لم تستطع أي جهة رسمية أو غير رسمية تقدير حجم الاستثمارات المصرية في الخارج وقد ذكرت وكالة سويس انفو مؤخرا أن حجم الاستثمارات المصرية في أوروبا وأمريكا فقط 60 مليار دولار. وفي المقابل أكد رئيس اتحاد المصدرين في الاتحاد الأوروبي عصام عبدالحميد أن حجم الاستثمارات المصرية في أوروبا وحدها يقدر بحوالي 100 مليار دولار كما ذكر متخصصون أن الحجم الكلي للاستثمارات المصرية في الخارج تقدر بحوالي 120 مليار دولار وهناك شركات مصرية تأسست من أجل توجيه جزء من استثمارات المصريين بالخارج إلي مصر وإقامة مشروعات لتشغيل العمالة المصرية ومنها شركة المصريين في الخارج للاستثمار والتي تأسست عام 1984. أما عن مجالات الاستثمار الخارجي فقد ذكر وزير الاستثمار د.محمود محيي الدين بأنها تتركز في مجالات المقاولات والخدمات دون أن يذكر الرقم الحقيقي لحجم تلك الاستثمارات لكنه طالب بضرورة الاستعانة بالعمالة المصرية في المشروعات المصرية بالخارج. وطرحت "الاسبوعي" علي عدد من خبراء الاقتصاد والضرائب ورجال الأعمال تساؤلات حول الحجم الحقيقي للاستثمارات المصرية في الخارج وما مدي استفادة الاقتصاد القومي من الاستثمارات الخارجية؟ وحول الحجم الحقيقي للاستثمارات المصرية بالخارج قال إبراهيم فوزي رئيس هيئة الاستثمار الاسبق إنه من الصعب تحديد الحجم الحقيقي لهذه الاستثمارات مضيفا أن ما يذكر هو مجرد تقديرات غير متأكد من دقتها لأن هناك استثمارات يتم تأسيسها في الخارج دون أن يعلم أحد عنها شيئا في الداخل. وأشار فوزي إلي أن هناك شركات مصرية ناجحة في الخارج ونالت شهرة واسعة وسمعة طيبة ومن أهم هذه الشركات "أوراسكوم" التي تستثمر هذا العام بقيمة 7 مليارات دولار في أسواق دول آسيا مثل اندونيسيا وماليزيا ولبنان ومن هذه الشركات أيضا حسبما يقول رئيس هيئة الاستثمار الاسبق شركة المقاولون العرب التي بلغ حجم استثماراتها الخارجية 2 مليار دولار في 27 دولة منها دول في افريقيا وآسيا وأوروبا. وحول ما إذا كانت الدول المتقدمة تعاني أيضا من مشكلة عدم تحديد حجم استثماراتها بالخارج أوضح فوزي أن المواطن الأوروبي أو الأمريكي لا يمكن له أن يخفي سنتا واحدا من أرباحه والا تعرض للمساءلة القانونية وبالتالي السجن، لأنه يدرك أن للضرائب حقا في هذه الأموال مما يجعله ملتزما بالدقة في إعلان حجم استثماراته ومصادر أرباحه. الإعفاءات والاستثمارات وفيما يتعلق بالضرائب التي تفرض علي المستثمر المصري بالخارج، وهل هي أحد أسباب اخفاء بعض المستثمرين المصريين في الخارج لأرباحهم فقد أوضح رزق أحمد رزق رئيس جمعية الضرائب المصرية إن الشركة التي يتم تأسيسها في مصر ثم أسست لها فروع في الخارج لها تعامل خاص فيما يتعلق بالضرائب حيث إن موظفي الفروع يحصلون علي رواتبهم في الخارج بينما يحصل موظفو الشركة الأم علي مرتباتهم من مصر وبالتالي يدفعون ضرائب علي مرتباتهم شأن أي شركة أخري. ويقول رزق إن مصر وقعت مع 42 دولة اتفاقيات لعدم الازدواج الضريبي مما يعطي صاحب الشركة في هذه الحالة ميزة دفعه للضرائب لمرة واحدة إما في مصر أو في فروع شركته بالخارج مضيفا أنه في هذه الحالة تكون هناك معاملة بالمثل بالنسبة لمستثمري هذه الدول في مصر. ويؤكد رزق أن التسهيلات وقلة الضرائب المفروضة علي الشركات تعد عاملا مهما