السياسة النقدية بلا شك لها دور كبير في تحقيق التوازن للاقتصاد وضبط ايقاعه وأدائه لا سيما اذا كان الحديث عن اوقات الازمات ويزداد دورها وقوتها كلما تعمقت الشفافية والافصاح في الاسواق. "الاسبوعي" التقت بعدد من الخبراء البارزين ممن عاصروا ازمات سابقة وكانوا صناع السياسة النقدية في فترات مختلفة وطرحنا عليهم العديد من اسئلة حول تقييمهم لأداء السياسة النقدية وكيفية تعاطيها مع الازمة الاخيرة ورؤيتهم لتداعياتها علي الاقتصاد المصري وأهمية سعر الفائدة كأداة فاعلة للسلطة النقدية في الآونة الاخيرة. واعتبر الخبراء ان السياسة النقدية في مصر احرزت تقدما ملحوظا منذ خطة الاصلاح المصرفي التي بدأت منذ 4 سنوات معتبرين انها أسهمت الي حد كبير في امتصاص آثار الازمة وتقليل تداعياتها علي الرغم من تحفظ البعض علي معدلات التضخم التي وصلت اليها البلاد ولم تشهدها منذ التسعينيات وعدم قدرة السياسة النقدية علي التعاطي معها كما يجب، كذلك تباينت آراء الخبراء حول دراسة المركزي لخفض اسعار الفائدة، فبينما يري فريق ان خفض اسعار الفائدة يعد ضرورة في الوقت الراهن لتقليل تداعيات الكساد، اعتبر فريق آخر ان خفض الفائدة في الوقت الحالي غير مجد في ضوء التحرك البطيء لمعدلات التضخم. من جانبه أوضح محمود عبدالعزيز نائب محافظ المركزي سابقا ان السياسة النقدية في مصر ولاول مرة ومنذ عقود اصبح لها ملامح واضحة حيث اصبح لدينا لجنة للسياسة النقدية ومجلس اعلي للسياسة النقدية يرأسه رئيس الوزراء وكانت النتيجة المتمخضة عن ذلك هو الاستقرار الذي يعيشه الاقتصاد المصري والقطاع المصرفي علي الرغم من تداعيات الازمة المالية الخطيرة التي تعمقت آثارها في الآونة الاخيرة. ولابد ان نتذكر دائما ان خطة الاصلاح المصرفي نجحت في امتصاص أثار الازمة الخطيرة التي تعرضنا ولنا ان نتخيل لو حلت هذه الازمة في اوقات سابقة ما كان سيحدث للقطاع المصرفي من أزمات حيث يري عبدالعزيز اننا كنا سنشهد بنوكا مفلسة ولكن تم التخلص منها ودمجها في كيانات اكبر والا كانت الآثار ستكون موجعة بالفعل. أضاف عبدالعزيز ان الآثار المتوقعة خلال الفترة المقبلة لن تكون مباشرة علي قطاعنا المصرفي لانه بعيد عن الاستثمار في المشتقات والمستحدثات وخلافه وبالتالي لن تكون هناك آثار مباشرة عليه ولكن الآثار انعكست بالسلب علي سوق المال بشكل واضح نتيجة سحب اموال الاجانب لتعويض خسائرهم وتغطية مراكزهم في الخارج وليس ذلك فقط بل اتوقع ايضا آثارا سلبية ستمس الاقتصاد الحقيقي لصعوبة التصدير ابان الازمة الاخيرة وانخفاض عوائد القطاعات الخدمية والقطاع السياحي ومن هنا لابد من تركيز الجهود علي دعم هذه القطاعات خلال الفترة المقبلة وتنشيطها وتقليل آثار التداعيات من عليها. والسياسة النقدية الآن باتت اكثر مرونة في التعاطي مع مجريات الامور واصبحت اكثر قدرة علي تغيير اهدافها هكذا يتابع عبدالعزيز ويضيف: في الوقت المناسب كان هناك قرار برفع اسعار الفائدة ولعدة مرات في 6 أشهر متتالية عندما انفجرت الاسعار واستطاعت كبح جماح التضخم الذي وصل الي 25% والمؤشرات تقول الآن ان التضخم في طريقه الي التراجع وانا اتوقع ان يتراجع الي ما دون 20% خلال الفترة المقبلة وعندما تمكنت السياسة النقدية من مكافحة التضخم والسيطرة عليه وفقا للمؤشرات الاخيرة كان لزاما علي الحكومة ان تدرس دفع النمو وتحريك الاقتصاد تفاديا لحدوث كساد في السوق المحلي وها هي الآن بصدد دراسة امكانية خفض سعر الفائدة خلال الفترة المقبلة لتنشيط الاقتصاد المصري ودرء مخاطر الكساد عنه واتوقع ان يتم اتخاذ قرار بشأن ذلك خلال الفترة المقبلة وهذا يجعل من الضروري ان نؤكد علي اهمية ان تعي البنوك ان دورها كبير خلال الفترة المقبلة وينبغي ان تتطلع الي قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وان تدخل في مشروعات تنموية فاعلة، فالتضخم مشكلة كبيرة ولا يمكن التغلب عليها باستخدام السياسة النقدية بل لابد ان يكون هناك دور واضح وفاعل لجهاز حماية المستهلك من خلال مراقبة السوق حتي لا يستغل التجار الموقف بدعوي ان مخزونهم لم يتم تصريفه فالامر مهم جدا ولابد ان تتدخل القوات المسلحة من خلال اقامة المعارض والسرادقات التي تعرض فيها السلع بأسعارها الفعلية وفقا للتغيرات التي طرأت علي الاسعار العالمية والتي تعادل نصف الاسعار الحالية السائدة في السوق.