يقول نيوت جينجريتش وهو رئيس سابق لمجلس النواب الامريكي عن الحزب الجمهوري إن النمو الاقتصادي في الولاياتالمتحدة خلال الثلاثين عاما الماضية كان يعتمد بشكل متزايد علي مصادر الطاقة الاجنبية وان هذا كان يضطر الامريكيين لارسال دولاراتهم إلي بلدان معادية للمصالح الامريكية ويجعل امريكا مكشوفة امام التقلبات في اسعار الطاقة. وتقول مجلة "نيوزويك" إن أزمات الطاقة المتكررة كانت تؤثر في الولاياتالمتحدة وان الرؤساء الامريكيين ابتداء من الرئيس ريتشارد نيكسون تحدثوا كثيرا عن ضرورة تحقيق مزيد من الاستقلال الامريكي في هذا المجال، ورغم كلماتهم القوية فإن أيامنهم لم ينفذ استراتيجية رشيدة لتحقيق هذا الهدف، بل ان تصرفات الحكومة عادة ما كانت تدفع المشاكل إلي مزيد من السوء. ويؤكد جينجريتش بوضوح ان أزمة الطاقة في امريكا ليست ناجمة عن قلة موارد الطاقة الامريكية، فأمريكا لديها فحم اكثر من أي بلد آخر في العالم ولديها احتياطات بترولية غير مستغلة تناهز 86 مليار برميل إلي جانب 420 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي تحت مياهها الاقليمية، كما ان احتياطات الزيت الحجري في بعض اجزاء ولايتي كلورادو واوتاه يمكن ان يكون فيها نحو تريليون برميل من البترول أي ثلاتة اضعاف الاحتياطات البترولية المؤكدة في السعودية أو اكثر. أضف إلي ذلك ان الطاقة النووية وهي مصدر نظيف للطاقة لا تنتج اية انبعاثات كربونية لاتزال غير مستغلة بما يكفي فهي لا تنتج سوي 20% فقط من اجمالي الكهرباء الامريكية. ويمكن القول علي ضوء ما تقدم ان ازمة الطاقة في الولاياتالمتحدة هي ازمة مفتعلة وانها ثمرة للسياسات الحكومية القاصرة. وعلي سبيل المثال فقد ظل الكونجرس حتي سبتمبر من العام الماضي 2008 يمنع التنقيب عن البترول والغاز الطبيعي في معظم الشواطئ الامريكية. ولايزال الكونجرس حتي الآن يمنع استثمار الزيت الحجري في جبال روكي علي الرغم من توافر تقنيات تجعل استخراج البترول منه يتم باسعار تنافسية، وبجانب ما تقدم فإن القرارات التي اصدرها الكونجرس في سبعينيات القرن الماضي بمنع اعادة تدوير الوقود النووي المتصب جعلت الشركات تتكلف الكثير من اجل التخلص الامن من هذا الوقود وهو امر حال دون بناء المزيد من محطات الكهرباء النووية. وحتي الآن في عام 2009 فإن الرئيس اوباما يضع العوائق التي تحول دون خفض اسعار الطاقة برغم ان ذلك يمكن ان يسهم في ايجاد الوظائف وتوفير النقود الامريكية، بل ان الرئيس يسعي لفرض ضرائب جديدة علي الطاقة ستؤدي كما قال مدير الميزانية في البيت الابيض إلي تحميل كل مواطن امريكي نحو 1300 دولاراضافية جراء هذه الضرائب. وكان اوباما نفسه قد اعترف خلال حملته الانتخابية بان فرض ضرائب علي الطاقة سيجعل اسعار الكهرباء في امريكا ترتفع بسرعة الصاروخ. ويقول جينجريتش في مقاله بمجلة "نيوزويك" إن ما تحتاجه امريكا هو سياسة رشيدة للطاقة تعبئ كل موارد الطاقة المحلية وتحمي البيئة في ذات الوقت وعلي سبيل المثال فإنه يجب فتح مناطق القطب الشمالي والزيت الحجري في كلورادو واوتاه لاستخراج البترول مع تعديل القوانين علي نحو يتيح للولايات الشاطئية المنتجة للبترول الحصول علي نصيب من الضرائب الفيدرالية مساو، لما تحصل عليه الولايات الاخري نظير ما تملكه من موارد برية ولا شك أن ذلك سيساعد الكثير من الولايات التي تعاني من نقص السيولة علي سد العجز في موزاناتها إلي جانب تحويل ابحاث الطاقة البديلة والمتجددة.. كما يجب منح شركات تكرير البترول إعفاءات ضريبة تساوي ما تتكبده من تكاليف خلال العام الاول من عملها اذا انشأت معامل تكرير توسع الطاقة التكريرية لدي الولاياتالمتحدة. كذلك بتعين علي الحكومة الفيدرالية طرح حزمة من الحوافز لتشجيع الابتكار في مجال الطاقة النظيفة بما في ذلك جائزة قيمتها مليار دولار معفاة من الضرائب لأول شركة تبدأ الانتاج الجماهيري لسيارة ذات سعر معقول تعمل بالهيدروجين. وجعل الحوافز الضريبية الممنوحة للشركات التي تعمل في انتاج الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية حوافز دائمة وذلك لاشاعة الاستقرار في هذه الصناعات الوليدة وتشجيعها علي إقامة شبكات نقل لمسافات بعيدة يمكنها نقل هذه الطاقة النظيفة من السهول العظمي إلي المدن. كما يجب تقديم تسهيلات للسيارات التي تستخدم انواعا متعددة من الوقود وتسهيلات لشركات الطاقة فيما يرفع عليها من قضايا فهذه الخطوات وغيرها مما سبق ذكره هي نقطة البداية لاية استراتيجية أمريكية وشيدة في مجال الطاقة بدلا من الاستمرار في هذه الازمات المفتعلة التي تضرب أمريكا بين الحين والحين.