وقع الرئيس الأمريكي جورج بوش بعد فوزه في الانتخابات الأمريكية في مأزق كبير. حيث كان يتعين عليه حسم القرارات الداخلية والخارجية خلال عام 2005 قبل إجراء انتخابات الكونجرس التي كانت مقررة عام 2006 قبل الانتخابات التمهيدية وذلك من أجل تقليص سلطة الرئيس الذي سيحكم أمريكا خلفا له. فعلي صعيد السياسية الخارجية كان هناك موضوعان يتصدران جدول الأعمال. يحمل أولهما عنوان فلسطين، إيران، وكوريا الشمالية، في حين يشتمل الثاني علي كل من الصين وفنزويلا وغرب افريقيا ويدور الأمر في دول المجموعة الأولي حول إيجاد حلول لصراعات اقليمية مستمرة منذ عشرات السنين. في حين يتعلق الأمر بالنسبة للمجموعة الثانية حول البترول حيث تتسابق كل من الصين والولاياتالمتحدةالأمريكية في امتلاك مصادر الطاقة، وجدير بالذكر أن كلا الهدفين يتطلب كسب العديد من الحلفاء وهذا كانه أهم آمال بوش. هذا ويحاول بوش أن يروج لاستراتيجية مشتركة تهدف إلي ارساء الاستقرار في الشرق الأوسط وقد حظيت هذه الاستراتيجية بالقبول والاستحسان في كل من لندن وبرلين وباريس وبروكسل، وبالرغم من هذا فإن إيران تمثل الآن مدار ومحور دائرة الاهتمام حيث إن تأثيرها علي العراق وكذلك الجماعات الإرهابية ضد إسرائيل وكذلك التسلح الذري تجعلها تأتي في المرتبة الأولي لأن سلطة الملالي ليست مطلقة. ولعل ذلك يمثل الاختلاف الجوهري بينها وبين العراق. كما أن تطبيق الديمقراطية بشكل سلمي لا يزال يبدو أمرا ممكنا هناك. ويعد القضاء علي المتشددين أهم من نزع الأسلحة وإن كان ذلك شرطا للقضاء عليهم. كما أن نموذج باكستان - في امتلاك الأسلحة الذرية - مع ضمان استخدامها في مواجهة الإرهاب وكذلك رغبتها في انتهاج سياسة حوار إقليمي يفتح الطريق أمام ذلك بالفعل. وفي الحقيقة فإن دافع بوش لا يتميز بإيثار الآخرين بطبيعته ولكنه يتماشي مع المصالح القومية، وهو ينحصر في اسمين ألا وهما "أسامة والبترول" كما أن مطامح الإرهابيين في امتلاك أسلحة ذرية وعواقب رغبة الصين الجامحة في امتلاك الطاقة يسيطران بالفعل علي فكر الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويتعين أن تتخلص السياسة الأمريكية العالمية من تلك القيود القديمة، وذلك حتي تلتفت لأعبائها الدولية الجديدة حيث دخلت كل من الصين وفنزويلا وغرب افريقيا في اللعبة. من ناحية أخري تتبع بكين دبلوماسية هجومية في كل مناطق البترول حيث إنها تمتلك أكبر استثمارات بترولية في غرب افريقيا. وبالنظر إلي الحال في فنزويلا حيث يرعي رئيس دولتها المطامح الثورية الامبريالية في القارة بأسرها، حيث إنه يري نفسه سيمون بوليفار الجديد والذي يملك بخلاف فيدل كاسترو المصادر الضرورية لذلك. وبفضل حقول البترول فإن واشنطن لن تتمكن من عزله، حيث إن الصين مستعدة لتكون المشتري البديل كما انها علي اتصال بشافيز من أجل التوصل إلي أفضل العلاقات هذا وتترك الصين في جنوبي الكاريبي مجالا لاستعراض العضلات. ويعرف كل من بوش وتشيني مدي خطورة ذلك علي اقتصاد الولاياتالمتحدةالامريكية ويعد توفير الطاقة امرا مصيريا للغاية بالنسبة لجميع الانتخابات المستقبلية. وقد اكتسبت المراوغة الدبلوماسية حول البترول بعدا جديدا بصعود الصين إلي الحلبة. أسامة، الصين، النفط كيف يمكن إدارة تلك الأزمات هذا هو الهدف الحالي فمن ينعزل فقد خسر ويعد ذلك أمرا معروفا للغاية في البيت الأبيض.