حذر المشاركون في ندوة "الفنون الشعبية بين خطط الثقافة ومتغيرات الواقع" التي عقدت أمس الاول في وكالة الغوري من انهيار الصناعات الحرفية واليدوية لعدم رعايتها رسميا في ظل ارتفاع اسعار خاماتها من النحاس والصدف والصوف والخيوط. وطالبوا بعودة رعاية الدولة لهذه الصناعات المهمة باعتبارها تمثل تراثا تاريخيا وصناعيا لمصر بالاضافة الي عائدها الاقتصادي وذلك من خلال انشاء هيئة قومية لرعاية هذا التراث وحمايته من الاندثار. قد اكد عز الدين نجيب رئيس جمعية اصالة لرعاية الفنون التراثية والمعاصرة ومدير الادارة العامة للحرف التقليدية الاسبق بوزارة الثقافة انه لم يعد امام المصريين حاليا إلا تراثهم الثقافي ليكون عاصما لهم من الاجتياح الذي تمثله العولمة. كما اشار الي اننا اصبحنا نعيش عالة علي الانتاج العالمي حتي ان منتجاتنا اصبحت تصدر لنا من دول جنوب شرق آسيا مثل الصين ولم يعد لدينا صناعة تقدر علي المنافسة. واضاف ان الصناعات الحرفية حاليا اصبحت علي حافة الانحدار بسبب قيام الدولة برفع يدها عن رعايتها رغم انها ظلت ترعاها كقطاع رسمي علي مدي اكثر من نصف قرن. واكد "عز الدين" ان الوضع الحال للصناعات الحرفية في ظل ارتفاع اسعار خاماتها المختلفة قد اثر بشكل سلبي عليها وجعل منتجاتها لا تباع الا للفئات القادرة، كما ان بعض منتجات هذه الصناعات لم يعد لها وجود الا في بعض المناطق النائية. كما طالب بضرورة انشاء جهاز او هيئة قومية لرعاية هذا التراث وحمايته من الاندثار، بحيث يتم عملها من خلال مشروع قومي يخصص له ميزانيات من جهات سيادية بالدولة لها استقلالية اتخاذ القرارات وتنفيذها. واقترح ان يكون لهذا الجهاز طبيعة خاصة بلائحة وقانون مستقل بحيث يتم من خلاله تأسيس شركات ترعي شراء الخامات للصناعات الحرفية والتدريب والتسويق للمنتجات. ومن جانبه فقد أكد الكاتب الصحفي سعد هجرس ان ازدهار الصناعات الحرفية في اي دولة يرتبط بمعدلات النمو بها وانه كلما كانت الدولة متقدمة اقتصاديا تواجدت بها صناعات تراثية علي مستوي عال، كما هو الحال في دول جنوب شرق آسيا والتي نجحت في الجمع ما بين النهضة الصناعية وازدهار المهن التراثية والمشروعات الصغيرة بها. كما اشار الي ان الصناعات الحرفية والمشروعات الصغيرة اليوم وفي ظل المتغيرات والتحديات الموجودة علي المستوي العالمي وكذلك المحلي من حيث ظهور وتضخم العديد من المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتي لم يكن احد يتوقعها كما حدث في مشكلة رغيف الخبز وازمة الغذاء.. وغيرها من المشكلات التي ظهرت علي الساحة ومنها انتشار وتفاقم معدلات البطالة. ولهذا فلابد ان يكون هناك تبن للنهوض بهذا القطاع كجزء من مشروع نهضة مصر. وضرب هجرس امثلة ببعض الدول مثل كوريا وماليزيا واكد ان هذه الدول اقترنت النهضة الصناعية بها بنهضة في الحرف التقليدية ولهذا فقد نجحت في القفز بمعدلات النمو الاقتصادي بها حتي ان ماليزيا بحلول عام 2020 سوف تغادر قطار العالم الثالث وتصبح دولة متطورة بالكامل. كما اشار الي ان معدلات التصدير في ماليزيا وهم يمثلون 27 مليون نسمة تمثل 14 ضعف التصدير المصري وكذلك فإن كوريا تصدر في ثلاثة ايام ما تصدره مصر. كما اكد ان الصناعات الحرفية تحتاج الي هيئة قومية تكون مسئولة عنها خاصة أنها حاليا تعد بلا أب شرعي يحميها ويدافع عنها. واشار هجرس الي ان اوضاع المهن عموما في مصر وليست الصناعات الحرفية فقط اصبحت في انهيار بدءا من الصحافة ووصولا الي القضاء والمحاماة وغيرها من المهن.