الفارق بين المخدر وبين الدواء الفعال، هو الفرق بين الوعد السياسي أو العاطفي القائم علي أحلام لا أقدام لها، وبين العلم الدارس للواقع والقادر علي رسم طريق لتغيير هذا الواقع. هذا ما يجعلني مشدودا بقلبي وعقلي إلي تجربة مكتبة الاسكندرية بكل ما فيها من نشاط يستكشف الطريق ويستطلع الأفق، وكثيرا ما وجدت في هذه المكتبة ألوانا من النشاط أتمني أن أجد لها انتشارا في كل مؤسسات الوطن، فالعاملون بمكتبة الاسكندرية ليسوا من طينة أخري غير مصرية بل هم مصريون لحما ودما وتعليما ولكن أسلوب اسماعيل سراج الدين في الادارة يقدس أساسا كل انسان كمخلوق إنساني، ثم يطلب منه العمل الذي يفيد المكتبة كنسيج متاَزر، ومن يثبت فشله، فإسماعيل سراج الدين يتركه ليذبل، ثم يذهب هذا الشخص لحال سبيله. والمثالب والمزايا يتعرف عليها هذا المدير بما لا يسمح له بظلم احد. اكتب ذلك لأني أعيش هنا في القاهرة ويصلني ما أرغب من معلومات عن المكتبة ونشاطها علي الرغم من أني لا اغادر مكتبي في منزلي بحكم ظروف صحية لا استطيع أن أقود معها السيارة فضلا عن رفضي استئجار سائق، لسبب بسيط هو أني لا اجرؤ علي تحمل أحزان أسرة انسان اخر، فيكفيني ما اراه من صدأ حياة محدودي الدخل الذين التقي بهم في كل مكان. اكتب ذلك شاكرا لمجموعة الاعلام في المكتبة التي يرأسها في القمة د. خالد عزب، ويمارس امدادي بالمعلومات شاب فاعل وفعال اسمه محمد مصطفي مطش، حيث يرسل لي هذا الشاب يوميا عبر الانترنت كل التفاصيل الواجب معرفتها عن أحوال المكتبة، وإن كنت أرجو أن يقوم خالد عزب بتشغيل عدد من الشباب المحترفين في نقل وقائع الندوات والمحاضرات، وأن يكون هؤلاء المحترفون في دقة الجليلة الراقية شيماء الشريف، وقد يكون هذا مكلفا بالنسبة للإعلام عن المكتبة، ولكنه من المؤكد أقل تكلفة من توفير أماكن لمبيت الصحفيين والكتاب اثناء الانشطة المختلفة للمكتبة. وأنا أكتب كل ذلك بمناسبة أن هذا النهار هو يوم الاحتفال العالمي بضحايا مرض السكر، وهو الضيف الثقيل الذي يتعامل معه الملايين من المصريين، ولا يمكن أن يقام يوم مثل هذا دون توفير دراسات وافية لهؤلاء المرضي، بصورة لا توفر فقط فرص دعاية عن انجازات الدولة في مواجهة هذا المرض، ولكن لتقوم تلك الدراسات بدور المرشد الامين لحماية الاطفال من هذا المرض. ومازلت أذكر كيف رفض اسماعيل سراج الدين أمامي عرضا من شركة مياه غازية عالمية تريد أن تكون ممولة لبعض انشطة المكتبة، لأنه في رأيه ان فعل ذلك فهو يقوم بخيانة لصحة المواطنين. أنا في انتظار أن يعتبر د. خالد عزب رأيي هذا كرجاء من عضو فعال في اللجان الاستشارية بالمكتبة، حيث اني عضو عجوز ومرحب بألا يضطر إلي السفر لحضور تلك المناسبات التي لا تنتهي في هذه المنارة الراقية. وعندي ثقة في موافقة اسماعيل سراج الدين علي اقتراحي هذا، حيث انه سبق وان تحدثنا عن ضرورة اقامة ندوات لصيانة اجساد المصريين من امراض التخلف، والسكر والضغط من امراض التخلف مهما كان ثراء من تصيبه، فالثراء لا يمنع التخلف، لأن العادات الغذائية السيئة قد تصيب الثري، وقد ينجو منها الفقير، مع رجاء ان يكون هناك من متحدثي هذا النهار من يقدم أسلوب حياة يتيح للفقراء المصريين في ظل الغلاء الطاحن ما يحفظ لهم حياتهم ويضمن للمصابين به منهم كيف يتعايشون مع هذا الغول الصامت.