وصلتني هذه الرسالة من الصديق العزيز د.عادل جزارين الرئيس السابق لشركة النصر لصناعة السيارات.. وهو واحد من رموز الصناعة المصرية عندما كان هناك حلم قديم بإقامة صناعة متقدمة علي ضفاف وادي النيل.. رسالة د.جزارين تتحدث عن تجاوزات خطيرة في برنامج الخصخصة يجب أن نعيد النظر فيها لانها تمثل خسائر فادحة للاقتصاد المصري. السيد الاستاذ/ فاروق جويدة تحية طيبة وبعد،،، دفعني إلي الكتابة إليكم عما يعانيه القطاع العام الصناعي أو بمعني اصح ماتبقي منه. في التشكيل الوزاري الجديد قسمت الصناعة بين وزارتي التجارة والصناعة وبين وزارة الاستثمار، فالحق القطاع الخاص الصناعي بوزارة الصناعة حيث تقدم له جميع الخدمات من برامج تحديث يقوم بها مركز تحديث الصناعة، وتدريب مهني ومساعدات فنية ومنح وغيرها حتي يصبح قادرا علي المنافسة الشرسة بعد فتح أبواب الاستيراد أمامه. أما القطاع العام الصناعي فقد ألحق بوزارة الاستثمار!! حيث وزعت مصانعه علي عدة شركات قابضة لتضعه في قائمة المبيعات.. مع حرمانه من برامج التحديث وكل الخدمات المقدمة للقطاع الخاص.. في انتظار مصيره المجهول من بيع أو تصفية وأود هنا أن اضرب مثلا واضحا لذلك وهو شركة النصر لصناعة السيارات والتي كانت في يوم ماصرحا صناعيا ضخما تفخر به مصر "شرفت برئاسته لبضع سنوات" ينتج كل أنواع معدات النقل البري من لواري واتوبيسات وجرارات وسيارات ركوب، يعمل به حوالي ال 12 الف عامل في مجتمع متكامل في منطقة وادي حوف التي تحولت إلي مدينة صناعية بعد أن كانت صحراء جرداء ونجحت الشركة لسنوات طوال في تغطية احتياجات القوات المسلحة والسوق المصري وصدرت منتجاتها لعدد كبير من البلاد العربية كالكويت والعراق وسوريا وليبيا.. ووصلت نسبة التصنيع فيها إلي أرقام مرتفعة وتعدت قيمة انتاجها مئات الملايين من الجنيهات، بجانب تشغيل المئات من المصانع المغذية لها. ومنذ أواخر الثمانينيات بدأت الشركة في التدهور نتيجة حرمانها من أية استثمارات جديدة في صناعة تتطور بسرعة عالميا وتحتاج إلي استثمارات متجددة.. بل وحرمانها من السيولة اللازمة لشراء مكونات الانتاج ودفعها إلي الاقتراض من البنوك بفائدة مرتفعة.. وتلي ذلك عمليات ما سمي بخصخصة الشركة بأن تم تقسيم الشركة إلي 4 شركات مستقلة وزعت علي أكثر من شركة قابضة وبقت الشركات الأربع في قبضة الشركات القابضة دون تحديث ودون استثمارات جديدة أو بيع حتي تدهور حالها وتحولت جميعها إلي خسائر وتبعثر العمال الذين كانوا فيها سواء بالاستقالة أو بالمعاش المبكر حتي انخفض عددهم عن ال 5000 عامل وتقادمت معداتها حتي اصبح بعضها خردة. هذا رغم أن إحدي الشركات الاربع وهي الشركة الهندسية لصناعة معدات النقل لديها الطاقة لصناعة 3000 اتوبيس و 4000 لوري فإنها لاتعمل إلا بجزء بسيط من هذه الطاقة بينما ينشأ كل فترة مصنع جديد لهذه المنتجات.. وكذلك الامر لسيارات الركوب التي تعدي عدد مصانعها حاليا ال 13 مصنعا. وهذا مثل اردت أن اوضحه لكم.. ألم يكن من الاحسن اقتصاديا استغلال الطاقات المتاحة بهذه الشركة وغيرها بمعرفة مستثمرين مصريين أو اجانب بالتأجير أو البيع أو بيعها بالكامل لمن يعمل في نفس المجال قبل أن يصل بها الحال لما عليه الآن، طالما انه ليس لدي الدولة القدرة علي استمرار تشغيلها. وهل يعني اتجاهنا إلي القطاع الخاص.. إهمال ماتبقي من قطاع عام وإهدار المليارات من الجنيهات التي استثمرت فيه ومازال بينه الكثير من الصناعات العملاقة!! ألم يحن الوقت لوضع استراتيجية واضحة لعمليات خصخصة ماتبقي من القطاع العام الصناعي في وقت محدد أو الاعلان عن الاحتفاظ به مع وضع برامج كاملة لتحديثه أسوة بالقطاع الخاص!!. مع وافر تحياتي وتقديري لكم،، دكتور مهندس عادل جزارين