شدد الخبراء والمستثمرون علي أهمية الانتهاء من منظومة الطاقة الجديدة التي تعدها وزارة البترول وتهدف إلي رفع أسعار الطاقة وتثبيتها لمدة لا تقل عن 15 سنة مع وضع خطط لترشيد استخدامها والعمل علي البحث عن مصادر بديلة للطاقة لتفادي حدوث أزمة مستقبلية واوضحوا انهم يتفقون تماما مع الأفكار التي طرحها الدكتور أحمد نظيف رئيس المجلس الأعلي للطاقة الخاصة بضرورة انشاء جهاز لمراجعة الطاقة يتبني جميع السياسات والقواعد الخاصة بهذا التوجه وحذر الخبراء من خطورة السياسة الحالية لقطاع البترول بالنسبة لحجم الانتاج والاحتياطي الأمر الذي يمكن أن يعرض مصر لمخاطر الاستيراد بحلول عام 2008 حيث قالوا ان السعودية لديها 250 مليون برميل زيت خام احتياطي والعراق 125 مليون برميل أما نحن فلدينا 3 ملايين برميل فقط ومع هذا نقول اننا لدينا أكبر عدد من الاكتشافات البترولية. يؤكد د.طارق سليم الاستاذ المساعد بكلية الاقتصاد بالجامعة الأمريكية علي خطورة المصاعب التي يمكن ان تواجهها مصر مستقبلا بسبب تناقص المواد البترولية وزيادة الاستهلاك بالاضافة الي عدم الاكتفاء الذاتي من الموارد الاخري مشيرا الي ان ترشيد الطاقة امر حتمي لأن مصر مجبرة علي استيراد البترول مستقبلا خاصة ان الحكومة تهدف الي زيادة معدل النمو الاقتصادي الي 6% مما يتطلب زيادة حجم الطاقة بمعدل لا يقل عن 3% سنويا حتي 2025 ويوضح د.سليم ان اسعار الطاقة ستتغير حتما خلال الفترة القادمة لأن مصر ستدخل في مخاطر استيراد البترول بحلول 2008 إذا ما استمر الانخفاض في الانتاج وذلك بسبب صعوبة وزيادة تكلفة استخراج البترول بالاضافة الي سياسة الدعم الحالية فاحتياطي مصر من البترول والغاز لا يؤهل للتنمية المستدامة. ويطالب الأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية بضرورة العمل علي الاستفادة من الانتاج الكبير للغاز الذي زاد احتياطيه إلي 72 تريليون قدم بعد أن كان 66 تريليون قدم.. وعن الطاقة البديلة ودورها يقول د. سليم إن استخدام مصر من هذه الطاقة لا يتعدي ال 1% بالرغم من قدرة مصر الكبيرة علي استخدام تلك الطاقة التي اصبحت حتمية في ظل توقعات باحتياج مصر 600 ألف برميل يوميا من البترول بحلول عام 2025. ويري الدكتور محمود عبدالحي مدير معهد التخطيط القومي ان منظومة الطاقة الجديدة التي أعلنت عنها الدولة مؤخرا تأخر طرحها كثيرا نظرا للأهمية القصوي لهذا المنتج عند جميع الصناع والمستثمرين موضحا أن هناك ضرورة لوجود آلية أو خطة تحدد أسعار الطاقة لمدة لا تقل عن 20 سنة لأن ثبات أسعار الطاقة من أهم عوامل استقرار وتحسين مناخ الاستثمار في العالم كله فالطاقة هي العصب الرئيسي لأي اقتصاد أوصناعة كما أنها من أهم عوامل نجاح أي مشروع خاصة أنها تلعب دورا رئيسيا في سعر التكلفة الذي يكون الفيصل في رواج سلعة عن اخري. ويضيف د. عبدالحي أن هناك ضرورة لتثبيت الأسعار وعدم المجازفة ورفع أسعارها إلا في حدود ضيقة وعلي صناعات معينة فهناك استثمارات استراتيجية لابد أن يستمر دعم الطاقة لها وهناك استثمارات ذات عائد مادي كبير يمكن أن تعطي لها الطاقة بالأسعار العالمية، مشيرا إلي أن البدء في تثبيت أسعار الطاقة خطوة مهمة في سبيل اكتمال منظومة الاصلاح الاقتصادي الذي تنتهجه الدولة. ويؤكد عمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية