في الحقيقة أن المواطن أو رجل الشارع العادي هو الأكثر حساسية للازمات الاقتصادية ومن المؤكد أنه هو المؤشر الأكثر صدقا وتعبيرا علي مدي مأزومية الوضع الاقتصادي وفي ذات الوقت مدي الانفراجة والتحسن فيه لذلك يصبح استطلاع رأي ذلك المواطن فيما يحدث له من معاناة اقتصادية ومايراه من حلول ومقترحات لتجاوزها أمرا مفيدا من الناحية العلمية وذلك علي رأي ذلك المثل العربي وهو أن أهل مكة أدري بشعابها وهو هنا بأهل مكة وأيضا شعابها التي تتمثل في المعاناة الاقتصادية التي يعانيها وكيف يتغلب عليها باساليبه التي قد لاتكون معقدة أو لاتأخذ القالب النظري الذي يغلب علي علم الاقتصاد ولكنها في معظم الأحوال تكون صائبة وواقعية علي نحو كبير اذ إنها تحل له مشكلاته اليومية ولو علي نحو مؤقت ومن ثم أن ما قام به مؤخرا صندوق النقد الدولي الذي يري البعض انه يمر الان بمرحلة تطور شامل من حيث اسلوب ادائه وانه الان لايسعي الي التدخل في سياسات الدول ومناهجها الاقتصادية بقدر ما هو مقدم للنصيحة والمشورة وعارض للسياسات الاقتصادية التي يري من وجهة نظره انها الأصوب والاصلح ليس فقط للدول ولكن لأداء النظام الاقتصادي العالمي ككل ومع ذلك فإن عمله يظل في حدود تقديم المشورة والنصيحة ويترك للدول حرية الاختيار والمفاضلة بين هذه البدائل فهو لايقوم بدور المراقب المالي لدول العالم وانما الهدف هو ضمان تحقيق استقرار ونمو الاقتصاد العالمي وان مالديه من خبراء وخبرة علمية وتاريخية فهو يقوم بتقديم المشورة والنصيحة حول افضل الخيارات المطروحة وان للدول مطلق الحرية في الأخذ بها أو رفضها.. وبغض النظر عما هو معلن من قبل الصندوق حول دوره الاستشاري الا انه في النهاية يعمل علي توجيه اقتصاديات الدول الموجهة الذي يريدها أو بمعني أدق التي تتفق مع وجهة النظام الاقتصادي العالمي الذي تعبر عن وجهة الدول الكبري صاحبة النظام الاقتصادي العالمي والذي يعمل لصالحها علي طول الخط والمتذكر ان صندوق النقد الدولي واتفاقية الجات هما إحدي أدوات النظام الاقتصادي العالمي الذي ظهر في اعقاب الحرب العالمية الثانية والذي عكس نظام توازن القوة في النظام الدولي في شقه السياسي الذي عبر عنه الاطار المؤسسي له وهو الأممالمتحدة والذي صار حق الفيتو للدول الخمس الكبري الدلالة علي مدي سيطرة القوي الكبري علي ذلك الاطار المؤسسي السياسي "الاممالمتحدة" والذي كان من المفترض فيه ان يصبح سلطة عليا فوق الدول لاقرار العدالة وتحقيق الاستقرار في العلاقات علي النحو الذي يعيد الهدوء والاستقرار للعالم ويجنبه تكرار ويلات الحرب العالمية اما الشق المؤسسي الاقتصادي لذلك النظام فقد تمثل في نظام "بروتون ودز" الذي عبر عنه صندوق النقد الدولي واتفاقية الجات ومشروع مارشال لاعادة بناء أوروبا وليس بقية دول العالم ولقد أتسم ذلك النظام بأنه نظام متحجر "Stratified" بمعني ان القوي يزداد فيه قوة والغني يزداد غني والفقير يزداد فقرا وهو لايسمح في جميع الأحوال بأية نوع من الحراك الاقتصادي من خلال تلك البرامج والسياسات والمشورات التي يقدمها صندوق النقد الدولي والتي تبقي علي أوضاع الدول كما هي وذلك لصالح اقتصاديات الدول الكبري أو مايطلق عليها الدول ذات الاقتصاديات المسيطرة وهي تلك الاقتصاديات ذات القاعدة الصناعية والانتاجية الكبيرة وذات القدرة التصديرية الهائلة وتتكون قائمة صادراتها من السلع الكاملة الصنع التي تتخذ من الدول النامية أو الدول ذات الاقتصاديات التابعة سوقا لها وقد استمر ذلك النظام للاسف حتي وقتنا هذا أي منذ عام "1948" وحتي بداية دخول اتفاقية الجات حيز التنفيذ في عام "1995" اذ إنها قد ظلت معطلة منذ الحرب العالمية الثانية لان الظروف الاقتصادية لم تكن مهيأة وقتئذ لتنفيذها وفي ظل اتفاقية الجات زاد معدل الفقر في الدول النامية لانها لاتملك الميزة النسبية التي تمكنها من المنافسة في الاسواق العالمية وهي جودة المنتج وانخفاض السعر وذلك لعدم تقدم اسلوب الفن الانتاجي لديها والتي كانت الدول الكبري السبب فيه حلقات مفرغة دارت فيها الدول النامية تحت دعاوي برامج التنمية بمفاهيمها المختلفة من التنمية الشاملة للتنمية الاقتصادية للتنمية المستدامة أو المستديمة ومع ذلك فقد ظلت هذه الدول ترزخ تحت نير الفقر والعوز وزاد معدل الجوع فيها وقد فشلت حوارات الشمال مع الجنوب وقد رفض الشمال الاعتراف بأنه السبب وراء ذلك التخلف الاقتصادي الذي يعاني منه الجنوب وهو صحيح وذلك منذ العهد الاستعماري الذي اغترف موارد هذه الدول "وذلك من خلال تلك الاليات التي وضعها وهي صندوق النقد الدولي واتفاقية الجات.. ويقول خبراء صندوق النقد الدولي ان الصندوق تبني سياسة جديدة تقوم او تعتمد علي الاستماع أكثر لرأي المواطنين للتعرف علي مشاكلهم وكيفية او مقترحات الحل من وجهة نظرهم من خلال الموقع الالكتروني لصندوق النقد الدولي والذي يزوره ما بين 750 ألفا مليون ونصف المليون وأن نسبة أو معدل الزيارات من الشرق مازال أقل من المعدلات المطلوبة وأن الهدف من ذلك هو تحقيق الشفافية والمشاركة وقد يكون ذلك صحيحا من الناحية الظاهرية وعلي أساس ان رجل الشارع العادي هو الترمومتر الحقيقي الذي يقاس من خلاله مستوي الاداء الاقتصادي لاية دولة من الدول ولكن في ظل تاريخ صندوق النقد الدولي والخلفية التي قام عليها يصبح من الصعب الوثوق في كل مايعلم لان دوره الحقيقي معروف ولكن كما يقولون "أفلح إن صدق".