40% من المصريين فقراء.. أي أن هناك 2 من كل 5 مصريين ضمن الفقراء أو من بينهم.. هذه هي أرقام التقرير الأخير للبنك الدولي الذي أعلن أيضا ان نمو الاقتصاد المصري يصل إلي 7% وهذه الأرقام ليست جديدة علي الحكومة التي أعلنت أن الفقر هو التحدي الأول لمصر. وقد قسم التقرير الفقراء في مصر إلي ثلاث فئات الأولي: من ينفقون أقل من 995 جنيها سنويا ولا تبلغ نسبتهم 2.8% أي أن 2.6 مليون نسمة الفئة الثانية هم فقراء الفقر التام وهم يستطيعون أن ينفقوا أقل من المطلوب لتوفير احتياجاتهم الأساسية وتلك هي فئة الفقراء المتعارف عليها وعددهم 16.6 مليون مصري بنسبة تصل إلي 19.6% من السكان والفئة الأخيرة هي التي بالكاد تنفق ما يكفيهم لتوفير الطعام واحتياجات الحياة وهؤلاء يمثلون 14.5 مليون مصري بما يعادل 21% من عدد السكان كل هذه الأرقام في الفترة ما بين عام 2001/2005. ويكشف التقرير ان حدة الفقر في مصر زادت بشكل كبير حيث قدم التقرير خريطة مفصلة للفقر في مصر والذي يزداد تركيزا في المناطق الريفية عن الحضرية وفي الصعيد عند الدلتا الصعيد يضم 66% من الفقر المدقع، 51% من الفقراء، 31% منهم علي حافة الفقر.. السؤال المطروح هو من هو الفقير ولماذا يزداد الفقر؟ من هو؟ دعا دكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية إلي ضرورة الخروج من هذا الجدل مطالبا بعدم تحميل مشكلة الفقر علي كاهل الحكومة وحدها ومشيرا إلي ان القضية أعقد وأشمل من هذه النظرة وتحتاج الي تكاتف جميع فئات المجتمع. قال عثمان: إن الفقير هو ما لا يستطيع إنفاق دولارين في اليوم متوقعا انخفاض نسبة الفقراء في مصر الي 5% بنهاية الخطة الخمسية السادسة في عام 2011/2012 في ظل استمرار ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي خاصة أن ذلك الإنجاز يتجاوز بكثير ما استهدفته الاهداف الانمائية للألفية أوضح وزير التنمية الاقتصادية ان هناك تحديات تواجه الحكومة في سعيها لتحقيق النمو الاقتصادي أولها: مقاومة المجتمع المصري للتحديث وضعف الانتاجية وخاصة الفقراء وتم تحديد افقر القري والأسر في مصر ووضع برنامج للتعامل مع افقر مائة قرية بإجراءات محددة. من وجهة نظر دكتور مصطفي السعيد رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب ان الفقراء هم فئة لم تشعر بالاصلاح والنمو الذي حدث وذلك لعدد من الاسباب أولها: الاسراع في السياسات الاصلاحية فيما يتعلق بالتعليم والصحة وهذا مرهون يتحرك الحكومة فأمام الفقراء مابين عامين اوثلاثة اعوام حتي يشعروا بثمار هذا الاصلاح. وفيما يتعلق بمسألة الدعم فأنه في نظر دكتور مصطفي السعيد مسألة حياة او موت خاصة وانه السبيل لاخراج الفقراء من فقرهم خاصة وان النمو الذي حدث كان في الصناعات الثقيلة والتي جني اصحابها الثمار وشعروا بنتائج هذا الاصلاح والنمو. دعم أم تمكين يري الدكتور سلطان ابو علي وزير الاقتصاد الاسبق أن الامر اختلط متسائلا هل هو دعم ام تمكين للفقراء ؟! مؤكد علي ضرورة الاخذ بيد الفقراء ومساعدتهم حتي نخرج من كارثة ازدياد اعدادهم خاصة وان الحكومة وحدها لن تستطيع حل هذه المشكلة بعد ان وصل عدد الفقراء الي اكثر من 14 مليون مصري وهم من ينخفض دخلهم عن د ولارين يوميا ولا يستطيعون توفير احتياجاتهم الاساسية. ويطالب الاغنياء بالقيام بدورهم ومسئوليتهم تجاه الفقراء ومساندة الدولة للخروج من ازماتها الاقتصادية والتي اهمها ازدياد واعداد الفقراء وارتفاع