أصبح خبرا عاديا اعتدنا أن نقرأه في الصحف كل يوم تقريبا في بضعة أسطر وهو ما يتعلق بانقلاب سيارة "ميكروباص" أو تعرضها لحادث ووفاة ركابها..! ولو كانت هناك احصائية لعدد الركاب الذين لقوا مصرعهم في حوادث مرورية تتعلق بالميكروباصات فإن المؤكد أن اعدادهم سوف تفوق كثيرا ضحايانا في حربي 1967 و1973 معا..! فنحن أمام أكبر خطر يهدد الأمن والسلامة للمواطنين ويجعل من التحرك والقيادة في شوارعنا في مختلف المدن والمحافظات نوعا من المغامرة غير مأمولة العواقب. ولقد بحت أصواتنا ونحن نطالب بالحد من الاستهتار والجهل المروري لقائدي السيارات وخاصة "الميكروباصات" ولكن دون جدوي حتي بتنا علي قناعة بأنه لا أمل علي الاطلاق في تنظيم المرور واتباع المواطنين للقواعد المرورية التي تضمن سلامتهم أولا وانسياب الحركة المرورية ثانيا. ولو تصادف وقام أحد الصحفيين بجولة في أي يوم من الأيام في أحياء القاهرة لسجل بالقلم والصورة عشرات المشاحنات والانفعالات بسبب ما ترتكبه سيارات الميكروباصات في هذه الأحياء من تجاوزات قاتلة تعرض الآخرين للخطر وتتسبب في اتلاف سياراتهم. ولا يقف الأمر الآن عند ارهاب الميكروباصات فقط إذ إن هناك الخطر الأعظم الموجود بشكل خاص في الأحياء الشعبية والقادم إلينا من "التوك توك" هذه السيارة الصغيرة ذات الثلاثة إطارات والتي تأتيك من حيث لا تدري أو تتوقع يمينا أو يسارا من الأمام أو من الخلف عكس الاتجاه أو عرض الاتجاه وما عليك إلا أن تقوم بمناورة بأقصي سرعة لتفاديها وهو ما قد يعرضك للاصطدام بالسيارة التي إلي جوارك أو الصعود فوق رصيف الشارع أو الموت بسكتة قلبية خوفا ورعبا..! ولا يقتصر الأمر علي سوء القيادة فقط إذ إن هناك سوء الأخلاق وهو العامل الأكثر خطرا وارهابا فلو وقع حادث تصادم مع سيارة ميكروباص فإن سائقها حتي لو كان مخطئا فإنه سيكون المبادر دائما إلي الهجوم والاعتداء أيضا علي سائق السيارة الأخري ومطالبته كذلك بتعويض وإلا سمع الأخير ما لا يرضي وناله من الأذي ما لا يتوقعه وعليه إذا تضرر أن يلجأ إلي القضاء إن وجد من ينصفه في مثل هذه الحوادث المرورية اليومية المتكررة التي يكون مصيرها دائما الحفظ في ملفات النيابة مادام الحادث لم يتضمن اصابات بالغة أو يشهد وقوع قتلي..! ونحن أمام مأساة ليست خافية علي أحد فهي ماثلة للعيان نعاني منها ليلا ونهارا ولم نعد نعرف بماذا نعلق عليها وماذا نقول فيها وما هو المخرج منها وكيف يمكن أن يعود الانضباط إلي شوارعنا وننعم بقيادة آمنة واتباع لقواعد المرور..! ولقد شاهدت منذ أيام قليلة وفي شارع رمسيس رجلا مسنا يقود سيارته في أقصي اليمين وتطارده سيارة ميكروباص تحاول تجاوزه وقد وضع قائدها يده علي "كلاكس" السيارة وأطلقه بعنف دون توقف حتي أصاب الرجل بالذعر والرعب والارتباك فلم يجد إلا رصيف الشارع ليصعد عليه وكاد بفعلته هذه أن يصيب امرأة بريئة لا حول ولا قوة لها كانت في انتظار مغامرة من نوع آخر لعبور الشارع.. وانطلق سائق الميكروباص سعيدا بما فعل وهو ينظر للرجل المسن في سخرية وتهكم ويطلق العديد من الألفاظ النابية التي تعبر عن الشماتة وتحمل اعجابا وزهوا في الوقت نفسه بما فعل..! وينتابنا ازاء ذلك شعور بالسعادة في كل مرة نعود فيها إلي منازلنا بسلام بعد الانتهاء من الرحلة المرورية القاتلة التي علينا أن نكون طرفا فيها كل يوم ونبتهل إلي الله دائما أن يكتب لنا في كل خطوة سلامة لأن كل خطوة أصبحت تعني فعلا خطراً داهما يلاحقنا ويهدد سلامتنا ولا نعرف علي أي أساس يحاول البعض الارتفاع بمعدلات قدوم السائحين الأجانب إلي بلادنا بينما يسمعون كل يوم عن حوادث مرورية قاتلة تقع لحافلات السائحين علي الطرق المؤدية إلي المدن السياحية والتي أصبحت تمثل خطرا علي السائحين أكثر كثيرا من مخاطر الارهاب التي واجهتنا قبل عدة سنوات. وكيف يمكن اقناع السائح بأن يمر بالقاهرة خلال وجوده في احدي دول المنطقة لكي يتمكن من زيارة آثار القاهرة واهراماتها في أيام قليل إذ إنه لن يتمكن من زيارة أكثر من مكان في اليوم الواحد وسيصل إلي هذا المكان منهكا متعبا من كثرة توقف السيارة واهتزازاتها وقلقه من السيرك الذي يمر داخله وامكانية انقضاض احد النمور المتهورة من السيارات المتدخلة في اتجاهه والتي يمكن أن تلتهمه في غمضة عين..! اننا البلد الوحيد في العالم الذي تقف فيه سيارات الأجرة والميكروباصات عند "مطلع" الكباري لإنزال أو التقاط الركاب دون مبالاة بتعطيل حركة المرور أو باصطدام السيارات القادمة من الخلف..! لذلك ولأن كل شيء متوقع حدوثه في الشارع وكل سائق سيارة يفعل ما يحلو له وما يعتقد أنه الصواب وأنه عل5ي حق فإن الحوادث متوقعة في أي لحظة وفي كل مكان.. وليس أمامنا إلا الدعاء لله سبحانه وتعالي أن يلطف بنا ويكتب لنا السلامة لأنه لا أمل علي ما يبدو غير ذلك..! Sayedelbably@hOtmailcom