علي الرغم من أن صناعة تدوير القمامة تستحوذ علي نسبة ضخمة من الاستثمارات علي مستوي العالم حيث تبلغ في أمريكا 28% من حجم الاستثمار الصناعي وفي بريطانيا 23% أما ألمانيا فتساهم هذه الصناعة بنحو 35% من حجم الاستثمار الصناعي إلا أن الدول العربية عموما تعتبر الأقل حظا في الاستفادة من هذه الصناعة العملاقة ومعظم محاولات الدخول في هذه الصناعة هي محاولات فردية ومعظمها يتركز في مصر، وهي نماذج لا تخضع لأي مواصفات فنية فهي من مصانع "بير السلم" التي تقوم بتدوير القمامة بعد جمعها من الشوارع بصورة عشوائية جعلت منها بؤرة لنقل الأمراض الخبيثة لاسيما عندما نتحدث عن المنتجات البلاستيكية. مافيا القمامة في شوارع القاهرة سبق أن أعربت عن غضبها من دخول الشركات الأجنبية الثلاثة إلي السوق المصري لأنها ستحول دون قيامها بعملية تدوير القمامة العشوائي ولكنها لم تتوقف واستمرت في ارسال عناصرها إلي الشقق السكنية في العمارات والحصول علي اشتراك رمزي من السكان مقابل الحصول علي القمامة من الشقق وارسالها إلي مصانع "بير السلم" وزادت المشكلة عندما خرجت شركات النظافة الأجنبية من السوق المصري في نهاية عام 2006 وبعيدا عن مساوئها إلا أن هذه الشركات ساهمت في الحد من نشاط مافيا القمامة صاحبة تجارة الربح السريع والأمراض الكثيرة حيث يقوم هؤلاء بتدوير القمامة بإنتاج سلع بلاستيكية أجمع الكثيرون علي انها تسبب السرطان. "الأسبوعي" استطلع آراء الخبراء والمتخصصين وجامعي القمامة في جولة بشوارع العاصمة. يري د. عبد اللطيف أبو العطا "أستاذ الفيزياء بجامعة طنطا" أن ظاهرة القمامة وتناثرها في الشوارع اكتسبت اهتمام جميع الدول والمجتمعات والهيئات العامة والأهلية وذلك نتيجة حتمية لحب الإنسان للنظافة والطبيعة السوية ولكن مشكلة القمامة أفرزت العديد من المشكلات الصحية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية. صناعة ضخمة أضاف أبو العطا أن عملية تدوير القمامة هي عملية مهمة ومحورية وتعد صناعة ضخمة وفاعلة ومطلوبة إلا أن إنشاء صناعات تدوير القمامة لابد أن يخضع للأسس العلمية المتعارف عليها وإلا ستتحول إلي وباء قاتل. أضاف أنه ومع الأسف فإننا نعاني من انتشار مصانع "بير السلم" والتي تقوم بتدوير القمامة بشكل عشوائي لاسيما إذا كنا نتحدث عن المنتجات البلاستيكية التي تغزو الشارع المصري.. فالمواد البلاستيكية علميا عبارة عن جزيئات ضخمة من مواد عضوية تتكون أساسا من سلاسل تحتوي علي ذرات كربون تتصل ببعضها البعض مكونة ما يشبه العمود الفقري وعموما فإن المواد البلاستيكية عبارة عن مواد عضوية غير قابلة للذوبان أو التحلل لذا لا يمكن التخلص منها بسهولة وبالتالي سنجد أن نفايات البلاستيك في ازدياد مستمر مما أثر علي عملية التوازن البيئي وذلك بسبب تلوث الهواء أثناء عملية التصنيع من جراء انبعاث المواد الخام أو الجزيئات الصغيرة الأولية المنبعثة من هذه المواد. أوضح أبو العطا أن عملية تصنيع المواد البلاستيكية تخضع لشروط علمية يراعي فيها ابعاد التلوث البيئي وصحة الإنسان ولكن الخطورة كلها تكمن في مصانع "بير السلم" حيث يتم تدوير القمامة في غرف بالمنازل أو في أماكن بعيدة عن الوقاية أو مصانع صغيرة خاصة أن ماكينات تشكيل البلاستيك صغيرة ولا تحتاج إلي أماكن واسعة وعادة ما ينشغل أصحاب مصانع "بير السلم" بتحقيق الربح السريع ويهملون صحة الإنسان ولا يهتمون بسلامة البيئة من حولهم نظرا لارتفاع تكاليف المواد الخام لصناعة البلاستيك خاصة المستوردة بتكلفة تقدر بأكثر من 7000 جنيه للطن في حين أن طن البلاستيك المستخرج من القمامة لا يتجاوز سعره 500 جنيه وهو الأمر الذي يدعم زيادة نشاط هذه البؤر البعيدة عن الرقابة ولكن علي الرغم من هذا فإن انخفاض سعر طن البلاستيك من القمامة يعتبر مؤشراً جيداً وممتازاً لقيام صناعة واعدة ترتكز علي أسس علمية بدلا من انتشار مصانع المرتزقة وأصحاب الذمم الخربة. أشار إلي أن هذه المصانع عادة ما تستخدم النفايات المعبأة بالسموم والكيماويات والمعادن الثقيلة بعد إضافة أسود الكربون إليها كما يضاف إليها بعض الزيوت المعدنية المحترقة والمستخرجة من محركات السيارات والتي تكون محملة بالمعادن الثقيلة وعلي رأسها الرصاص كما يضاف عليها كميات كبيرة من الجير الحي ثم يحولون هذا الخليط الخطير إلي أكياس للطعام أو أدوات مائدة أو رقائق بلاستيكية سوداء كريهة الرائحة مثل الأكياس السوداء. كما يتم استخدام عبوات زيت التموين "البلاستيك" والتي تصنع من مادة البولي فينيل الكلورايد ويتم إعادة تدويرها مرة أخري لتصنع الأكياس البلاستيكية السوداء وكما هو معلوم فإن مادة كلورايد الفينل تسبب نشاطا سرطانيا ويزداد الضرر بزيادة مدة بقاء الأطعمة بتلك الأكياس.