في معرض التجارة الدولية بشيكاغو عام 1959 أي منذ نصف قرن بالتمام والكمال استمتع الزوار لأول مرة بطعم شرائح اللحوم المشوية الغارقة في صلصة فول الصويا. وكان الذي يوزع شرائح اللحوم هذه هم مجموعة من الشباب الياباني. ولم تكن مهمتهم الحقيقية هي مجرد الترويج لهذه السلعة الجديدة، بل كانت علي وجه الدقة معرفة وقياس كيفية استقبال المستهلك الأمريكي لصلصة فول الصويا التي كان قد أقيم لها فريق تسويق جديد في السوق الأمريكية. وقد كان من بين هؤلاء الشباب بوزابورو موجي 24 عاما الذي كان يدرس آنذاك في كلية التجارة بجامعة كولومبيا وكان سليل إحدي الأسر اليابانية التي شاركت في تأسيس مصنع كيكومان لصنع صلصة فول الصويا منذ القرن السابع عشر الميلادي. وتقول مجلة "الايكونوميست" إن بوزابورو موجي استطاع بمرور الوقت أن يصل إلي قيادة شركة كيكومان عام 1995 أي منذ 14 عاما وأن يحولها في هذه الفترة القصيرة نسبيا إلي شركة عالمية للأغذية وأن يجعل من صلصة فول الصويا التي تنتجها ماركة مسجلة علي مستوي الكون.. ويقول موجي 74 عاما الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة وهي مهارة نادرة بين قادة الشركات اليابانية انهم توجهوا إلي المستهلكين غير اليابانيين وأن هذا جعل من شركتهم الآن أكبر شركة في العالم لإنتاج صلصلة فول الصويا الطبيعية. وقد ظلت مبيعاتها الدولية تزيد بنسبة 10% سنويا علي امتداد الخمسة والعشرين سنة الأخيرة. كما أصبحت زجاجاتها ذات الشكل المميز والمملوءة بالصلصة شائعة علي موائد المطاعم ومناضد المطابخ في مختلف دول العالم إلي جانب عبوات زيت الزيتون الإيطالي المستردة الفرنسية وتضع شركة انتربراند وهي شركة استشارية في مجال تصنيف الماركات العالمية شركة كيكومان ضمن أشهر الماركات اليابانية في العالم إلي جانب شركات السيارات وإلكترونيات المستهلك ذائعة الصيت. والحقيقة أن حظوظ شركة كيكومان تتسم بأنها حظوظ غير عادية ففي عام 1973 أصبحت أول شركة طعام يابانية تقيم مصنعا لها في أمريكا.. وقد تولي موص قيادة القسم الأمريكي من أعمال كيكومان منذ هذا الوقت المبكر وفي حين كانت الشركات اليابانية تتحاشي عمليات الاندماج والاستحواذ نشطت شركة كيكومان في شراء كل ما تريده من الشركات الأمريكيةواليابانية من أجل تحقيق التوسع الذي تسعي إليه، وفي يناير الماضي تحولت كيكومان إلي شركة قابضة وهو الأمر الذي سيعزز قدرتها علي الاستحواذ بشكل أسهل في قابل الأيام، ويعتز موص بالقيم والنظم التي أدخلها علي الشركة بما في ذلك نظام للخلافة وتعاقب القيادات، واعتبارا من عام 2004 بدأت كيكومان الاستعانة بكبار القادة من غير العائلات المؤسسة للشركة إلي جانب إعطاء قادة عملياتها في الخارج كل السلطات اللازمة لنجاح أعمالهم. وتحت قيادة موص زادت مبيعات كيكومان إلي أكثر من 4 مليارات دولار سنويا تمثل صلصة فول الصويا 20% منها أما ال 80% الأخري فتأتي من بيع أطعمة أخري داخل وخارج اليابان، وتعتبر كيكومان الآن أكبر تاجر جملة للأطعمة الآسيوية في أمريكا ولها عمليات مماثلة في كل من أوروبا والصين واستراليا، وهي تبيع الفاكهة والخضراوات المعلبة في آسيا تحت اسم ديل مونت ولها مصنع لتعبئة الكوكاكولا في اليابان، وتشكل المبيعات الخارجية 30% من إيرادات كيكومان ونحو 55% من أرباح العمليات وثلاثة أرباع هذه الإيرادات الخارجية تأتي من السوق الأمريكية بحيث يمكن القول إن كيكومان هي أكثر الشركات اليابانية اعتمادا علي تلك السوق. ورغم أن الركود العالمي قد أثر علي أرباح كيكومان إلا أن تأثيره لم يكن كبيرا ويقول موص انه في دورات الركود يصبح الطلب المنزلي علي منتجات الشركة أهم من طلب المطاعم والفنادق، ولذلك فإن ما تخسره كيكومان في شريحة من الطلب تكسب بدلا منه في شريحة أخري، ونظرا لأن كيكومان تستورد حاجاتها من القمح وفول الصويا من السوقين الأمريكية والكندية فإن ارتفاع قيمة الين تكون في صالحها، ولكن الخلاف الراهن بين أمريكا والمكسيك سيغير كيكومان خصوصا وأن المكسيك قد انتهزت فرصة هذا الخلاف لتفرض جمارك 20% علي وارداتها من أمريكا بما في ذلك صلصة فول الصويا. وتؤكد مجلة "الايكونوميست" أن السوق الأمريكية كانت أنسب الأسواق لتوسع كيكومان الخارجي وأن الشركة اليابانية دخلت هذه السوق منذ وقت مبكر.. ولم تعتمد كيكومان علي المطاعم الآسيوية في أمريكا فحسب وإنما اتجهت إلي كل المستهلكين وربات البيوت الأمريكيات من أجل ترويج منتجاتها وزيادة مبيعاتها من صلصة الصويا وغيرها. وتحرص الشركة علي مراعاة تنوع أذواق المستهلكين ولذلك فهي تبتكر المنتجات التي تناسب كل سوق من أمريكا إلي أوروبا واستراليا والصين وغيرها حتي أمريكا الجنوبية.
