السوق يفتقر للعوامل المحفزة ويمر بمرحلة من التحرك العرضي مع الميل للهبوط، والمشكلة ليست في عدم وجود أخبار جيدة، ولكن المشكلة الأكبر هي طول فترة الإجراءات، وما يتبعها من إصابة المستثمرين بالملل وانتشار للشائعات، والحقيقة أن الهيئة العامة لسوق المال برئاسة الدكتور أحمد سعد كانت قد أصدرت منذ فترة قرارا يقضي بضرورة أن تقوم الشركة بالالتزام بفترة لا تزيد علي شهرين منذ إعلانها عن زيادة في رأس المال عن طريق أسهم مجانية أو اكتتاب لتكون قد انتهت فعليا من الإجراءات. ولكن الموضوع في أرض الواقع يختلف كثيرا وهناك أمثلة صارخة، وسنبدأ مع شركة "نعيم" القابضة والتي أعلنت عن زيادة رأسمالها عن طريق توزيع أسهم مجانية، ولكم أن تتصورا أن الحصول علي الموافقات استغرق من الشركة 50 يوما بالتمام والكمال. أما المثال الثاني فهو "البنك التجاري الدولي" والذي أعلن عن نصف سهم مجاني لكل حامل سهم ومضي علي الإعلان ما يزيد علي شهرين ونصف الشهر ولا حس ولا خبر. المثال الثالث شركة "مينا" للاستثمار السياحي والعقاري والتي أعلنت عن سهم مجاني لكل حامل سهم وحصلت علي موافقة الجمعية العمومية ورغم ذلك فلا أحد يعرف إلي أين وصلت الأسهم المجانية. المثال الرابع شركة جنوبالوادي للأسمنت والتي أعلنت عن أسهم مجانية بواقع سهمين لكل 5 أسهم ومضت 3 أشهر حتي الآن ولا أحد يعلم متي يتم توزيع هذه الأسهم. المثال الخامس شركة "آسيك للتعدين" والتي أعلنت منذ شهر أو أكثر عن زيادة رأسمالها بواقع سهم ونصف سهم لكل حامل سهم بالقيمة الاسمية، ولا أحد يعلم متي سيتم الاكتتاب. المثال السادس الشركة المالية والصناعية المصرية والتي حصلت علي الموافقات الرسمية لتوزيع سهم مجاني لكل 3 أسهم وتجزئة السهم الواحد علي 4 أسهم، ولا أحد يعلم متي ستتم التجزئة والتوزيع رغم مضي أكثر من شهرين. وهناك أمثلة أخري كثيرة عن قرارات جوهرية وإيجابية تأخرت كثيرا وأثرت علي السوق بالسلب. والمشكلة هنا أن هناك قراراً رسمياً من الهيئة العامة لسوق المال يعطي الشركة مهلة شهرين للانتهاء من الإجراءات والبدء في التنفيذ، ورغم ذلك لا أحد يلتزم ولا نعرف بالتحديد هل التأخير من الشركات أم بسبب طول الإجراءات والروتين والبيروقراطية القاتلة. وإذا كان الأمر تأخير من الشركات فيجب أن تعاقب، وإذا كان التأخير بسبب القوانين والبيروقراطية فلنقرأ الفاتحة علي روح الاستثمار في مصر وتنشيطه، والحقيقة أنه يجب توضيح الأمور بالنسبة للأخبار الجوهرية الخاصة بالشركات وسبب تأخيرها بهذا الشكل. واستطيع أن أؤكد أن صدور القرارات الخاصة بالأمثلة السابق ذكرها والحالات الأخري من شأنه أن يجعل السوق يتماسك ويخرج من دائرة التراجع الجهنمية والمشكلة الأكبر هي نقص النشاط والسيولة. نريد أن نعرف هل قرار الهيئة العامة لسوق المال الخاص بضرورة انتهاء الإجراءات بعد مرور شهرين علي الأكثر من صدور القرار هو مجرد حبر علي ورق، أم أن المشكلات والبيروقراطية والموافقات المتعددة تقف حاجزا أمام تنفيذه. وللحقيقة نؤكد للسادة المسئولين عن سوق المال بضرورة تقليل الإجراءات والموافقات، إذا كانت مصر تريد أن تكون دولة جاذبة للاستثمار. ونستطيع أن نؤكد أن الشركات لم تتأخر في أغلب الحالات عن البدء في تنفيذ الإجراءات ولكنه الروتين وحلقة الموافقات الجهنمية من جهات متعددة، والحالة الخاصة بشركة "نعيم" القابضة خير دليل علي ذلك مع تأكيد المهندس هشام توفيق عضو مجلس إدارة الشركة انه احتاج 50 يوماً ونؤكد 50 يوما للحصول علي الموافقات، يا سادة اننا في مصر التي تتطلع أن تكون دولة قائدة في المجال الاقتصادي ودولة جاذبة للاستثمار، فكيف بالله عليكم كل هذه الموافقات في شركات مدرجة في البورصة وكل يوم له ثمن وله تأثير.. اننا نناشد وزير الاستثمار الدكتور محمود محيي الدين ورئيس الهيئة العامة لسوق المال الدكتور أحمد سعد ورئيس البورصة ماجد شوقي بضرورة أن تكون هناك مراجعة للإجراءات الخاصة بالشركات المقيدة في البورصة خصوصا إذا كانت شركات نشطة ونحب أن نؤكد أن الوقت في الاستثمار له ثمن، ونريد أن نعرف هل المشكلة في الشركات التي تتأخر في التنفيذ أم في الروتين والموافقات المتعددة، وإذا كنا نريد للسوق أن يتحسن علي الشركات أن تلتزم بقرار رئيس الهيئة، وإذا كانت البيروقراطية تتسبب في عدم القدرة علي الالتزام بالقرار فالأفضل إلغاؤه انتظارا لحدوث تغيير في الإجراءات القاتلة للاستثمار في مصر.