بلغ عدد البروتوكولات بين مصر والسودان، والتي تم توقيعها مؤخراً خلال اجتماعات اللجنة الوزارية العليا المصرية السودانية، أربعة عشر بروتوكولا بخلاف العشرات من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الأخري التي تغطي جميع المجالات وتم الإعلان عنها في أوقات سابقة. ورغم كثرة هذا العدد من الاتفاقيات والبروتوكولات واتفاقيات التفاهم إلا أن المؤشرات تؤكد اننا لم نصل بعد إلي المستوي المطلوب لتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة الموجودة في السودان تلك التي يعتبرها الكثيرون "سلة غذاء الوطن العربي". كما أننا لم ننجح بعد في توظيف الخبرات المصرية المتمثلة في مراكز البحوث للنهوض بقطاعات واعدة لدي الأشقاء تفتح الطريق لتوفير الآلاف من فرص العمل وإحداث توازن وضبط أسعار للعديد من السلع في السوق المصري وخاصة اللحوم الحمراء. ومع تدني الأرقام والبيانات للتجارة البينية بين البلدين فإن هناك العديد من التساؤلات عن أسباب هذا التدني في ظل العلاقات التاريخية والسياسية بين البلدين، خاصة ان جملة الصادرات المصرية للسوق السوداني قد بلغت مؤخراً نحو 460 مليون دولار في حين لم تزد جملة وارداتنا من السودان عن 40 مليون دولار وهو ما يكشف عن خلل، تحاول "العالم اليوم" البحث عن أسبابه من خلال استطلاع آراء العديد من رجال الأعمال الذين لهم تعاملات مباشرة مع السوق السوداني. معوقات في البداية يقول مصطفي السلاب وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب: تقدمت بطلب احاطة إلي رئيس الوزراء ووزير الصناعة والتجارة بشأن المعوقات التي تواجه الاستثمار والتجارة بين السودان ومصر.. فقد قمت بزيارة السودان بدعوة من رجال الأعمال السودانيين ودار حوار ومناقشات عديدة وتم طرح المعوقات الموجودة وآثارها السلبية في بعض المجالات التجارية والصناعية والزراعية والثروة الحيوانية. ويحدد السلاب عدداً من المعوقات التي تواجه التجارة البينية في.. أولاً: عدم الالتزام باتفاقية الكوميسا حيث ان هناك بعض القيود التي تفرضها بعض الجهات التنفيذية ووضع 55 سلعة مصرية في قائمة الممنوعات في شكل قوائم سلبية، لذا نطالب بإلغاء هذه القوائم مع الاتجاه نحو تفعيل اتفاقية التجارة العربية، ثانيا: ضرورة تحديد مسارات الحدود بين الدولتين بواسطة لجنة فنية مشتركة من الجمارك والداخلية والأمن من الدولتين علي أن تكون هذه المنافذ ثابتة ومشيدة ومدعومة بكل الوسائل من صحة ومواصفات وذلك لاتمام الإجراءات بين الدولتين بسرعة حتي لا تتعرض البضائع للتلف، ثالثاً: فيما يتعلق بالطرق هناك طريق بري لم يستكمل العمل فيه منذ فترة طويلة وقد قامت الحكومة المصرية بدور في إنشائه واستكماله، لتسهيل وتيسير نقل البضائع والأفراد والسلع، كذلك ضرورة العمل الجاد في تنشيط النقل النهري للربط بين الدولتين، كما نطالب بضرورة السماح لسيارات نقل البضائع والشاحنات بالمرور المؤقت كما هو متبع في بعض الدول علي أن تكون المدة الممنوحة للعبور المؤقت للشاحنات 3 أسابيع في كل بلد. ويضيف السلاب بعداً آخر من المعوقات التي لابد من تذليلها ويتعلق بقضية استيراد اللحوم السودانية الحية والمذبوحة من السودان حيث يوجد أكثر من 150 مليون رأس ماشية في السودان.. لذا نطالب بضرورة أن تتم إزالة كل المعوقات الموجودة أمام استيراد جميع اللحوم بأنواعها مادامت مطابقة للشروط والمواصفات الصحية خاصة ان السودانيين أبدوا استعدادهم للسماح بإشراف مصري في المسالخ والمذابح السودانية. علاقات قديمة اللواء متقاعد هشام عارف مدير شركة عبر البحار للتنمية والتسويق وأحد أبرز المتعاملين مع السوق السوداني يقول: العلاقات المصرية السودانية علاقات قديمة وأزلية بين الشعبين ففكرة التكامل بين البلدين من الأهداف التي تسعي إليها الحكومات.. أي أن السودان تعتبر سوقا واعدا للاستثمار في جميع المجالات بالنسبة للمستثمر المصري. وتبلغ صادرات مصر إلي السودان من السلع عن الطريق الرسمي أو التهريب حوالي 460 مليون دولار في حين أن مصر تستورد من السودان بنحو 40 مليون دولار.. من هنا يظهر الفرق الكبير ويحدث خلل في الميزان التجاري للسودان ويجعل تطبيق الاتفاقيات وإحداث تبادل تجاري كبير بين البلدين مسألة تحتاج إلي إعادة نظر. فتفعيل الاتفاقيات والاستفادة منها أصبح ضرورة فالسوق الإفريقي بشكل عام والسودان علي نحو خاص ملائم جدا للسلع المصرية خاصة أن السودان هي الامتداد الطبيعي لمصر، لسهولة المواصلات وقرب البلدين يجعل تكلفة النقل قليلة مقارنة بأي سوق آخر إلي جانب فرص التكامل المطروحة في الاستفادة من كون السودان بلداً زراعياً فهي بمثابة سلة الغذاء للوطن العربي ككل، ومصر تستورد العديد من الحاصلات الزراعية من الممكن أن تستوردها من دول مختلفة من الأولي بهذا الأمر السودان الشقيق.