علي الرغم من كون قناة السويس شريان حياة مهما للاقتصاد المصري يضخ سيولة هائلة إليه وصلت نسبتها إلي 3،3% من الناتج المحلي الاجمالي في السنة المالية 2007 2008 إلا أن تعثر الاقتصاد العالمي بسبب الأزمة المالية العالمية يهدد هذا الشريان المهم الذي ساهمت العديد من العوامل في رفع الايرادات الناتجة عنه إلي مستويات قياسية حيث بلغت الايرادات في أغسطس الماضي 504،5 مليون دولار. إلا أنه من المتوقع تراجع هذه الايرادات بشكل ملحوظ نظرا لما يواجهه العالم من أزمة مالية عالمية. حيث ذكر بنك الاستثمار المصري المجموعة المالية هيرميس أن دخل قناة السويس قد يبلغ مستوي قياسا قدره 6،1 مليار دولار في السنة المالية الحالية بزيادة نحو 18% عن السنة المالية السابقة المنتهية في يونيو إلا أنه يتوقع تباطؤ نمو الايرادات إلي 10% في السنة العالمية 2009 2010. في البداية أكد وائل جودة خبير سوق المال امتداد التأثير السلبي للأزمة المالية العالمية ليشمل العديد من قطاعات الاقتصاد المصري كالسياحة والنقل والعقارات وقناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج. أشار لتأثر حجم التجارة علي مستوي العالم نتيجة الأزمة المالية العالمية بالإضافة لتحكم الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي تواجه أزمة الموارد المصرية من هذا المرفق المهم. لفت لتأثر نسبة التحويلات من المصريين العاملين بالخارج بالسلب نتيجة الأزمة المالية العالمية سواء كانوا عاملين بدول عربية بترولية أو غير بترولية مؤكدا أن تراجع أسعار البترول سيترك بالضرورة اثرا علي دخول الدول العربية البترولية. واستطرد قائلا أما الدول غير البترولية فيصيبها أيضا التأثر من جراء هذا التدهور العالمي سواء كان هذا الأثر السلبي علي هذه الدول ناجما عن تحويلات المعاونة الائتمانية أو أي معاونات أخري فتسند إليها هذه الدول وبالتالي فإن أثر الأزمة العالمية سيكون له انعكاسات متعددة علي اقتصادات الدول العربية ومن بينها مصر رفض اقتراح تقليل رسوم المرور من قناة السويس لمحاولة جذب سفن عديدة وبالتالي تقليل الآثار السلبية علي تراجع حصيلة العائدات من قناة السويس مشيرا إلي أن الطلب علي خدمات قناة السويس لا يتمتع بهذه المرونة الكاملة فمهما ارتفع أو انخفض عدد السفن والحاويات التي تمر من خلالها فلن تتأثر كثيرا لأن حركة التجارة تشمل تكاليف النقل. أكد الدكتور فرج عبدالفتاح أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة التأثير السلبي للأزمة المالية العالمية علي حصيلة رسوم قناة السويس موضحا أنه مع تدهور الاقتصاد العالمي ستنخفض حركة التجارة الدولية ومعدلات النمو عن السنوات السابقة مما سينعكس علي عدد السفن الطالبة للمرور من القناة مما سيضعف معه حصيلة كبيرة من حجم التجارة العالمية مما سيخلق نوعا من الركود يؤثر معه علي حركة النقل وبالتالي حجم العائدات من قناة السويس التي تعد الشريان الرئيسي في حركة التجارة بين آسيا وأوروبا. اقترح خفض قيمة الرسوم التي يتم تحصيلها من السفن لاستقطاب عدد أكبر من السفن بدلا من اتجاهها للتنقل من خلال طريق رأس رجاء الصالح. أما علي المدي الطويل فلابد من العمل علي تطوير عمق قناة السويس من خلال النزول لأعماق أكثر حتي تستوعب سفن وحاويات ذات أحجام أكبر بالإضافة لضرورة إنشاء ورش لصيانة السفن هناك مما سيجذب معه سفن وحاويات أكثر مما يعد مجالاً جديداً لزيادة الدخل القادم من قناة السويس. أوضح تأثر تحويلات