الحرب المجنونة التي جرت في غزة فرضت علي الادارة الامريكيةالجديدة ان تبادر إلي النظر في ملف الشرق الاوسط وربما تستجيب في الشهور الاولي من حكم أوباما لطلبات عاجلة من عدد من الزعماء العرب بالنظر في الملف وممارسة ضغط علي اسرائيل للدخول في مفاوضات جادة للتوصل إلي تسوية عادلة للمشكلة الفلسطينية. يسود الاعتقاد في دوائر اتخاذ القرار الامريكي ان الامور لم تنضج بعد في منطقة الشرق الاوسط لقبول حل عادل وشامل ينهي الازمة بصفة نهائية.. فالتشدد والتعنت من جانب اسرائيل يقابله انقسام عربي حاد حول وسائل معالجة الازمة، وباتت الاتجاهات المؤيدة للطريق السلمي لحل الازمة في حالة ضعف شديد بسبب ممارسات اسرائيل واعتداءاتها المتكررة فضلا عن السبب الرئيسي وهو استمرار الاطماع الاسرائيلية في تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني. في اعتقاد مراكز التفكير الامريكية ان حالة العرب وحالة اسرائيل لا تسمح باجراءات عميقة في اتجاه تسوية عادلة وشاملة. الجانب الاسرائيلي يتحمل العبء الاكبر من هذا السياق.. فاسرائيل هي الدولة المعتدية باستمرار والتي تري المنطقة والجيران يجب ان يدفعوا ثمن انفرادها بقوة عسكرية قادرة علي تجاوز جميع الخطوط الانسانية والاخلاقية، وهذا ما يسمونه بالقدرة علي الردع.. مثلما حدث في قطاع غزة وقبله في لبنان حيث دارت الآلة العسكرية الاسرائيلية بقوة لتفتك بمن في طريقها من المدنيين والبنية الاساسية بزعم انهم اعترضوا طريقها اثناء بحثها عن المقاتلين المختفين عن الأعين. وتحتفي اسرائيل وراء الأوامر بالرد علي مصادر النيران التي تطلقها عناصر المقاومة علي البلدات الاسرائيلية، وحين تردد المدفعية أو الطيران علي مصادر النيران يتصادف ان تكون تلك المصادر مدرسة أو مستشفي أو عمارة سكنية. مع كل الاعذار والاعتذارات فإن اسرائيل خسرت اخلاقيا خسارة باهظة في اعتدائها علي قطاع غزة واحداث هذه الخسائر المروعة بأهله وشعبه، ومع ذلك فقد اعتدنا علي وحشية إسرائيل ولم يعد مجديا الحديث مطولا في مسألة الأخلاق أو تجاوز الخطوط في مجال حقوق الانسان وخاصة المدني الذي يطاله القصف فيظل حبيس حالة نفسية مروعة أيسرها وأخفها أن ينال منه القصف فيموت ويستريح من المعاناة. كنا نقول إن حالة الرأي العام الإسرائيلي أثناء ممارسة اعتداء علي شعب غزة توحي بأنه لم ينضج بعد لاستقبال حل نهائي شامل وعادل يعطي الأمن الدائم لكل الأطراف فقد كان الرأي العام يميل إلي استمرار القصف علي غزة ويرفض وقف اطلاق النار.. ولولا شعور القيادة الإسرائيلية بضغوط هائلة من الرأي العام الدولي وخاصة في محيط الدول الحليفة لإسرائيل لظلت تمارس العدوان بعد أن اخترقت حاجز الأخلاق والإنسانية ولم يهمها الشعور الإنساني في شيء.