تعد قضية دعم الدولة للمواد البترولية من القضايا ذات الحساسية الخاصة نظرا لما تمثله الطاقة البترولية من أهمية لدي قطاعات مؤثرة تأتي الصناعة علي رأسها. ونظرا لأهمية قضية الدعم فقد خصص لها الرئيس جانبا من خطابه الذي ألقاه في عيد العمال والذي أكد فيه علي ضرورة مراجعة أسعار المواد البترولية المقدمة من الدولة للمصانع الكثيفة الاستخدام للطاقة حيث يبلغ دعم الدولة للمواد البترولية حوالي 63 مليار جنيه. وتؤكد البيانات الرسمية ان المنتجات النفطية تستحوذ علي النصيب الأكبر من مخصصات الدعم إذ تمثل 74.3% من اجمالي قيمة الدعم للعام المالي 2006/2007 باجمالي 40.1 مليار جنيه وان السولار يعد أكثر البنود استحواذا علي الدعم المخصص للمواد النفطية حيث سجل 42.4% من اجمالي الدعم الموجه للمواد البترولية أما الغاز الطبيعي فقد استحوذ علي 17% من اجمالي قيمة دعم المواد البترولية لعام 2006/2007 أما قيمة دعم البوتاجاز فقد استحوذت علي حوالي 20.9% من اجمالي قيمة دعم المواد البترولية حيث يتم تعبئة 730 ألف اسطوانة بوتاجاز يوميا بتكلفة انتاج 42 جنيها للاسطوانة الواحدة في حين ان سعر بيعها للمستهلك يبلغ 3 جنيهات وتتحمل الدولة فارق السعر الذي يصل إلي 39 جنيها لدعم اسطوانة البوتاجاز الواحدة وهذه القيمة يتساوي فيها الغني والفقير. أما دعم البنزين فيبلغ حوالي 9% من اجمالي دعم المواد البترولية لعام 2006/2007 كما ان نصف المشتركين اشتراكا منزليا في شبكة الكهرباء يستهلكون ما بين 51 الي 200 ك.و.س أي أن نصيب المستهلك من دعم الكهرباء يبلغ حوالي 11.5 جنيه شهريا وهذه الأرقام تشير إلي وجود حلقة مفقودة وحالة من عدم التوازن الأمر الذي ألزم الحكومة ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لإعادة التوازن الي هذه المنظومة حيث بدأتها برفع أسعار السولار والبنزين علي أن يتم التدريج في رفع دعم الطاقة الموجهة للمصانع وهو الأمر الذي طالب به الخبراء مرارا وتكرارا. الإجراءات المتتالية في هذا الشأن دعتنا الي مناقشة قضية الدعم والتي تعتبر من أكثر القضايا المثيرة للجدل في الاقتصاد المصري منذ بداية تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي بدءا من الحديث عن إلغاء دعم السلع الغذائية والقطاعات الانتاجية وصولا للمواد البترولية وغيرها من الخدمات. في البداية يشير عمرو كمال حمودة - خبير طاقة - ان هناك خصوصية مصرية في دعم الطاقة وهي قائمة علي تبني الدولة لفكرة تري وفقا لها ان تحقيق استقرار اجتماعي وسياسي لن يتم الا بتقديم دعم لعدد كبير من فئات الشعب في قطاعات معينة وتأتي الطاقة علي رأس أولويات هذه القطاعات ولكن في حقيقة الأمر فإن معظم قيمة الدعم تصل لغير مستحقيها والدليل. هو الدعم الذي تحصل عليه سيارات المرسيدس والهامر وفور باي فور وغيرها في الوقت الذي يجب ان يقتصر هذا الدعم علي سيارات الغلابة سواء الميكروباص أو الاتوبيسات او السيارات ذات الأربع سلندرات، فليس من العدل الاصرار علي دعم الكهرباء كما يحدث في المنتجعات السياحية في شرم الشيخ والغردقة او التجمعات السكنية الراقية والتي تحصل علي اسعار كهرباء مدعمة بنفس سعر المناطق الشعبية وهو ما يشير إلي أن المنظومة الحالية تعمل في جزء كبير منها في صالح الاغنياء. ويوضح حمودة ان قضية دعم الطاقة لا تحتاج إلي مقارنة مع الدول الاخري بقدر ما تحتاج إلي ضبط الأوضاع الداخلية حيث لا توجد دولة بها نظام دعم مترهل كما يوجد في مصر حيث يتم "الطبطبة" علي المستثمر والطبقة الغنية في المجتمع، منوها إلي أن المستثمر يحضر إلي مصر وفق حزمة من العناصر منها سعر الطاقة المدعم، مشيرا إلي أن الرقم المخصص لدعم الطاقة "63 مليار جنيه" يعتبر رقما مهولا والحل بسيط وهو قيام كل شريحة اجتماعية بدفع ما تستحقه من سعر حقيقي للطاقة. وينوه حموده إلي ان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء في التعداد السكاني الاخير قام بعمل توزيع طبقي للسكان حيث تم تحديد كل طبقة وفق حجم استخداماتها من الطاقة بالاضافة إلي حصر المصانع ومدي استخداماتها من الطاقة وهذه البيانات متوافرة في الغرف التجارية واتحاد الصناعات ومركز صناعة القرار برئاسة الوزراء فالأرقام متاحة ويمكن تطبيقها بسهولة ولكنها تحتاج فقط إلي اتخاذ القرار، مشيرا إلي أن التطبيق ليس صعبا كما يتوقع البعض في شيء من الدراسة والتصميم يمكن الوصول إلي أفضل الطرق فأولا يجب التفريق بين المناطق الحضارية المتميزة والمناطق الشعبية والارياف حيث يتم فرض تعريفة الكهرباء وفقا لمستوي كل منطقة. ويتوقع حمودة ان تشهد الفترة القادمة ارتفاع اسعار برميل البترول حيث وصل سعره حاليا إلي 120 دولارا ومن المتوقع زيادته مع نهاية العام ومن ثم قد نحتاج إلي موارد اضافية لان مبلغ ال 63 مليار جنيه قد يصل إلي 80 مليار جنيه والكمية سوف تظل كما هي ومن ثم يجب الاسراع في اتخاذ اجراءات صارمة فيما يتعلق بنظام دعم الطاقة.