الاسعار. يؤكد الدكتور جودة عبدالخالق استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ورئيس اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع ان مايتم ماهو الا كلام من جانب الحكومة بدون اتخاذ خطوات ايجابية لمعالجة الفقر الذي نشاهده علي وجه المواطنين في زاويا البيوت بل وعلي جلود الناس فالحكومة لاتجد من يحاسبها ومايتم من اصلاح اقتصادي ما هو الا المزيد من الافساد الاقتصادي "وذلك علي حد تعبيره" مؤكدا ان نسبة مالا يستطيع الحصول علي دولارين زادت علي 54% من عدد السكان آخر نتائج المؤسسات الدولية اكدت ان 40% من المصريين فقراء وهذا طبقا العام 2005 فما بالنا ونحن في عام 2008 والذي علي وشك ان يبدأ. ويستطرد دكتور عبدالخالق إلي ان من بين الضرائب التي جاءت في تقرير البنك الدولي ان في مصر 100 قرية فقيرة جدا وهذا الرقم يعادل ربع عدد القري المصرية والبالغ عددها 4400 قرية مؤكدا ان عدد سكان هذه ال 1000 قرية فقراء بنسبة 100% اي انهم ضمن فئة الفقر المدقع موزعة علي 14محافظة فأين الدولة والحكومة من ذلك حيث لم يجدوا حتي الان البرامج الواقعية التي تخرجهم من فقرهم؟ الدكتور ابراهيم العيسوي استاذ الاقتصاد ومستشار معهد التخطيط اكد انه لايوجد اتفاق علي مفهوم الفقر وتعريفه ونسبته في المجتمع والذي حدده البنك الدولي بنسبة 20% مشيرا الي ان نسبة الفقر في أمريكا تتراوح بين 14% و17% فهل يعقل ان تكون في مصر 40% فقط؟ وعن الدعم قال الدكتور ابراهيم العيسوي ان وصول الدعم لمستحقيه ليس مشكلة في حد ذاته ولكن هناك سوء تقدير من ناحية اختيار توقيت مناقشة القضية خاصة ان الوقت الحالي وباعتراف الحكومة نفسها لم يصل فيه اثر النمو الي المواطنين جميعا وان هناك حركة متزايدة من الاضرابات والاعتصامات التي تطالب بزيادة الاجور والدخول. ودعا العيسوي الي مناقشة قضية الدعم بالتزامن مع قضايا اخري منها الاجور والاسعار وتوزيع الدخول والثروة في المجتمع مشيرا الي ان الدعم انكمش فعليا بالمقارنة بفترة السبعينيات فقد كان يصل الي 28% من ميزانية الدولة وتراجع حاليا الي 8% علي التعليم والصحة وتزايد العبء علي الاسرة المصرية. ويؤكد عبدالفتاح الجبالي رئيس الوحدة الاقتصادية بمركز الدراسات الاستراتيجية بالاهرام أن الدراسة الدقيقة لسياسة الدعم تتطلب معرفة الخريطة الاجتماعية في مصر ووضع الفقراء بها مشيرا الي ان الفقر في مصر يوضع بأنه غير عميق بمعني ان معظم الفقراء يقعون تحت خط الفقر مباشرة وبالتالي فان القيمة المطلوبة لتغطية العجز السنوي لهم حتي يتخلصوا من فقرهم ليست كبيرة ولكن من جهة اخري فان هناك شريحة لابأس بها تقع فوق خط الفقر مباشرة اي الطبقة الوسطي الدنيا وهي اكثر حساسية لأية تقلبات تحدث في الاسعار والدخول واكثر عرضة للانزلاق الي الفقر حال تغير دخولهم ويضرب الجبالي مثلا علي ذلك بأنه لو انخفض دخل هؤلاء بنحو 20% اي 288 جنيه سنويا سوف يتضاعف عدد الفقراء الي الضعف اما اذا انخفض دخل هؤلاء بنسبة 30% فإن هذا العدد سوف يتضاعف مرة اخري. ويشيرعبد الفتاح الجبالي الي ان افضل طريقة لحل هذه المعضلة هي تبني سياسة متكاملة للاصلاح يمكنها ان تمزج بين النوعين من الدعم النقدي والعيني كأنسب الحلول في الحالة المصرية وكلها اجراءات كفيلة بترشيد الدعم والتأكد من وصول الي مستحقيه وتحسين وتجويد نوعية السلع الخاضعة للدعم الكلي او الجزئي لما في ذلك من تأثير مباشر علي ميزانية الاسرة.