يتابع كل المصريين بشغف في الآونة الاخيرة قضية المعونات الامريكية وربطها بالمشروطيات وفقا لقانون الربط الصادر من الكونجرس في نهايات عام 2007 واود ان انوه الي ان الولاياتالمتحدة ليست هي الجهة الوحيدة التي طالبتنا بهذا التوجه فقد سبقها الاتحاد الاوروبي ولا غرو ان وضع المشروطيات علي منح التنمية الدولية الان يتم التعامل عليها وفقا لاتفاقية باريس والتي وضعت 12 مؤشرا لفاعلية المنح انطلاقا من الاهتمام بأثرها التنموي المباشر علي رفاهة المواطن وهو التوجه الجديد لتأكد الدول المانحة ان الاموال التي تم استقطاعها من اموال دافع الضرائب قد اتت اكلها في تنمية مستدامة تعود بالنفع علي جميع الاطراف وقد وقعت مصر ضمن 150 دولة ومؤسسة دولية ومنظمات من المجتمع المدني علي هذا الاعلان في عام 2003. وبالرغم من انه لم يتم الاعلان رسميا عن المشروطيات الامريكية او الاوروبية بصورة اكثر وضوحا ولا عن خطة التخارج من المعونات التي وردت باقتضاب في الصحف وذلك بالرغم من تفاقم عجز الموازنة وتوقعات زيادته لاستدامة معدلات نمو عالية الا انني لا اري غضاضة فيها حيث مبدأ المساءلة العامة علي الساحة الدولية حق مصان لموقعي التعهد وحيث ان مصر لديها رصيد جيد يمكن البناء عليه في سبيل تحقيق التنمية للمواطن. فبادئ ذي بدء تمتلك مصر مجلسا قوميا لحقوق الانسان وقد اعطت للصحافة حرية غير مسبوقة وتمتلك انظمة مالية ومشتريات عامة، وتعمل علي تدريب وتعزيز المنظومة الامنية علي قواعد حقوق الانسان والتي تنبع في غالبها من الاديان السماوية. ومن هنا فقد قررت ان اكتب هذا المقال لاثبت تلك النظرية ولأسقط السدود نحنو هذا الفزع الكامن عند ورود مصطلح "حقوق الانسان" والذي وقعت مصر علي معظم الاتفاقيات الخاصة به علي الرغم من عدم اتفاقي مع بعض ما تتضمنه مما ينطوي علي مخالفات للدين والشرع والبنيان الاخلاقي لمجتمعنا. ان حقوق الانسان هي تلك الحقوق الاصلية اوالطبيعية التي يولد بها الانسان مستقلا بها عن الدولة، فهي تتميز بانها قواعد عامة وليست وليدة نظام قانوني ولكن زرعها الله في وجداننا كجزء من لدنه، وهي تلك الحقوق التي يجب الاعتراف بها واحترامها وصونها لان فيها جوهر كرامة الانسان والتي اكدها قوله تعالي: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا". وان كان هناك تمييز او تباين فيرجع ذلك لعادات وتقاليد ومعتقدات المجتمعات الا ان مجملها يتفق علي عدد من الحقوق الاساسية، الا وهي الحق في الحياة والحرية والامان الشخصي، وفي الحصول علي محاكمة عادلة والدفاع عن نفسه، وحق معاملة النساء والاطفال والعبيد والسجناء والاسري معاملة كريمة. وترجع تلك الحقوق الي ما قبل الميلاد للسومريين في عام 2050 ق.م وحامورابي في عام 1780ق.م وفلاسفة الاغريق القدامي، والقرآن، والانجيل والوصايا العشر واحكام كونفوشيوس الي عصر التنوير،وجان جاك روسو الذي ابتدع فكرة "العقد الاجتماعي" بين الحاكم والمحكوم والذي بمقتضاه يختار المواطن حاكما يقوم بتقديم الخدمات التي يوكله بها عملا علي ارضائه "المواطن" توماس هوبز وتكوين الجائزة التي يحصل عليها الحاكم هي اعادة تكليفه او انتخابه في انتخابات حرة نزيهة "جون لوك وبول فين" كما تهتهم نظرية حقوق الانسان بمبدأ المعاملة بالمثل التي وردت في جميع الاديان: "حب لاخيك ما تحب لنفسك" وتعطي الحق في التكاثر ويعزي المؤرخرون اول مخطوطة في حقوق الانسان الي الدولة الفارسية القديمة والتي قام بخطها القائد قورش العظيم بعد فتحه لبابل في القرن السادس ق.م ومن اهم المبادئ التي ذكرها قورش تحرير العبيد واعطاؤهم اجرا عن جميع اعمالهم وكذا اعطاء حرية العبادة والدين والتنقل في الملكية والعمل والحصول علي حقوق اجتماعية ويذكر التاريخ ايضا القائد الهندي اشوكا المتوحش والذي شعر بالاسي بعد احد فتوحاته في القرن الثالث ق.م وقرر تطبيق سياسة عامة ترتكن علي حماية حقوق الانسان وعدم ذبح او التمثيل بجثث الحيوانات او صيدها. كما وفر حق التعليم المجاني والمستشفيات بالمجان وحسن معاملة المساجين ونشر ثقافة السلام وتقبل الاخر وعدم ذبح الاسري وطاعة الوالدين واحترام المعلمين ورجال الدين ومساعدة الاصدقاء والتعامل الانساني مع الخدم والكرم تجاه الجميع وتحرير العبيد والمساواة. ولما جاء نور الاسلام رفض التعالي والربا ووأد البنات والقتل وعدم الالتزام بالعقود والرق كما جمعل نبي الله محمد صلي الله عليه وسلم الحكومة الاسلامية كفيلة بمأكل وملبس الاسري ايا كانت ملتهم كما ان الاسلام قد حرر العبيد واعلي من شأن المرأة بأن اعطاها حق الزواج بمن تريد والطلاق ممن لا تريد وحقوق المواريث. كما ان الاسلام قد اعطي المرأة حق الاحتفاظ بمهر الزواج كهدية لها بينما كان ينظر للمهر سابقا علي انه عطية للاب وثمنا لشراء ابنته، كما نظر للزواج علي انه عقد يحافظ علي الحقوق وتتبعه التزامات علي الطرفين واعطي الاسلام للمرأة حق انفصال الذمة المالية والعمل علي كسب الرزق والتملك والتعليم تلك الحقوق التي كانت ملكا خالصا لذكور العائلة دون الاناث في الجاهلية وقد اكد علي كم وكيف المكتسبات الحقوقية التي اعطاها الاسلام في القرن السابع الميلادي اعمال عدد من المستشرقين منهم علي سبيل المثال لا الحصر روبرت بلا ودال ايكلمان اللذان اكد ان الاسلام ديانة عصرية تقدمية بلا مثيل وانها قد اعلنت شأن الفرد علي مسئولية الجماعة.