجعة.. تصادر الحقوق وتعصف بالشرعية والمواثيق الدولية.. تتسلح حتي الأنياب.. تكثف الاستيطان.. تفرض الحصار.. تفعل كل ذلك دون أن يكون لأحد حق الاعتراض أو الرفض إنها إسرائيل الدولة اليهودية قمة في العنجهية. رجاء لا تراهنوا علي الغرب أمام كل هذا ما الذي يتعين علي العرب فعله؟ علي الساسة العرب أن يتفهموا هذه الرؤي ويعملوا علي مجابهتها بشكل يتناسب مع معطيات الواقع السياسي في المنطقة علي العرب ألا يتنازلوا وإلا فإنهم لو فعلوا سيجدون أنفسهم مطالبين بالاقرار بعدم حقهم في العيش علي كوكب الارض في خضم مراوغة الصهاينة وجدالهم اللامتناهي وفي ظل دعم أمريكا والغرب لهذا الكيان المزروع عنوة في قلب العالم العربي ولهذا يظل الأمل معقودا علي ألا يراهن العرب علي الغرب في حل قضاياهم وأن يعتمدوا علي أنفسهم لازالة هذه الغمة.