قبل اربع سنوات توجه باراك اوباما الرئيس الامريكي الجديد الذي سيتولي مهام منصبه في شهر يناير المقبل الي البيت الابيض مع عدد من اعضاء الكونجرس لمقابلة الرئيس جورج بوش. وعندما تقدم اوباما لمصافحة بوش فإن احد مساعدي الرئيس قام برش مادة للحماية من الجراثيم علي يد بوش قبل ان تمتد لمصافحة اوباما! وقبل عدة ايام فإن اوباما توجه للبيت الابيض بإعتباره الرئيس الرابع والاربعين للولايات المتحدة.. وكان في استقباله الرئيس بوش ولكن هذه المرة لم يكن مساعد بوش واقفا ليرش يده قبل مصافحة اوباما الذي ابتسم وهو يصافح بوش وكأنه يذكره بهذا الموقف. وعلي عكس بوش الذي كان مرتبكا ومتوترا كما بدا في المشاهد التي صورت اللقاء فإن اوباما كان واثقا هادئا وهو يربت بيده علي ظهر بوش ويصحبه في جولة داخل البيت الابيض! والواقع انها الايام السعيدة التي يستمتع فيها اوباما بالانتصار الان، فهي مرحلة النشوة والسعادة بدون مسئولية حقيقية، وهي مرحلة التحول من مجرد سياسي بارز الي رئيس للعالم. وعندما سيدخل البيت الابيض رئيسا فإن ايام الاستمتاع ستكون قد ولت، اذ ان المشاكل التي ستواجهه منذ اليوم الاول ستتطلب قرارات واقعية عظيمة لانها ستشكل تغييرا في مسيرة التفوق والسيادة الامريكية. فالتحدي الاكبر التي سيواجهه هو الازمة المالية وانعكاساتها علي سنوات النمو البطئ التي ستشهدها البلاد، وتوابع ذلك علي الدور الامريكي في العالم والسياسات الخارجية التي تتطلب انفاقا واموالا هائلة. ولن يكون في مقدور اوباما او اي رئيس امريكي اخر في ظل هذه الازمة التي تهدد بكساد كبير ان يستمر في المغامرات الخارجية واهدار الاموال في محاربة اعداء خفيين مثل الحرب الامريكية علي الارهاب. ولذلك لن يكون غريبا او مفاجئا ان تتراجع الاهتمامات الامريكية بالعمل علي "دمقرطة" العالم وملاحقة الدول الديكتاتورية او تدعيم حقوق الانسان والشفافية وما الي ذلك من الشعارات البراقة التي رفعتها امريكا لقيادة العالم.. ولن يكون غريبا او مفاجئا ايضا ان تكون هناك عودة للوراء في كثير من الدول التي كانت تساير بوش وتمتص غضبه وانتقامه وجنونه والتي لم تكن تحتفل بفوز اوباما قدر احتفالها بالنجاة من بوش وامكانية التعايش مع اي رئيس يأتي بعده خاصة لو كان من الذين يكنون كراهية شخصية لبوش! [email protected]