وأساسيا لجذب الاستثمارات موضحا أن هذا الأمر يحدث في دول مثل الامارات والأردن والبحرين. وأضاف رزق أن الشركات المتعددة الجنسيات تختار الدولة التي تعطي اعفاءات ضريبية كبيرة لتأسس فيها الشركة الأم مثل الفلبين. أما عن تحويلات المصريين في الخارج فقد أكد رئيس جمعية الضرائب إن هناك نوعين من التحويلات احدهما رسمي مثل تلك التي يقوم بها العاملون المصريون في دول الخليج بغرض شراء عقارات في مصر مثلا والثانية تحويلات سرية وفيها يفضل المستثمر ايداع أمواله في أحد البنوك الخارجية ولا تدخل إلي مصر. أما جمال بيومي رئيس جمعية المستثمرين العرب فقد شجع الاستثمار الخارجي علي اعتبار أنه يصب في النهاية لصالح الناتج المحلي الاجمالي منوها إلي أن القدرة علي الانتقال بالاستثمارات للخارج في الوقت الراهن بفعل العولمة أصبحت كبيرة جدا وتتحدي قدرات تقييدها. وأشار بيومي إلي أن الاستثمار المصري في الخارج له تاريخ طويل ارتبط بنمو الرأسمالية الوطنية بعد ثورة 1919 مثل استثمارات عبود باشا وأبو رجيلة وغيرهما قبل أن تأتي ثورة يوليو وتنجح عبر عدة قوانين "ارتبطت بطبيعة النظام الاقتصادي الموجه آنذاك" في الحد من قدرة هذه الاستثمارات علي الانتقال للخارج بنفس السهولة. طاردة للاستثمارات أما المستشار محمود فهمي رئيس هيئة سوق المال الأسبق ورئيس هيئة تأسيس الشركات فإنه يعتبر أن مصر دولة طاردة للاستثمارات بسبب طول إجراءات تسجيل الشركات وعدم حل مشكلات المستثمرين سواء مصريين أو أجانب اضافة إلي طول فترة الإجراءات القضائية مما يدفع المستثمر لتأسيس مشروعاته في الخارج خاصة في دبي أو في الصين. وأشار إلي أن تأسيس شركة في الصين لا يحتاج إلا ل30 دقيقة فقط ويطالب فهمي بتوافر حوافز قوية لجذب التحويلات واستثمارها في مصر مفضلا أن يكبر حجم الاستثمارات في الداخل أكثر من اتجاه استثمارات المصريين في الخارج. ومن الشركات التي لها استثمارات بالخارج مجموعة الهلال والنجمة الذهبية والتي توسعت مؤخرا بحيث شملت شركات في رأس الخيمة بالامارات باستثمارات وصلت أكثر من 20 مليون جنيه وأخري في جدة بأكثر من 50 مليون جنيه والتي تختص بالعمل في مجال صناعة الاداوات المنزلية. أوضح وليد هلال رئيس المجموعة أن أسباب توجهه للاستثمار بالخارج هي توسع حجم استثماراته في مصر بدرجة كبيرة تفوق حجم السوق المحلي مما استلزم أن يتجه إلي أسواق جديدة في دول عربية مجاورة ومنها يمكن الانطلاق لدول أخري موضحا أن المسألة ليست متعلقة بالربح فقط وإنما ترتبط بسياسات التسويق. وحول مدي استعانته بعمالة مصرية في مشروعاته الخارجية أجاب أنه يستوعب في شركاته بالخارج عمالة مصرية تعادل 30% أما الباقي فهم من الهند وباكستان كما يستعين بمواد خام مصرية. ويوضح هلال أن تكلفة الطاقة في مصر أقل منها في الخارج. ويقول هشام الشرقاوي أحد رجال الأعمال العاملين في مجال السياحة إنه لا يجد مشكلة في انتقال المصريين للاستثمار في الخارج معتبرا أن التوسع بالاستثمار في الخارج ضرورة رأسمالية أحيانا ترتبط بمدي استيعاب السوق المحلي للطلب علي المنتج الذي يتم تصنيعه في الداخل مشيرا إلي أن الاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني من أهم عوامل جذب الاستثمارات ويعتبر أن أوروبا وأمريكا تفوق غيرها في هذا الصدد.