أيام قليلة وربما ساعات ويغادر بعدها السفير الأمريكي فرانسيس ريتشاردوني القاهرة عائداً إلي واشنطن بعد ثلاث سنوات أمضاها في مصر وكان أول سفير أمريكي ينزل بهذا العمق إلي الشارع ويحتك بذكاء بالطبقات المختلفة من الشعب المصري بل ويتعمق في الطرق الصوفية ويجلس القرفصاء في رحاب السيد البدوي في طنطا وإبراهيم الدسوقي بكفر الشيخ ويصبح من أصدقائه المقربين مشايخ الطرق الصوفية مثل حسن المنشاوي وسالم الجازولي إضافة إلي "عم محمود" بائع الفتة واللحم الضاني و"عم سيد" بائع الحمص والسمسمية في طنطا وهي تحركات اعتبرها البعض محاولات مكشوفة للتقرب والاندماج مع الشعب المصري لا تخيل عليه لكن السفير الأمريكي يتجاوز كل ذلك ويعتبرها أسعد أيام حياته وفي حواره مع "العالم اليوم الأسبوعي" يتحدث ريتشاردوني عن ذكرياته التي سيحملها معه مودعاً مصر، كما تحدث عن أصدقائه المقربين ورأيه في كرة القدم والفن وأبرز إنجازاته التي يفخر بها، كان الحديث بعيداً عن السياسة والاقتصاد لكنه لم يكن أيضاً خالياً من الدبلوماسية وتنميق الكلمات وخاصة ما يتعلق بتعليقه علي الأحداث السياسية الداخلية في مصر.. وكذلك الموقف من السفيرة القادمة مارجريت سكوبي. * ما المشاعر التي بداخلك وأنت في طريقك إلي مغادرة مصر بعد ثلاث سنوات من العمل فيها؟ ** أشعر بأنني أرحل وأترك قطعة من قلبي في مصر فقد كونت أصدقاء كثيرين وكنت أرغب في إنجاز أشياء كثيرة ولدي أماكن كثيرة كنت أرغب في زيارتها، لكن أهم شيء أسعد به حقيقة هو أن كل حوار أجريته مع أي مصري وبدون أي استثناء خلال تلك الفترة كان حديثاً ودياً يملؤه الود والدفء. * وما الذي كنت تريد أن تقوم به ولم يسعفك الوقت؟ ** كنت أريد أن أذهب إلي كل ركن في مصر، وأن أزور كل محافظة فقد كان هذا حلمي منذ عشرين عاماً عندما جئت لأول مرة إلي مصر، فهناك أماكن معينة كنت أريد الذهاب إليها مثل منطقة الجرف الكبير علي الحدود الليبية السودانية وأماكن أخري في الواحات وفي الصعيد وأن أتقابل مع كل المصريين واعتقد أنني ساضطر أن أعود لمصر كسائح للقيام بذلك ويشاركني في هذا الرأي زوجتي وبناتي. * الكثير من المصريين تعجبوا من اهتمامك بمولد السيد البدوي والطرق الصوفية فهل ستظل علي اتصال بأعضاء هذه الطرق الصوفية وتعود كل عام للاحتفال بالسيد البدوي بطنطا؟ ** أتمني أن أكون قادراً علي العودة كل عام لزيارة السيد البدوي وزيارة أصدقائي من رواد الطرق الصوفية فقد تعلمت منهم الكثير وأتمني أن أظل علي اتصال بهم وقد تقابلت معهم في عدد من المناسبات الصوفية وأعطوني كتباً كثيرة حرصت علي قراءتها وفهمها وقد ارتبطت بعدد من مشايخ هذه الطرق مثل حسن المنشاوي وسالم الجازولي وأعشق كتابات الشاعر الصوفي جلال الدين الرومي. الطقوس * ما هي أبرز الطقوس التي تحبها في تلك الطرق الصوفية؟ ** أحب كل شيء.. الناس وطريقة تصوفهم والتعبير عن فرحتهم.. المولد وما يرتبط به من مظاهر احتفالية.. والفتة واللحم الضاني.. والحلويات المنتشرة بطنطا مثل الحمص والسمسمية. * بعد ثلاث سنوات من العمل في مصر سفيراً للولايات المتحدةالأمريكية في رأيك ما هو أبرز إنجازاتك أو أبرز المهام التي تعتز شخصياً باتمامها؟ ** لا أعتقد أن شخصاً واحداً فقط يمكن أن يكون وراء إنجاز أي شيء فنحن نعمل كفريق واحد في السفارة الأمريكية ولدي فريق مخلص يعمل بجد لتعميق العلاقات المصرية الأمريكية واعتقد أن العلاقات الثنائية قد زادت وتعمقت مع أصدقائنا المصريين سواء في مجال الأعمال أو في الفن والتعليم والترفيه والرياضة أو في مجال الأمن والدفاع، حيث إن لدينا تعاوناً في هذه المجالات وكذلك في مجال تنفيذ القانون مع القضاة وهناك قطاعات كثيرة في المجتمع المصري مرتبطة مع الولاياتالمتحدة سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال السفارة ولا أحد يستطيع أن ينكر إنجازات البرنامج الاقتصادي المصري وزيادة الاستثمارات الأجنبي خاصة الاستثمار الأمريكي مثل صفقة شراء سيتي بنك لشركة أمون وقيام محمد فريد خميس بالاستثمار في الولاياتالمتحدة ونحن نبحث تحويل العلاقات من معونة إلي تجارة وبعد اتفاقية الكويز زادت الصادرات المصرية للولايات المتحدة بنسبة 85% وأيضا زادت الصادرات الأمريكية إلي مصر فالولاياتالمتحدة تشتري 30% مما تصدره مصر في كل المجالات والقطاعات وهذا إنجاز جيد وأحاول في الوقت الحاضر إجراء مباحثات بين الجانبين المصري والإسرائيلي لتوسيع نطاق اتفاقية الكويز لتشمل الصعيد للاستفادة من هذه الاتفاقية.