توجه بعض الأشقاء العرب باللائمة علي مصر في موضوع حصار غزة لدرجة أن ناطقا عن حزب الله في لبنان أوعز إلي أن هناك ترابطا بين زيارة ليفني وزيرة خارجية إسرائيل وبين قصف قطاع غزة ظهر السبت التالي لزيارتها للقاهرة. طبعا هناك بعض القوي والتيارات السياسية التي لا تخفي نفسها لا توافق علي سياسة القاهرة تجاه إسرائيل منذ اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية. القاهرة قررت اتخاذ استراتيجية في ضوء دراسة للأوضاع الإقليمية والدولية أكدت أن الظروف المحيطة بالقضية المعروفة بالصراع العربي الإسرائيلي لن يمكن حسمها بالقوة العسكرية ويتعين القبول باختيار استراتيجية التفاوض والسلام للوصول إلي حل عادل وشامل يجنب المنطقة ويلات الحروب المتكررة كل بضعة أشهر أو أعوام مما جعل تلك الحروب عائقا صعبا أمام التنمية في مصر ذات الكثافة السكانية العالية.. والموارد المحدودة نسبيا. لم يكن اختيار استراتيجية السلام اختيارا عشوائيا وإنما كان مبنيا علي دراسة شفافة لنتائج الصدام العسكري الأخير في أكتوبر ،73 وموقف القوي الدولية من الحرب ومن حتمية الدفاع عن إسرائيل، وهو الأمر الذي أدي إلي نزول الجيش الأمريكي بترسانته ومعداته علي أرض المعركة في سيناء بعد عشرة أيام من بدء القتال، وتلك الحقائق معروفة للداني والقاصي. ليس جديدا إذن أن تردد نفس القوي والتيارات في كل مناسبة أن مصر مسئولة عن الحصار، أو عن ضرب الشعب الفلسطيني في غزة، أو عن ضوء أخضر من القاهرة لإزالة حكم حماس من غزة. الخلاف الأساسي هو في التوجه وطريقة التفكير. في حين اتخذت مصر موقفا معينا واختارت طريقا عرضته علي الآخرين فلما رفضوا مضت في طريقها لتسترد أرضها وتفتح الطريق لإقامة السلام الشامل والعادل، في نفس الوقت لم يلتزم الآخرون بالمضي فيما اختاروه ودأبوا علي محاولة جر مصر واحراجها لاجبارها علي الخروج عن السياق الذي اختارته وفتح جبهة حرب جديدة بين مصر وإسرائيل. الواقع أن القيادات ذات الميول المراهقة سياسيا، والمنفصلة عن رؤية العالم ولغته للصراع وطبيعته وتطوره.. هذه الرؤية المراهقة لا تجد سوي مصر لتصب غضبها عليها.. في الوقت الذي تزايد فيه علي كل المحاولات لإيجاد الطريق البديل. حماس ومن يساندها اختاروا المقاومة.. حسنا فليقاوموا.. إسرائيل ترد علي المقاومة بقصف القطاع.. إذن مصر مسئولة عن عدم ردع إسرائيل، كيف بالله يستقيم ذلك المنطق. لقد عرضت مصر علي حماس التهدئة.. وكلما وافقت إسرائيل علي فتح المعابر لتخفيف الحصار قصفها الناشطون.. فعاد الحصار.. ماذا تفعل مصر إزاء ذلك.. هل تخل باتفاقاتها الدولية بأوامر من قادة حماس.. أو غيرهم.. لا أعتقد أن هذا وارد في أي يوم من الأيام