لأنهم يجيدون فن التملق وعلم العلاقات العامة، استقبلوه في إسرائيل بأبواق الترحيب والاحتفاء وكأنه بالفعل رئيس دولة!.. وانهمك باراك أوباما وكأنه يسرق وقته في سلسلة مكثفة من الزيارات واللقاءات مع أقطاب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ليستولد سلاماً عسرا طال انتظاره.. وهو يكرر: "من مصلحة إسرائيل أن تحقق سلاما مع الفلسطينيين.. وأن تكون في ذات الوقت قادرة علي الدفاع عن نفسها"! وتوالت علي لسانه، في لقاءات مختلفة مع رموز الجانبين، عناصر هذا السلام وقوائمه التي بغيرها في رؤاه لا يقوم.. وأهمها: "عاصمة إسرائيل ينبغي أن تكون القدس.. لكن الأمر يتوجب أن يكون محل تفاوض واتفاق بين الجانبين.. وليس من شأن الولاياتالمتحدة أن تملي رأياً في هذا الصدد.. إنما عليها أن تدعم كل الجهود التي تبذل الآن لحل هذه القضايا العسرة ذات التاريخ الطويل".. وكان من العدل والنزاهة التاريخية أن يترك حل قضية القدس برمتها للحل التفاوضي بين الطرفين.. دون أي حل مسبق. وفي مدينة سيديروت، جنوب إسرائيل، المتاخمة لقطاع غزة، أضاف أوباما قائما آخر من قوائم السلام، وهو كسابقه لصالح إسرائيل.. بكلماته: "من حق سكان سيديروت أن يوفروا الحماية لأنفسهم من هجمات الصواريخ التي تستهدفهم من قطاع غزة، وقد بلغ عددها 2000 صاروخ في السنوات الأربع الماضية.. وهي مزار رمزي للزائرين من السياسيين، وقد زارها المرشح الرئاسي الجمهوري جون ماكين في مارس الماضي.. ولإسرائيل صديق وحليف في الولاياتالمتحدة، سوف يقف دائما في حماية شعبها". وفي نقلة مفاجئة إلي الحظر النووي الإيراني.. أعلن أوباما موقفه من القضية موجها إنذارا جديدا لطهران: "إيران وطموحها النووي العسكري يشكل تهديدا خطيرا.. ونحن لا نستبعد أي خيارات لمواجهة هذا الخطر.. سواء بالعصي الغليظة أو حزم الجزر الحافزة.. علينا أن نحرك نظاما ثقيلا من العقوبات الاقتصادية ضد إيران.. مع تقديم فرص اقتصادية لتحسين العلاقات بين طهران والمجتمع الدولي، إن تنازلت عن طموحها لصنع السلاح النووي". اليوم التالي للزيارة، كان أكثر أيام الزيارة ازدحاما.. قضاه أوباما بين دعوة علي الإفطار مع إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي.. والسفر إلي الضفة الغربية للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس.. ولقاءات متعددة في فندق الملك ديفيد بالقدس، وزيارة النصب التذكاري لضحايا الهولوكوست في "yad vashem holocaust".. ".. أشعل شعلة غاز.. ووقف لحظات صامتة للتأمل.. ثم وضع إكليلا من الزهور فوق مقبرة تضم رفات اليهود الذين أعدمهم النازي في معسكرات الإبادة.. واختتم اللحظة بكلمة: "في أوقات الوعد والخطر الجسيم، الحرب والنضال، يباركنا الله بمثل هذا الرمز لقوة احتمال الشر العظيم.. وأيضا لقدرتنا علي القيام من المأساة، لنعيد بناء عالمنا". المحرر: كم أتوق لأسمع ماذا يقول الرئيس الإيراني أحمدي نجاد تعليقا علي كلمة سناتور أوباما.. في "الياد فاشيم هولوكوست": ........................................................... حرص أوباما علي أن يقطع المسافة من القدس إلي رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالسيارة ليمر بتجربة التوقف في نقاط التفتيش التي تزعج الفلسطينيين وتزرع في نفوسهم أحاسيس الاغتراب وهم في وطنهم.. وتم اللقاء في المقاطعة بالرئيس الفلسطيني وسلام فياض رئيس الوزراء، استمر ساعة كاملة بزيادة 15 دقيقة عن الوقت المحدد.. وأكد أوباما للمسئولين الفلسطينيين وعده بأن ينخرط في تحريك قضية السلام من اليوم الأول له في الرئاسة الأمريكية.. وشهد علي وعده الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بصورته المعلقة في خلفية قاعة اللقاء! كان لقاء أوباما بالرئيس الفلسطيني، ولقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي تلاه، تأكيدا علي تعادل كفتي الاهتمام بالقضية فهما وإضاءة واستضاءة.. ولا أدري من أين تسرب الشك يطارد هذه اللقاءات، ويتهم أوباما بأنه يعطي نفسه دورا لا يملكه كسناتور أمريكي.. الأمر الذي دعا مستشاري حملته لأن يؤكدوا أن أوباما في إسرائيل لينصت، لا ليشرع!.. واندفعت سوزان رايس المستشارة الأولي للحملة للسياسة الخارجية تقول: "الولاياتالمتحدةالأمريكية لها رئيس واحد في هذه اللحظة، وهو الرئيس جورج دبليو بوش.. وسناتور أوباما لن يرتبط، بأي وسيلة، في صنع عمل سياسي".. والحس الباطني عندي يرجح انها هجمة مفتعلة لسناتور جون ماكين المرشح الجمهوري، يدعمها ضوء أخضر من البيت الأبيض! ومستشارو أوباما لا يعلنون شيئا عن مجريات لقاءاته.. لكن مكتبه حرص علي أن يعلن إيجازا غامضا: "إن الأطراف ناقشت القضايا المتعلقة بالموضوع، وتحديات المستقبل التي تواجه إسرائيل والمنطقة".. وتشمل تحديات المستقبل: محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.. والاهتمام ببرنامج إيران النووي. استقبل الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريس، سناتور باراك أوباما بترحاب دافئ.. ابتدره بمودة: "إن رغبتي الأثيرة أن تفوز الولاياتالمتحدة برئيس عظيم.. وهو وعد ننتظره وينتظره معنا بقية العالم". وهما يتمشيان معاً في حديقة القصر الرئاسي قبيل الاجتماع، قال أوباما: "إني هنا في هذه الرحلة لأؤكد العلاقة الخاصة التي تربط بين إسرائيل والولاياتالمتحدة، والتزامي الباقي بأمن إسرائيل، وأملي في أن أخدم كشريك فعال، سواء كسناتور أو رئيس للولايات المتحدة، في جلب سلام دائم لهذه المنطقة المهمة من العالم".. واستطرد أوباما: "أعلم أن خبرتك في قضية السلام خبرة لا تداني.. وآمل أن أدير معك مناقشة قوية أستوعب فيها بصيرتك النفاذة وحكمتك".. وقد كان! والتقي أوباما بالوجه الآخر.. بنيامين نتنياهو زعيم المعارضة، لتكتمل الصورة.. خرج بعدها ليقول: "ناقشنا العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، وقضية إيران.. وأضاف نتنياهو: "اتفقنا معاً علي أن الأهمية الأولي primacy sacro sanct في أي مقاربة لمفاوضات سياسية"!