قديما كانت الأسر المتوسطة - عندما كانت هناك طبقة متوسطة - تحرص علي ألا يتناول أبناؤها الطعام من خارج المنزل، واقتصرت زبائن عربات الفول والكبدة علي عمال التراحيل والحرفيين وصبية الورش وعابري السبيل. وحديثا اختفت الطبقة المتوسطة وتحولت إلي طبقة فقيرة تغير معها سلوك أفرادها وأصبح الاقتراب من عربات الفول والكبدة يحتاج إلي ميزانية بعد ارتفاع الأسعار خلال الفترة الماضية مصحوبا بتغير في مستوي الدخول للاسوأ. وفجأة أصبح زبائن تلك النوعية من الأغذية من المثقفين والفنانين ورجال الأعمال، أما الفقراء ومحدودو الدخل فهم يمتنعون. أحمد يسري رجل أعمال تعود أن يتناول افطاره يوميا من عربة الفول المتاخمة محدود منزله، يقرل: إذا لم أتناول الافطار منها أشعر بالإجهاد. د. محمد أحمد طبيب أسنان مقيم في السادس من أكتوبر يقول إن التغيير هو الدافع الأكبر وراء الأكل من خارج البيت، وفي الغالب أتناول "قرص مطهر" عقب تناول الطعام حتي أشعر بالأمان وأضمن عدم التعرض للتسمم! ويؤكد باسم توفيق محاسب أنه إذا فكر بضع لحظات في نظافة الأكل من العربات فلن يأكل لأنه - علي حد تعبيره- لا يوجد شيء مضمون. في مساكن شيراتون يقف عم كمال عبدالكريم بعربة فول منذ أكثر من 27 عاما قال: إن سكان المناطق الراقية ملوا من الفراخ واللحمة ولو الفول عندي طعمه سييء لانفض من حولي الزبائن لكن "التحبيشة" التي أضعها علي الفول وسعره المعقول سر اقبال سكان المنطقة ومنهم فنانون وأجانب ودبلوماسيون. وفي جسر السويس يقف عم عبده دولار الشهير ب "عبده تلوث" تقول ياسمين حسين طالبة: رغم أنني تعرض للتسمم إلا أنني أصر علي تناول الطعام منه لمذاقه الجيد، ولأنها الوسيلة الأسرع لسد الجوع. نفس الحال في شارع الطيران بمدينة نصر، حيث يقف عوض ملك الكبدة بعربته وهو لم يكتف بكتابة أسعاره بل طبعها وقام بتوزيعها علي الزبائن ويقول عنه أحمد سامي طالب في كلية الهندسة إن تناول الكبدة والسجق من "عوض" متعة رغم ما يتعرض له هو وأصدقاؤه من مخاطر الإصابة بالتلوث "والمغص".