يؤكد عدنان يوسف رئيس اتحاد المصارف العربية أن المصارف العربية والخليجية، لا تواجه مشكلات في الفوائض المالية بالعملات الأجنبية، التي هي أساس الأزمة المتوسعة في الغرب، فالمشكلة الرئيسية التي تواجه المصارف ومؤسسات المال العالمية راهنا، وعلي المدي القصير، شح السيولة القصيرة الأجل. لذا من شأن الخطة تخفيف العبء كجرعة أولية علي هذا الصعيد. وقال إن المصارف المركزية العربية والخليجية أكدت استعدادها لضخ ما يكفي من الأموال في الأسواق إذا دعت الحاجة، ومن المتوقع حدوث ضغوط كبيرة علي هذا الصعيد، خصوصا أن المصارف المركزية بادرت إلي نشر بياناتها عن أوضاع مصارف بلدان المنطقة، بشفافية كلية. وبينت بوضوح، وفقا لما ورد في تصريحات محافظيها، أن المصارف الخليجية والعربية لم تطلها تأثيرات الأزمة، إلا في شكل محدود، مع توضيح مدي هذا التأثير والسبل المتخذة للتعامل معه، مشيرا إلي أن مصارف عربية تعرضت لخسائر جراء أزمة الرهن العقاري، وأعلنت في وقت سابق عن خسائرها وأعادت في وقت لاحق بناء رؤوس أموالها إلا أنه علي وجه العموم كانت هذه الخسائر محدودة للغاية وتقل في مجموعها عن 1% من مجموع أصول المصارف التجارية العربية. ويشير عدنان يوسف إلي أن استرجاع الثقة بين المؤسسات المالية في بلدان المنطقة، خطوة أولي نحو تخفيف القيود المتشددة وغير المبررة علي التعاملات، فيما بين هذه المؤسسات، خصوصا مع طمأنة المصارف المركزية فقد لوحظ وجود إلغاء خطوط ائتمان لمصارف محلية أو خفضها، نتيجة ارتفاع مستويات اهتزاز الثقة، وأن التأثير النفسي في المستثمرين لما يحصل في البورصات العالمية ترك أثراً سلبياً في البورصات الخليجية التي سجلت خسائر مستمرة خلال الشهر الماضي، خصوصا هذا الأسبوع. ويقول يوسف إن بقاء الأزمة في إطارها المالي، سيجعل تأثيرها بالنسبة إلي المنطقة، في مستويات دنيا. فمن الواضح شمول تأثيرات الأزمة المؤسسات المالية التي لديها استثمارات في قطاعات ذات علاقة بأزمة الرهن العقاري بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ومع الأمل بأن تظل الأزمة، في ما يخص بلدان المنطقة، في إطارها المالي وإذا تحولت إلي أزمة اقتصادية تطال قطاعات أخري، لابد عندها من أن تكون ذات تأثير أشد وأكبر خاصة إذا ما هبط سعر النفط دون مستوي 60 دولارا للبرميل. وأضاف أن القطاع المصرفي الدولي، مازال مصدوما بما حصل، وبات من الصعب جدا بعد اليوم الحفاظ علي عامل الثقة الذي كان يجمع المستثمرين والمودعين وأصحاب رؤوس الأموال مع المصارف العالمية، لاسيما أن الأزمة العالمية الأخيرة، التي اجتاحت هذه المصارف، ألغت مقولة أن المؤسسات المصرفية والمالية الأجنبية مؤسسات آمنة، مقتدرة، كبيرة الحجم وحسنة الإدارة، ما حصل كان بالفعل، بمثابة صدمة كبيرة ألقت بتداعياتها علي القطاع المصرفي العالمي في مجمله، وتسببت في خسائر كبيرة لأهم اللاعبين علي الساحة المالية المصرفية الدولية. ودعا عدنان يوسف إلي ضرورة النظر إلي الجوانب الإيجابية في مسيرة عمل المصارف العربية، التي سعت طوال أعوام إلي توظيف معظم رؤوس الأموال العربية داخل البلدان العربية، نتيجة لتعدد فرص الاستثمار في المنطقة. وحال هذا التوظيف دون توجه أموال عربية نحو الخارج بحثا عن فرص استثمار وحققت هذه المؤسسات فوائد كثيرة وعوائد نتيجة وفيرة لتوظيفاتها، وهو درس آخر يجب أن نستقيه من أزمة المال العالمية الراهنة، بتوجيه جزء أكبر من استثماراتنا ورؤوس أموالنا إلي الاستثمار العربي البيني. ويري يوسف أن الدروس المستفادة من الأزمة تتلخص في أنه لا ينبغي لأي دولة أن تلتزم بقوالب إيديولوجية أو اقتصادية جامدة في إدارة الأزمات المالية ويتعين دائما أن تكون الأولوية لتحقيق الاستقرار المالي النقدي وبعث الثقة في نفوس الجميع. وأضاف أن من بين هذه الدروس أيضا أن المصداقية والشفافية أساس التعامل وإشاعة الثقة في العمل المالي والمصرفي وتوحيد الرقابة علي المصارف والمؤسسات المالية أمر في غاية الأهمية ويحول دون الآثار السلبية لما قد يحدث من تشوهات مالية أو مغالاة في المضاربة. وضرورة أن يكون لصندوق النقد الدولي دور أكبر يسهم بجدية في وضع إطار عام دولي يكفل التنبؤ بمواقع الأزمات ووسائل التدخل السريع لتوخي اثارها السلبية فضلا عن ضرورة أن تغتنم المصارف العربية هذه الفرصة لتنمي توطين الثروة العربية علي الأرض العربية مع بذل جهود خاصة في مجالات الطاقة البديلة المتجددة وتحلية المياه وتوطين التكنولوجيات الخاصة بهم. بعد أن ظل النظام المصرفي العربي طوال السنوات العشرين الماضية يتلقي التوجيهات من دون أن يكون للمصارف العربية دور في صوغها فإن هذه الأزمة تمثل فرصة ذهبية للمصارف المركزية وللمصارف العربية الكبري لتدخل بقوة كطرف مشارك في صوغ التوجهات والقواعد الجديدة للنظام المصرفي والمالي العالمي، وفي إمكان اتحاد المصارف العربية أن يلعب الدور المنسق لهذه الجهود والتوجهات. ويؤكد يوسف أن خضوع المصارف العربية لسلطات رقابية سليمة ونشرها موازناتها وأوضاعها المالية بأقصي درجة من الشفافية، يسهم بقوة في استرجاع الثقة بالأسواق، ويقلل من الخسائر الناجمة عن عوامل نفسية. والمطلوب تكاتف الجهود والعمل المشترك والمنسق بين المصارف المركزية العربية، مع استعدادنا في اتحاد المصارف العربية للإسهام فيها ودعمها بما يحقق مصلحة أنظمتنا المالية والمصرفية واقتصاداتنا العربية.