"الأمل قادم لا محالة" هذا ما أقوله لنفسي كلما اتجهت أقدامي إلي مكتبة الاسكندرية، ولكن السفر إلي موطن الحياة بالنسبة لي صار مرهقا، علي الرغم من أن الدعوة التي توجهها لي مكتبة الاسكندرية تكون شاملة الاقامة، ولكن بما أني لم اكن في يوم من الأيام من موظفي الخارجية أو من العاملين في الهيئات الدولية التي تفرض علي من يعملون فيها أن يغيروا من أماكن نومهم، لذلك فأنا مجرد فلاح تلقي العلم في الاسكندرية، ولم استطع أن اكون صياد سمك فصرت صياد أفكار، ولذلك فالانتقال يعذبني كثيرا، ولكن بما أن مبني مكتبة الاسكندرية كان ذات يوم هو أرض قصة حب حقيقية بيني وبين من خرجت من كلية الاداب لتسكن قلبي لذلك صار من المشوق ان اقبل دعوة المكتبة كلما وجهتها لي، فعلي الاقل اري الموقع الذي كان هو أول مكان تلامست فيه كفي مع كف من احبها، وصار الموقع من بعد ذلك هذا الصرح العملاق، لذلك فالمبني الانيق يتحول في خيالي إلي كوخ لقصة حبي الأولي. ودائما أتمني ألا يصادف أي عاشق ما صادفته أنا من متاعب، ودائما يكون سفري إلي المكتبة لحضور ما يسمي باللجان الاستشارية، وهم مجموع البشر الذين ينقسمون إلي تسع لجان، وأكبرها علي الاطلاق لجنة الاعلام، لأن الاعلام في مصر هو المسيطر علي صناعة نقل الافكار. وعندما انتهت عضويتي للمدة الأولي وصلني خطاب شكر من اسماعيل سراج الدين، وعلي الرغم من أني لا احتفظ بأية مراسلات من أي نوع فإنني اعتبرت هذه الرسالة هي تعبير عن قدرة قائد في موقع أن يقول لمن ساهموا بالرأي كلمة "شكرا" وأنا كاتب صحفي، لم نتعود علي أن يشكرنا احد، فغالبا ما نقرأ اسماء رءوسائنا في مؤسساتنا في الصحف، ونري عزلهم أيضا في الصحف، ولم نجد مؤسسة صحفية واحدة عبر الاربعين عاما الماضية ارسلت خطاب شكر لرئيس تحرير سابق أو رئيس مجلس ادارة تم تغييره، اللهم إلا شخص واحد فقط هو كاتبنا الكبير مكرم محمد أحمد، هذا الذي ترك في دار الهلال من قدروا علي أن يكتبوا له كلمة شكر. ولما كنت لم أتول أي منصب رسمي في تاريخي الصحفي، بل انا المستقيل من كل المناصب الرسمية الادارية بإرادتي منذ مارس 1973 لذلك فوجئت بأن هناك من يقوم بتعييني في لجنة اقضي فيها عاما، ثم يشكرني في نهاية المدة، وهكذا فعل اسماعيل سراج الدين. وصداقتي للمكتبة لا تنبع من عضويتي لأي لجنة من اللجان، فالصداقة مع بيت الحب الاول، ومع منارة تطوير هذه المنطقة من العالم، لا تحتاج إلي عضوية لجان، ولكنها تحتاج إلي متابعة نشطة، وأنا أتابع هذه المكتبة لأن ما يدور فيها من افكار يمكن أن يزيل تراكم اليأس في النفوس ويمنح القلب فرصة للتجدد. وان كنت افرح بيني وبين نفسي بالشكر، لأني ببساطة قدمت ذات نهار في مؤتمر الاصلاح الثاني فكرة تبادل التجارب الناجحة في العالم العربي، فالتجارب الصغيرة هي التي تلد القدرات الكبيرة، وصار هناك من مراجع المكتبة ومؤتمر الاصلاح كتاب يحمل عنوان "التجارب الناجحة" واعتبرت أن من احترموا الفكرة صاروا اصحابها، والمستفيدون منها هم جوهرها. ويا صديقي اسماعيل سراج الدين ارجو أن تقبل فكرة نشر تسجيلات مصورة علي شبكة الانترنت للمحاضرات والندوات والمناقشات التي تدور في المكتبة وأنا واثق ان الجمهور من انحاء الكون سيستفيد من ذلك وأرجو أن تقبل هذه الفكرة. ملحوظة: بينما وأنا اكتب هذا المقال وصلني خطاب اعادة اختياري عضوا بلجنة الاعلام لعام قادم، وعلي هذا قد اضطر إلي النوم بعيدا عن بيتي ثلاث مرات علي الاقل في العام القادم، ولكن ان كان ذلك بسبب زيارة موقع الحب الاول فأهلا بالتذكار الذي يضيء ردهات القلب والعقل.