بعد إعداد مكثف قامت به جامعة الدول العربية لانعقاد أول قمة عربية مخصصة للقضايا الاقتصادية والتنموية يومي 19 و20 يناير 2009 التأمت القمة في الكويت في ظل اوضاع سياسية واقتصادية متردية شهدتها المنطقة العربية، وازمة اقتصادية دولية طاحنة لم يشهد العالم مثيلا لها منذ الانكماش الذي اصاب الاقتصاد الدولي في بداية ثلاثينيات القرن العشرين. بالاضافة إلي ما تعرض له الشعب الفلسطيني من تصاعد في الإجراءات الاسرائيلية غير الشرعية في الاراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة من حصار وقيود وغلق المعابر وبناء المستوطنات وتوسيعها في الاراضي الفلسطينية التي صادرتها سلطات الاحتلال، بما في ذلك المناطق المتاخمة للقدس، فقد تطور موقف حكومة ايهود أولمرت المستقيلة إلي هجوم كاسح علي قطاع غزة 27 ديسمبر 2008 إلي 18يناير 2009 واستمرار العدوان الاسرائيلي لما يزيد علي ثلاثة اسابيع واسفر عن تدمير البنية التحتية في القطاع بما في ذلك محطات توليد الكهرباء والمدارس والمستشفيات والمساجد. كما سقط الشهداء حيث تجاوز عددهم 1500 وعدد لا يحصي من الجرحي، ومما يعد تطورا خطيرا في سجل التعنت الاسرائيلي بالنسبة لمسيرة السلام مع الفلسطينيين التي اطلقها مؤتمر انابوليس تحت رعاية الرئيس الامريكي السابق جورج بوش في خريف 2007 جريا وراء سراب "خريطة الطريق" ووعود تنقصها المصداقية من اجل تحقيق السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الاوسط، بما في ذلك اقامة دولتين: فلسطينية واسرئيلية، تعيشان جنبا إلي جنب قبل نهاية 2008. فاذا بعام 2008 يمضي، ويخرج من عباءته العدوان الاسرائيلي الغاشم علي قطاع غزة، حيث استخدمت اسرائيل جميع انواع الاسلحة المحظورة دوليا وتغرب عن الشمس الإدارة الداعمة لاسرائيل للرئيس السابق بوش، وتبزغ مع قمة الكويت شمس إدارة جديدة للولايات المتحدةالامريكية هي إدارة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، مع الامل ان تكون اكثر مصداقية وحيادا وموضوعية في الدفع بجهود دءوبة علي جميع المسارات لكي يعم السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الاوسط بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف. واسفرت قمة الكويت عن بلورة موقف عربي مشترك إزاء العدوان الاسرائيلي علي الشعب الفلسطيني في القطاع. وهكذا توافقت إرادة القادة العرب علي إدانة العدوان الاسرائيلي الهمجي علي قطاع غزة، والمطالبة بوقف العدوان، والانسحاب الفوري من القطاع، وتثبيت وقف اطلاق النار بين الجانبين، ورفع الحصار وفتح المعابر، وهو ما انعكس علي ارض الواقع رغم تقاعس مجلس الامن عن تحمل مسئولياته لاتاحة الفرصة لاسرائيل لاستكمال عدوانها. وقد حملت قمة الكويت اسرائيل المسئولية القانونية عما ارتكبته من جرائم حرب، كما اكد القادة العرب علي تقديم جميع اشكال الدعم لمساعدة الشعب الفلسطيني واعادة اعمار غزة. ورحبوا بالمساهمات التي تم الاعلان عنها في هذا الاطار ودعوة الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي، وبالتعاون مع البنك الاسلامي للتنمية والبنك الدولي بسرعة وحصر وتقييم حجم الدمار الذي لحق بقطاع غزة. وقد كلف القادة العرب وزراء الخارجية والامين العام للجامعة العربية بالدفع بالجهود لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وتنقية الاجواء العربية. ومازالت الجهود المصرية دءوبة لجمع الفصائل الفلسطينية في القاهرة وتقديم العديد من المبادرات والصيغ اللازمة تحقيقا لذلك. ويعتبر تحقيق هذا الهدف محطة فاصلة لاعادة التلاحم بين السلطة الفلسطينية وحركتي فتح وحماس وباقي الفصائل، لتشكيل حكومة فلسطينية موحدة تتولي الاشراف علي اعادة اعمار غزة، وتتولي مسئولية استعادة مفاوضات جادة فيما بين السلطة الفلسطينية وحكومة اسرائيل الجديدة برئاسة زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو من النقطة التي انتهت اليها تلك المباحثات في ظل الحكومة الفلسطينية المحتلة منذ 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين الفلسطينيين، وازالة المستوطنات التي اقامتها اسرائيل علي الاراضي الفلسطينية المحتلة.