أن وجود منظومة جديدة لتسعير الطاقة كان امرا حتميا لضمان استمرار الاقبال الكبير علي الاستثمار في مصر فتثبيت أسعار الطاقة يعطي الكثير من الثقة للمستثمرين مشيرا إلي أن عدم وجود أسعار ثابتة للصناعة يؤثر بالسلب علي أسعار التكلفة والمشروعات في مصر. ويري عسل أن زيادة الاقبال وخاصة علي الصناعات كثيفة الطاقة مع عدم وجود دعم كاف لهذه الصناعات من البترول عجل بضرورة تثبيت أسعار الطاقة وإعادة تنظيمها مضيفا أن مصادر الطاقة في مصر امنة ومصر لديها القدرة علي استيعاب أضعاف حجم الاستثمارات الحالية ويؤكد قائلا: ونحن كهيئة نرحب بأي استثمارات جديدة لها مزايا تنافسية داخل السوق وخارجه. من جانبهم قال المستثمرون ورجال الأعمال أنهم لا يمانعون في السياسة الجديدة لأسعار الطاقة ويرحبون بأي شيء تنتهجه الحكومة طالما كان للصالح العام. ويقول محمد فرج عامر رئيس جمعية مستثمري برج العرب إنه كمستثمر لا يعاني من الأسعار الحالية للطاقة ولا توجد أزمة طاقة لأنها متوافرة، موضحا أن الحديث عن تثبيت الأسعار لمدة 15 عاما أمر جيد ومطلوب بالنسبة لدعم الطاقة قال إنه لا يأخذ دعما من الحكومة وبالتالي فإن الغاء الدعم أو استمراره أمر لا يهمه. أما الدكتور أحمد الجيزاوي نائب رئيس مجلس إدارة احدي شركات الأسمنت فيري أنه لا يمانع في توفير الطاقة للمشترين بالأسعار العالمية مادام هذا يصب في مصلحة الاقتصاد والموازنة العامة للدولة مشيرا إلي أنه كمستثمر لا يمانع في الغاء دعم الطاقة بشرط عدم فرض أي رسوم إضافية علي الإنتاج أو التصدير لأن ذلك يتعارض مع آليات السوق والاقتصاد الحر، ويطالب الجيزاوي بضرورة البحث عن مصادر جديدة للطاقة والعمل علي وضع استراتيجية وسياسات جديدة تتماشي مع المتغيرات الحالية لأن عنصر الطاقة من أهم عناصر التشغيل والإنتاج. ويتفق مع الرأي السابق عوني محروس رئيس مجلس إدارة احدي شركات الاستثمار والتنمية والذي يقول انه لا يوجد أي تخوف من منظومة تسعير الطاقة الجديدة بالرغم من التوقعات التي تؤكد ارتفاع الأسعار فيها، مشيرا إلي أننا كمستثمرين نريد أسعارا ثابتة ومعروفة حتي نستطيع أن نقوم بدراسات الجدوي الصحيحة لمشروعاتنا حتي لا نفاجأ بعد عملية الانشاء ان أسعار التكلفة اختلفت وبالتالي نضطر إلي زيادة الأسعار ويطالب محروس الحكومة بضرورة توفير الطاقة والكهرباء للمشروعات الصناعية الجديدة ذات القيمة المضافة وإعطاء الأولوية للصناعات الاستراتيجية ومساندة المستثمرين الجادين والعمل علي وضع خطط واستراتيجيات واضحة لهذا القطاع الحيوي. أما طارق الجيوشي صاحب أحد مصانع الصلب فيقول انه لا يأخذ دعم طاقة من الحكومة وهذا هو حال معظم المستثمرين والصناع وبالتالي فإن الغاء الدعم أو ترشيده أو منظومة تسعير الطاقة الجديدة لا تهمه كثيراً، مشيرا إلي ضرورة مساندة الحكومة للصناع الجادين وعدم فرض أي رسوم معينة عليهم لأن ذلك يتعارض مع آليات السوق ويتساءل الجيوشي كيف تعطينا الحكومة الطاقة بالأسعار العالمية ثم تفرض علينا رسوما علي الصادرات؟! ويضيف نحن لسنا ضد المصلحة العامة ولكن لابد ان تعلم الحكومة أن أسعار المواد الخام في ارتفاع مستمر واذا استمرت الأوضاع الحالية فإن معظم مصانع الدرفلة في مصر ستغلق أبوابها لأنها تتعرض لخسائر كبيرة عكس مصانع البيليت التي تنتج من المواد الخام المحلية.