شهدت العملات الخليجية عمليات بيع كبيرة خلال الايام القليلة الماضية وكان متعاملون قد ضاربوا علي العملات الخليجية خاصة الدرهم الاماراتي والريال السعودي متوقعين فك الارتباط بالدولار ولو جزئيا كما فعلت الكويت قبل أشهر. ومع ان سعر العملة الامريكية يتراجع منذ نحو عامين، إلا أن الضغوط علي مسئولي السياسة النقدية في الدول الخليجية زادت في الاشهر الاخيرة لاسباب محلية أكثر مما تعلق بسوق صرف العملات، وفي مقدمة تلك الاسباب الارتفاع الكبير في معدلات التضخم خاصة في الامارات وقطر وبالتالي تآكل القدرة الشرائية للاسر الخليجية واضطرار القطاع الخاص لزيادة الرواتب والاجور إسوة بالزيادات في القطاع الحكومي وفي محاولة لكبت تململ العمالة المغتربة في الدول الخليجية. وأدت زيادة الرواتب بدورها الي جانب توفر السيولة بكثافة بشكل عام عبر مشروعات البنية التحتية والانفاق الحكومي الهائل، الي استمرار الضغوط التضخمية ومما يسهم في توافر "الاموال السهلة" انخفاض معدلات الفائدة في الدول الخليجية وهي المشكلة الاساسية التي تواجه البنوك المركزية ومؤسسات النقد في دول مجلس التعاون، فمع ارتباط العملات الخليجية بالدولار تضطر تلك البنوك الي اتباع خطوات الاحتياطي الفيدرالي الامريكي في خفض الفائدة والتي لجأ اليها مع بدء تباطؤ الاقتصاد الامريكي نتيجة أزمة قطاع العقار وضغطها علي القطاع المصرفي والمالي بعد كارثة القرو ض العقارية الرديئة، التي أدت ايضا الي أزمة انكماش ائتماني في العالم. وربما ذلك هو الاختلال الرئيسي في مسألة ربط العملات الخليجية بالدولار اذ ان البنوك المركزية الخليجية التي ربما كان عليها رفع اسعار الفائدة لضبط التضخم، تضطر لافلات لجام هذا التضخم بخفضها لاسعار الفائدة كلما فعل الاحتياطي الفيدرالي ذلك. ويعد النموذج الكويتي قدوة للبعض اذ قرر مصرفها المركزي في مايو الماضي فك ارتباط الدينار بالدولار جزئيا مما ساعد علي ضبط التضخم والحد من كلفة تمويل الواردات غير المسعرة بالدولار أي من اوروبا وآسيا.