شهد سوق الصرف الخميس الماضي حالة من الارتباك الشديد دفعت بآلاف من حائزي الدولار للتخلص منه عقب تراجع سعره إلي 550 قرشا وذلك لأول مرة منذ ديسمبر ،2004 كما شهدت مقار البنوك وشركات الصرافة صباح هذا اليوم تزاحما من أصحاب المدخرات للاستفسار عن مستقبل العملة الأمريكية التي فقدت نحو 16 قرشا من قيمتها أمام الجنيه في فترة تقل عن شهر. وواكب الذعر الذي أصاب حائزي الدولار حدوث مضاربة محمومة من قبل المستثمرين الأجانب علي العملة المحلية، حيث قاموا بتوجيه أموال ضخمة للسوق المصري وشراء كميات ضخمة من العملة المحلية للمضاربة بها في وقت لاحق وتحقيق ارباح كبيرة في غضون فترة قصيرة. وزادت مضاربات الأجانب علي العملة المحلية عقب ما تناقلته وكالة "رويترز" للأنباء عن د. يوسف بطرس غالي وزير المالية من وجود توقعات بتراجع سعر الدولار بدرجة أكبر بنهاية العام الحالي دون أن يكون لذلك أثر سلبي علي الصادرات المصرية، كما نسبت الوكالة إلي غالي توقعه انخفاض الدولار إلي 530 قرشا بنهاية العام، وكان غالي قد نفي أمس هذه الأنباء. ودفع هذا الموقف الحرج البنك المركزي المصري للتدخل في السوق لوقف المضاربة المحمومة من قبل الأجانب علي العملة المحلية والانخفاض السريع في سعر الدولار بما قد يلحق أضراراً بالغة بموارد مصر من النقد الأجنبي خاصة الصادرات والسياحة. وجاء هذا التدخل عبر شراء البنك المركزي السيولة الدولارية المعروضة في السوق والتي قدرتها قيادة مصرفية رفيعة المستوي بنحو 800 مليون دولار، في حين قدرها البعض بنحو مليار دولار أو أقل قليلا. وعلمت "العالم اليوم" من المصدر المصرفي رفيع المستوي أن هذا التدخل يعد الأول من نوعه منذ ديسمبر 2004 وأنه جاء لحماية العملة المحلية من مخاطر الأموال الساخنة التي قد تهرب من السوق في أي لحظة وهو ما قد يسبب مشكلات كبيرة لصانعي السياسة النقدية والاقتصادية. وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه إن هذا التدخل أعاد الأمور لنصابها حيث تراجعت عمليات المضاربة علي العملة المحلية، كما هدأت عمليات تخلص حائزي الدولار منه عقب معاودته ارتفاعه ليصل إلي 552 قرشا. وكان سعر صرف الدولار قد تراجع أمام الجنيه بنسبة 5% خلال الأشهر الستة الأخيرة حيث انخفض من 570 إلي 550 قرشا، إلا أن التراجع زادت حدته خلال الشهر الأخير عقب قرار مجلس الاحتياط الفيدرالي "المركزي الأمريكي" خفض سعر الفائدة علي العملة الأمريكية من 5.25% إلي 4.75% سنويا وهو ما دفع البعض للتخلص من الدولار وتحويله إلي الجنيه للاستفادة من سعر الفائدة العالي علي العملة المحلية.