لا شك في أن القرارات الحكومية الأخيرة أحدثت خللا في العديد من الجوانب الاقتصادية المحلية ناهيك عما فرضته من تذمر وقلق بالأوساط الاقتصادية والاستثمارية خاصة بعد الإعلان عن فرض ضرائب علي المناطق الحرة وأذون الخزانة ورفع أسعار الطاقة الأمر الذي أثر سلبا علي سياسة الأجانب الاستثمارية في مصر وهدد بتراجع النمو بشكل عام. واعتبر الخبراء تلك القرارات سببا رئيسياً في إيجاد القلق داخل الأوساط الاقتصادية الأجنبية محليا وكذلك أكدوا انها الباب الخلفي لهروب المستثمرين الأجانب من البورصة الأمر الذي ظهر جليا خلال الأسبوع الماضي. وكانت حالة من الترقب قد سيطرت علي الأوساط الاستثمارية عقب تصريحات وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي بدراسة فرض ضرائب بنسبة 20% علي عوائد أذون الخزانة سواء علي المحليين أو المقيمين في إطار الحلول التي تلجأ إليها لزيادة مواردها التي أصبحت تعاني من الضغط الشديد بسبب أزمة الغذاء العالمي وارتفاع أسعار الطاقة وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. خبراء ومحللو سوق الأوراق المالية رأوا أن القرارات الأخيرة تعد ضربة في مقتل لقطاعي البورصة والبنوك والتي تعتمد علي أذون الخزانة كإحدي الأدوات الأساسية أكدوا انه علي الرغم من نفي الحكومة المصرية وجود اتجاه لفرض ضرائب علي الارباح الرأسمالية إلا أن خطوة فرض ضرائب علي عوائد أذون الخزانة أدي إلي الاعتقاد أن هناك موجة أخري من الضرائب قد تمتد إلي الارباح الرأسمالية وهو ما يراه البعض في حال تحققه ضربة قاتلة لمناخ الاستثمار في مصر خصوصا في ظل الأوضاع الحالية. كما رأي الكثيرون من خبراء الاقتصاد أن القرارات الاقتصادية الأخيرة التي أقرتها الحكومة المصرية إنما جاءت في وقت غير مناسب علي الاطلاق لاسيما وانها جاءت في ظل زيادة مستمرة ومتواصلة لمعدلات التضخم في مصر والتي وقفت الحكومة حتي الآن عاجزة عن التصدي له أو علي الأقل التقليل من حدته. وأشاروا إلي أنه من الممكن الاتفاق علي أن هذه القرارات قد تكون بالفعل في صالح المواطنين وفي صالح الاقتصاد إلا انهم أجمعوا علي رأي واحد وهو أن التوقيت خاطئ، موضحين أن هذه القرارات ستكون لها تأثيرات سلبية علي معدلات النمو الاقتصادي المصري. وتوقعوا أن تكون هناك تأثيرات قصيرة المدي لقرارات الحكومة الخاصة برفع أسعار الطاقة علي المصانع ورفع أسعار منتجات البترول.. مؤكدين أن مؤشرات البورصة المصرية ستعود للاتجاه الصعودي مرة أخري علي المدي القريب. بداية يؤكد محمود شعبان رئيس مجلس إدارة شركة الجذور لتداول الأوراق المالية أن فرض ضرائب علي عوائد أذون الخزانة ليس مقصورا علي مصر فقط فكثير من دول العالم تقوم بفرضه منذ فترات طويلة إلا أن الوضع في مصر قد يختلف قليلا علي اعتبار أن أذون الخزانة في مصر علي وجه الخصوص تعد إحدي الأدوات الفاعلة والنشطة والتي تسعي إليها في البنوك والشركات في البورصة لأنها تعطي معدل دوران ضخما وارباحا أعلي وهي إحدي المميزات النسبية التي كانت تتمتع بها أسواق المال في مصر، مشيرا في ذات الوقت إلي أن تأثيرات ذلك علي المستثمرين ستجعل خطواتهم محسوبة لدي اتخاذ أي قرار استثماري خصوصا في ظل تكاليف أخري علي عاتق المستثمر في ضوء وجود عمولات سمسرة تصل نسبتها إلي 6 7 في الألف الأمر الذي سيضاف إليه أيضا 20% ضرائب علي عوائد أذون الخزانة وهي كلها أمور مرهقة للمستثمر. وقال إن هذا القرار من شأنه المساهمة في زيادة معدلات التضخم وإعاقة الاستثمار.. خاصة وأن الاقتصاد المصري في الوقت الحالي يعاني من ارتفاع التضخم الذي يلاحقه من عدة طرق سواء من ناحية ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة إضافة إلي زيادة السيولة لدي القطاع المالي، مشيرا إلي أن البورصة والبنوك لديها فوائض ضخمة من السيولة وكانت أذون الخزانة إحدي القنوات المهمة التي تسهم في التخلص من تلك السيولة. وأشار إلي أن المشكلة قد لا تكون الأخيرة فقد يعقبها ضرائب جديدة علي الارباح الرأسمالية وهو الأمر الذي سيسبب ضررا بالغا علي الاستثمار.