حرب العراق بنزيفها الدموي مجرد سلسلة معلقة في رقبة باراك أوباما مرشح الرئاسة الأمريكي.. صاحب السلسلة جندي أمريكي سقط ضحية قنبلة علي جانب الطريق بين بغداد والرمادي، 2 أغسطس 2006.. منقوش عليها: "الكل أعطي شيئا.. هو أعطي كل شيء" والتوقيع: ريان ديفيد جوبك 20 سنة.. أمه تريسي جوبك أهدته السلسلة وهو في جولة انتخابية في جرين باي، وهي تمتم: "أساي علي ولدي لن ينتهي.. إلا بانتهاء الحرب"! ............... اكتوبر 2002: سيناتور هيلاري كلينتون وسيناتور جون ادواردز في واشنطن يقودان جهود الكونجرس لتخويل الرئيس جورج بوش غزو العراق الذي يمتلك ثاني احتياطي محقق من البترول بعد السعودية في الوقت والظروف السياسية التي يراها.. وكان باراك أوباما يقف في شيكاجو وسط حشد من المتظاهرين ضد الحرب في العراق وهو يعرض موقفه المعارض لتلك الحرب: "صدام لا يمثل أي تهديد حالي ومباشر ضد الولاياتالمتحدة، أو أي من جيرانه في الشرق الأوسط".! واصر أوباما علي استعمال بدائل للحرب.. منها السماح لخبراء الأممالمتحدة باستكمال مهامهم حتي النهاية.. والتنسيق مع المجتمع الدولي لاحتواء الموقف، إلي ان يسقط الدكتاتور صدام في مزبلة التاريخ.! واضاف أوباما برؤيته :"حتي لو نجحت الحرب ضد العراق، فإنها سوف تتطلب بقاء الاحتلال الامريكي لمدد مفتوحة، وكلفة غير محدودة.. فضلا عن تجنيد قوي العالم العربي، واستنهاض مقاومة الارهاب".! النقيض كله ان أوباما، فور انتخابه لعضوية مجلس الشيوخ، الزم صوته المناهض للحرب حد الصمت.! بل إنه دعم حملة تمويل غير مشروطة لتلك الحرب في عامي ،2005 2006 رغم سوء إدارة كوندوليزا رايس ودورها المتقاعس في حرب العراق أثناء شغلها لمنصب مستشار الامن القومي، اختصم أوباما مع معظم اعضاء مجلس الشيوخ الليبراليين واعطي صوته المؤيد لترشيحها وزيرة للخارجية.. دار للخلف حول مساره تماما.. وتراجع.! وواصل أوباما التزامه حد الصمت، لم يتحدث عن حرب العراق في مجلس الشيوخ، الا بعد عام كامل من عضويته بالمجلس.. فيه طالب علي استحياء بتخفيض عدد القوات الامريكية في العراق، لكن دون جدول زمني للانسحاب! وفي يونيو 2006 أعطي صوته ضد تعديل يسمح بالجدول الزمني، قدمه العضوان روس فينجولد وجون كيري.. وبذلك وقف بوضوح في طابور الرئيس جورج بوش! زد علي ذلك أنه في نفس العام شارك في حملات أصحاب المناصب من أنصار الحرب ومنهم جو ليبرمان ضد متحديه نيد لامونت.. وغيره من الديموقراطيين المحافظين الذين يقفون ضد المتقدمين المعادين للحرب في العراق! شكلت جماعة دراسة ملف العراق برئاسة جيمس بيكر وزير الخارجية السابق، ولي هاملتون عضو مجلس النواب السابق، ولي هاملتون عضو مجلس النواب السابق.. وطالبت الدراسة الحكيمة بتحديد تاريخ لانسحاب القوات من العراق.. وشكل أوباما لجنة امكانات ترشيحه للرئاسة.. وبادر علي الفور بتقديم مشروع تشريع لمجلس الشيوخ يحدد موعدا للانسحاب.. وكان قبلها بشهور قد شارك في التصويت ضد جمع أموال لتمويل حرب العراق! نوفمبر ،2006 وفي مجلس شيكاجو للشئون الدولية، وقف أوباما يهاجم الهدف المعلن لحرب العراق ونفي بوش أنه البترول وبناء الامبراطورية.. وأنه مجرد أحلام بناء ديموقراطية وهمية.. وإن كان قد أكد ضرورة هزيمة المقاومة العراقية! ورغم اجماع قياسات الرأي العام الأمريكي علي ضرورة الانسحاب من العراق في أقرب وقت، يعترض أوباما، ويدعي أن القوات الأمريكية تحتاج للبقاء في العراق "لمدة ممتدة من الزمن"! ويشترط لتخفيض القوات أن يكون حضور بقيتها قويا ونشيطا، ليحمي نقاط الامداد، والمقاطعات المحمية مثل المنطقة الخضراء.. والاستجابة العسكرية السريعة في أحوال الطوارئ، ومطاردة عناصر الارهاب! ويتعهد أوباما، كرئيس للولايات المتحدة بأن يسحب قوات القتال خلال 16 شهرا.. ويطرح مبادرات دبلوماسية وإنسانية لمعالجة صراع الطوائف.. ومبادرات دبلوماسية محلية ودولية لانهاء الحرب الأهلية وتخفيف أعبائها علي الشعب العراقي.. لكنه لم يتعهد بأي ضمان لاتمام انسحاب القوات الأمريكية قبل نهاية فترة رئاسته في العام 2013! ويعترف أوباما بأن الولاياتالمتحدة لا ترغب في اتخاذ قواعد دائمة في العراق.. وهو معكوس الحقيقة! وينتقد أوباما سياسة الحرب (belligerent policy) (bellicose) الذي تقدم به كيل ليبرمان، والذي يراه كثيرون أنه يمهد الطريق لإدارة بوش لشن حرب ضد إيران! في ملاحظات لأوباما في خطاب ألقاه أمام لجنة العلاقات العامة الأمريكية الاسرائيلية "ايباك" مارس العام الماضي قال: "أسلحة إيران النووية سوف تهز الاستقرار في المنطقة وتعيد تفجير سباق التسلح النووي بين دول مثل مصر والسعودية وتركيا.. لكنه لم يستطع أن يفسر كيف أن إسرائيل نفسها امتلكت السلاح النووي منذ أكثر من 35 عاما.. ولم تتبعها علي المضمار دولة عربية واحدة!! كذلك لم يفكر أحد في تأسيس منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الأوسط وهو اقتراح مصري للرئيس مبارك.. وله سوابق تم تنفيذها بالفعل في أمريكا اللاتينية وافريقيا ووسط آسيا وجنوب شرقها وجنوب الباسيفيكي لكن اليد العليا في الشرق الأوسط للولايات المتحدة وهي التي تقرر منع الانتشار النووي وهي التي تبيحه.. مثلما فعلت مع إسرائيل ستينات القرن المنقضي! والدول التي امتلكت بالفعل ترسانات نووية مثل إسرائيل والهند وباكستان إنما اعتمدت علي دبلوماسيتها المغامرة (Aggressive diplomacy) .