عادت من جديد أسهم المضاربات لتفرض سطوتها علي بقية الاسهم العاملة في السوق المصري ولفتت من جديد الانظار واختطفت الاضواء وسط تحركات سريعة وعالية لبعض منها أعادت الذكريات لفترات الرواج قبل عام ونصف العام من الآن حين اشتدت وتيرة المضاربة ببعضها وشهدت اكثريتها طفرات سعرية لم تراها منذ ذلك الحين. وعلي الرغم من الأداء المتذبذب لمؤشر البورصة المصرية خلال الجلسات الماضية فإن ظاهرة الأسهم الصغيرة عادت الي السطح بقوة وشهدت اسهم المضاربات نشاطا ملحوظا لترتفع اسعارها لمستويات كبيرة بقيادة أسهم "الغربية الإسلامية" و"ليفت سلاب" و"أسيوط الإسلامية" وغيرها من الاسهم الأخري التي ارتفعت علي الرغم من عدم وجود أحداث جوهرية تؤثر في أسعارها. ووجه خبراء سوق المال تحذيرات جديدة للمستثمرين من الأسهم الصغيرة التي لا تمتلك أي مقومات مالية مؤكدين ان استمرار هذه الظاهرة سيكون له تأثيره السلبي علي البورصة بصفة عامة لأن هذه الأسهم تتضخم اسعارها بصورة ملحوظة وتمثل فقاعة يمكن ان تنفجر في أي لحظة معتبرين بأن القفزات غير المبررة في بعض اسهم الشركات قد تكون سببا في حدوث موجات تصحيح أو تراجعات عنيفة في الأسعار خلال الأسابيع المقبلة مما يهدد استقرار السوق. بداية، يقول وائل عنبة رئيس شركة الأوائل لإدارة المحافظ إن ارتفاع الأسهم الصغيرة دليل واضح علي وجود مضاربات عنيفة بالسوق وذلك لأن الجيمات يسهل تطبيقها في كلتا الحالتين الآتيتين: إما في حالة الصعود القوي للسوق والذي يصاحبه وجود سيولة جيدة وهو ما يدعم ارتفاعات الأسهم وإما في حالة الهبوط القوي للسوق الذي عادة ما تصاحبه حالة من اليأس تسيطر علي صغار المستثمرين وبالتالي نجد ان أغلبهم يبحثون عن مثل هذه الجيمات في محاولات من جانبهم لتحقيق ربح سريع. وأكد عنبة ان "الميكر" في السوق المصري يقوم بدوره بشكل جيد حيث يقوم بتوفيق أوضاعه علي أحد الأسهم ومن ثم يحاول لفت الأنظار الي صعود السهم حتي ينخدع المستثمرون وبالتالي يقومون بالشراء ليقوم هو بالبيع بعد أن يكون قد حقق مكاسب طائلة. وأشار عنبة إلي أن السوق قد بدأ في التحسن نسبيا، لافتا إلي ان المؤشر سيظل منفصلا في ادائه عن الأسهم الصغيرة موضحا انه حتي يستقر السوق وتظهر علامات تأثير الأزمة المالية العالمية واضحة فسوف يظل المؤشر في حالة تذبذب. ومن جانبه، يؤكد مصطفي الأشقر المحلل بشركة جراند انفستمنت لتداول الأوراق المالية بأن المضاربات موجودة في جميع بورصات العالم مشيرا الي ان اسهم المضاربات قد بدأت مرة أخري مع بداية تعاملات الاسبوع الجاري وحققت طفرات سعرية جيدة مشيرا الي ان المضاربين تعرضوا لخسائر فادحة خلال الأشهر الأخيرة والبورصة بدأت تستقر كما ان المضاربين استغلوا الاستقرار وعاودوا الشراء مرة أخري خاصة في الاسهم قليلة السعر وهو ما دفع تلك الأسهم للصعود بنحو ملحوظ خاصة ان اسعارها متدنية جدا وأي عمليات شراء بها تدفعها للصعود. وأكد الاشقر أن جميع الأسهم حدث بها عمليات تصحيح كبيرة وصعودها له مبرر فأغلبها فقد أكثر من نصف قيمته خلال الأشهر الأخيرة ومن الطبيعي ان تعاود هذه الأسهم صعودها مرة أخري. ويقول الأشقر ان ارتفاع الأسهم وتضخم اسعارها جاءا نتيجة سيطرة المضاربين علي