أثار خطاب الرئيس مبارك الاخير في افتتاح الدرة البرلمانية أفعال ردود واسعة في اوساط خبراء الاقتصاد والمراقبين ولاسيما تطرقه ولاول مرة إلي قضية اسعار الفائدة مطالبا الحكومة والبنوك بتخفيض تكلفة الائتمان لتشجيع الاستثمار في ظل الاضطرابات التي يشهدها الاقتصاد العالمي. ويتزامن ذلك مع مشاكل جمة تواجه المستثمرين في تعاملاتهم مع البنوك بسبب ارتفاع تلكفة الاقراض من جهة وتقلص فتح الاعتمادات من قبل البنوك من جهة اخري، وهو الامر الذي وضع المصدرين والمستوردين في موقف حرج ووسط مخاوف من استمرار ارتفاع الجنيه امام اليورو والدولار. "الاسبوعي" ناقش الخبراء حيث اكدوا اهمية صياغة استراتيجية عمل خلال الفترة المقبلة تشمل ضرورة تخفيض تكلفة الائتمان من خلال التنسيق بين السياسة النقدية والمالية، بالاضافة إلي ضرورة علاج التشوه في الفجوة الناجمة عن الفارق المتسع بين معدل فائدة الودائع وفوائد الائتمان الذي يحقق تراكم ارباح البنوك.. وحذر الخبراء من ان استمرار الوضع الحالي لن يؤدي سوي إلي توقف العجلة تماما.. واكدوا ضرورة ان يعي الجهاز المصرفي انه شريك رئيسي في العملية الاقتصادية.. وليس مجرد ممول وتتزامن دعوة الرئيس مبارك مع استعدادات مكثفة في اتحاد البنوك لعقد اجتماع موسع لبحث شكاوي المصدرين والمستوردين ضد البنوك بشأن فتح اعتمادات التصدير والاستيراد، والذين اكدوا ل "الاسبوعي" ان اوضاعهم باتت حرجة ولابد من دعمهم خلال الفترة المقبلة. ومن جانبه، يري الدكتور عبدالرحمن جاب الله استاذ الاقتصاد بجامعة حلوان ان اشارة الرئيس مبارك في خطابه ولاول مرة إلي اسعار الفائدة تعتبر دعوة حقيقية للبنوك لأن تتحمل دورها المنوط بها في عملية التنمية كشريك اقتصادي حقيقي وليس للعب دور الممول فقط معتبرا ان دعوة الرئيس مبارك تمثل توجيها فقط وليس قرارا في ظل خضوع اسعار الفائدة لقوي الطلب والعرض وهو ما يتولي مهامه البنك المركزي معتبرا ان الوقت الراهن يعد مرحلة حرجة لابد من خلالها خفض اسعار الفائدة لتنشيط الاستثمار في الاقتصاد العيني والبورصة. إلا ان جاب الله استبعد ان تتخلي البنوك عن الفجوة الكبيرة بين اسعار الفائدة علي الودائع والقروض ولاسيما إذا كان الحديث عن البنوك التجارية التي تستمد هامش ارباحها الضخم من هذه الفجوة مرجحا ان تستجيب بعض البنوك المتخصصة مثل بنك التنمية الصناعية وبنك الائتمان الزراعي وذلك لزيادة نشاطها الاستثماري. واعتبر جاب الله ان خطاب الرئيس طالب الحكومة بخفض تكلفة الائتمان وهو ما يعني ان خطوة اسعار الفائدة ليست من دور البنك المركزي فقط بل في اشارة اخري إلي دور اكبر لوزارة المالية من خلال دعم اسعار الفائدة من خلال خزانة الدولة، وعلي ضوء الوفر المتحقق للمالية بعد تقليل دعم الطاقة الذي تحققت من خلاله سيولة تقدر بنحو 30 مليار جنيه حيث من الممكن استخدام جزء من هذه الحصيلة في دعم سعر الفائدة خلال الفترة المقبلة، بالاضافة إلي دور المركزي في خفض اسعار الفائدة مع بداية العام الجديد ومع تراجع حركة التضخم. السيولة متوافرة يضيف د. رشاد عبده استاذ العلوم المصرفية بالاكاديمية العربية للعلوم المصرفية: دعوة البنوك إلي تخفيض تكلفة الائتمان بقدر الامكان تأتي في ضوء التحركات العالمية في ظل الازمة المالية العالمية التي مازالت تلقي بظلالها علي العالم اجمع حيث ان القطاع المصرفي لابد ان يضطلع بدور مهم في هذا الصدد من خلال تشجيع الاستثمارات وخاصة ان ظروف ومعطيات الازمة في مصر مختلفة عن الخارج، ويوضح ان لدينا سيولة متوافرة في الوقت الذي يعاني فيه العالم من شح السيولة وبالتالي من الممكن ان نحقق مكاسب جيدة من الازمة من خلال الاستثمار الجيد والكفء وهدا هو دور المركزي في الفترة القادمة حيث انه من الضروري ان يمضي قدما في وضع سياسات من شأنها تشجيع البنوك علي توظيف السيولة الفائضة لديها من خلال اقراض المؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة ان معدل التوظيف لدي البنوك لا يتجاوز ال 45% مما يهدد بموجة كساد محلية حال بقاء الوضع علي ما هو عليه، مشيرا إلي ان الجميع يتفهم انه لم يكن من الحكمة ان يقدم المركزي في ظل الفترة السابقة علي خفض سعر الفائدة لمواكبة البنوك الأوروبية خاصة مع ارتفاع الفارق بين اسعار الفائدة لدينا ومعدلات التضخم، إلا أن الانتظار كان بسبب السيطرة علي جنوح معدلات التضخم، قائلا: ان التوازن لن يتحقق إلا من خلال تحقق الاتساق بين السياسات النقدية والمالية.