في زمان مضي كانت الوزارة تمثل عبئا شديدا علي الوزير، كان الوزير يدخل الوزارة وعنده مائة فدان ويخرج منها وقد باع نصفها لكي ينفق علي نفسه، ولكن عشرات الوزراء الآن دخلوا الوزارة لا يملكون شيئا وخرجوا منها وقد سكنوا القصور وامتلكوا الأراضي وفتحوا الحسابات بالملايين في مصر والخارج، وما أسهل أن يقول الوزير إنه يقدم إقرارا عن ذمته المالية، وهذه الإقرارات أكاذيب كبيرة، إذا كان مرتب الوزير بضعة آلاف من الجنيهات فمن أين القصور والفيللات والعزب والاستراحات، من أين الأرصدة بالملايين، ومن أين المشروعات الضخمة؟ إن أموال الوزير في أحيان كثيرة تتداخل مع ميزانية وزارته بحيث ينفق منها بلا حساب وفي مكاتب الوزارة نسمع حكايات رهيبة عن سكرتيرة تحصل علي عشرات الآلاف من الجنيهات كراتب شهري وعشرات الرحلات للخارج ولا أحد يحاسب أحدا، إن اسوأ لعنة أصابت الجهاز الإداري في مصر هذا التدخل الشديد بين أموال المسئولين الخاصة وميزانيات الدولة العامة وأمام بقاء المسئولين في مناصبهم سنوات طويلة فهم لا يفرقون بين حلال وحرام وبين الخاص والعام، وعندما تراجع ميزانية كل وزارة أو كل هيئة نكتشف أن المال السايب يفتح ألف باب للانحراف والفساد، ان قصور المسئولين وبيوتهم وقصور ابنائهم تدعو للدهشة فلا مرتب الوزير يصنع ذلك ولا دخله السنوي يغطي كل هذه النفقات، ولكن الذي حدث أن الخاص دخل في العام وان أموال الوزارة أصبحت مشاعا وهناك طابور طويل من المستشارين والمنتفعين وأصحاب المصالح، وبعد ذلك يتساءل البعض لماذا ساءت الأحوال، ولماذا أصبح الفساد هو القاعدة والاستثناء هو نظافة اليد والسلوك، إن السبب في هذا كله هو غياب الرقابة والحساب وفي حالات كثيرة تغلق الملفات لأسباب غير معروفة، هناك قضايا كثيرة انتهت في ظروف غامضة دون أن يتحدث فيها أحد وهناك لصوص كبار لم يحاسبهم أحد وهناك أيضا من بقوا في مناصبهم رغم كل الروائح الكريهة التي احاطت بهم من كل مكان.