المصريين بالأزمة العالمية لاتجاه الشركات لخفض عدد العاملين بها مشيرا إلي أن أكبر نسبة تحويلات تأتي من الولاياتالمتحدةالأمريكية مؤكدا علي ضرورة إقامة مشروعات كبيرة بمصر لتجذب إليها تلك التحويلات. أكد الدكتور صلاح الدين فهمي رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر تأثر البورصة المصرية بالأزمة المالية العالمية واتضح هذا التأثر من خلال خروج حوالي 3 مليارات دولار من السوق المصري وهو ما يمثل جزءاً كبيراً من الاستثمارات الأجنبية في مصر. أشار لعدم تأثر البنوك الأجنبية بمصر بالأزمة نظرا لأنها ليست أجنبية بالكامل بالإضافة لخلوها من الايداعات الأجنبية وبالتالي فإن فروع تلك البنوك الأجنبية بمصر تعد آمنة وبعيدة عن التأثر بتلك الأزمة. لفت للتأثير غير المباشرة للأزمة علي التجارة والصادرات وقناة السويس مشيرا لاستحواذ 80% من التجارة الدولية لمصر في أمريكا والاتحاد الأوروبي اللذين يواجهان أزمة عالمية أدت لحدوث نوع من الانهيار قد تصل لركود نقل معه حركة التجارة منهم وإليه وبالتالي حركة النقل مما يؤثر علي حجم حصيلة الرسوم في قناة السويس. ذكر أن التحويلات من المصريين العاملين بالخارج قد تتعرض إما للتراجع نظرا لتأثر الدول العربية بالأزمة لاستثمارها جزء من أموالها في الدول الأوروبية وتتجه مع هذا التراجع لتخفيض حجم العمالة أو تخفيض رواتبهم. أضاف امكانية زيادة حجم التحويلات من المصريين في الخارج لاتجاههم في ظل ما تشهده الأسواق العالمية من أزمة لسوق المصري لانخفاض حجم خسائره عن الأسواق العالمية واعتبره الأكثر أمنا. توقع استمرار المعونة الأمريكية واصفا اياها "تفاهات" مقارنة بالتريليونات التي يتم ضخها لدعم أداء السوق الأمريكي وتحجيم الأزمة. طالب بضرورة تأجيل رفع أسعار الطاقة كمحاولة لدعم المصدرين وبالتالي حركة النقل بالإضافة لضرورة البدء في إجراءات البنية التحتية في العديد من المناطق تشجيع علي الشراء فيها وبالتالي إقامة مشروعات والحفاظ علي معدل النمو من التراجع وضخ أموال جديدة بالبلد. أكد الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد عميد معهد البحوث الاقتصادية بأكاديمية السادات أن التأثير السلبي للأزمة المالية العالمية علي الاقتصاد المصري "واقع واقع". أشار لتأثر حجم التحويلات القادمة من المصريين العاملين بالخارج من جراء الأزمة العالمية نتيجة الخسائر الكبيرة التي منيت بها الأسواق مما سيدفعها لتقليل حجم العمالة وبالتالي تراجع حجم التحويلات مشيرا لما تمثله تلك التحويلات من جزء مهم وكبير في ميزان المدفوعات. أوضح أنه نتيجة الكساد الاقتصاد وانتشار التوقعات بحلول ركود اقتصادي وفقا للعديد من التقارير التي أكدت حدوث تراجع في معدل نمو التجارة العالمية فإن حركة التبادل التجاري ستتأثر بالسلب وستنعكس علي حركة الملاحة والخدمات الملاحية ومن ثم تأثر حصيلة رسوم قناة السويس. أشار لامكانية عدم القدرة علي تلافي الخسائر المتوقعة لأن الأزمة أو العوامل المسببة لها خارجة عن إرادة الحكومة والقائمين علي الساسية الاقتصادية مطالبا بضرورة محاولة التكييف وايجاد بدائل للأسواق الخليجية مقترحا امكانية التوجه للسوق الليبي والأسواق الأخري التي تأثرت بدرجة أقل حدة كالصين والهند والتعاون معها في مجال التجارة الدولية كأسواق تعويضية في إطار البحث عن سبل لتعويض الخسائر المتوقعة. توقع أن يتم خلال الفترة القادمة تنمية الموانئ المصرية في محاولة لتوسيع الاستثمارات.