التعاملات في السوق وتركيزهم علي بعض الأسهم الصغيرة التي يمكن السيطرة عليها حيث تتجه المضاربات الي الشركات ذات عدد الاسهم المحدود والرخيصة نسبيا حيث يمكن لمجموعات من المضاربين السيطرة علي الورقة آخذين في اعتبارهم وجود نسبة من الأسهم مع أعضاء مجلس الادارة ومن ثم القدرة علي الصعود بأسهم الشركة بصرف النظر عن الأداء أو نتائج الأعمال. واضاف أن ظاهرة القفزات السعرية السريعة لم تعد مقصورة علي عدد محدود من الاسهم كما كان سابقا حيث كانت الأضواء غالبا ما تنحصر في سهم أو عدد محدود من الأوراق المالية. ويقول: علي الرغم من المخاطر الكبيرة في اسهم المضاربات الصغيرة فإنها تحظي باهتمام المضاربين وصغار المتعاملين الذين يبحثون عن الربح السريع بعيدا عن أسهم الاستثمار والكوبون. ويتفق معه محمد عبدالحكيم مدير احد فروع شركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية الذي يؤكد ان السوق بدأ في مرحلة الارتداد خلال الجلسات الماضية مع الصعود الجماعي لأغلب الأسهم واستقرار التعاملات. واضاف عبدالحكيم ان المضاربين هم السبب في ارتفاع بعض الأسهم وهذا طبيعي؛ فالمضارب يبحث عن فرص استثمارية جيدة وجميع الاسهم اسعارها تدنت وبها فرص جيدة وهذا ما دفع العديد من المضاربين للعودة مرة أخري للسوق والتكتل علي بعض الأسهم ورفعها لتعويض جزء من خسائرهم. ويقول عبدالحكيم ان الأسهم الصغيرة انخفضت بنسب اكبر من الأسهم الكبري وبالتالي فإنه من الطبيعي ان تشهد هذه الاسهم عملية ارتداد وصعود لتعويض جانب من خسائرها، فضلا عن أن أغلب الاسهم الصغيرة يكون المتحكم فيها هم المستثمرين الأفراد الذي يغلب علي سلوكهم الاستثماري الطابع الاندفاعي وبالتالي فإن وجود أية كميات تداول ووجود سيولة قوية يدفعان هذه الأسهم للصعود بنحو ملموس. ويري ان المؤشر الجديد للسوق يستهدف خلال الأسبوع الحالي مستوي ال3800 نقطة خاصة بعد اقترابه مجددا من مستوي ال3600 الذي يعتبر نقطة دعم جديدة للسوق. ومن المعروف ان من أهم الفروق بين الاستثمار والمضاربة هو اختلاف العوائد المتوقعة والمخاطر المحتملة ومدة الاستثمار وعادة تكون المضاربة لوقت أقصر هو أيام أو أسابيع أو أشهر بينما تمتد فترة الاستثمار لسنوات؛ لهذا فإن التركيز بالمضاربة يقع علي المكاسب الرأسمالية ولا علي توزيعات الأرباح السنوية.. ونظرا لقصر الوقت الذي تستمر فيه المضاربة فإن العوائد المتحققة ينتظر لها أن تكون أكثر من عوائد الاستثمار ومن هنا يتميز المضاربون بحس استثماري مرهف ونشاط غير عادي بالسوق وتتبع الأخبار من جميع المصادر، كما ان تحقيق الأرباح يقابله احتمال تحقق خسائر وعلي المضارب ان يكون مستعدا لهذا الاحتمال أيضا والمضاربة أمر طبيعي في جميع اسواق الاسهم، والمضاربة في السوق تولد سيولة وبتوفير تلك الفئة التي تستعد دائما للبيع أو الشراء بالاسعار التي تحقق لها مكاسب قصيرة الأجل فقليل من المضاربة مفيد ولكن الخطورة ان يتحول السوق بأكمله الي سوق مضاربة ويصبح الاستثمار هو الاستثناء مما يوجد أزمات اقتصادية يصعب التخلص منها إلا باجراءات قاسية تصيب المجتمع بأسره وكما ان المضاربة تولد السيولة فإن العكس ايضا هو الصحيح فالسيولة الزائدة تحول الاستثمار الي مضاربة.