قام المجلس القومي للمرأة في الشهر الماضي بالمشاركة بأسلوب لامركزي في تقديم خطته الخمسية (2007 -2012) لتمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وارتكنت محاور التدخلات علي برامج تتعلق بصحة المرأة وتعليمها وتمكينها الاقتصادي من خلال المشروعات الصغيرة والسياحة والبيئة. وقد خصصت الدولة 99 مليار جنيه مصري لمكون المرأة في الخطة والذي تنفذه جميع وزارات الحكومة المعنية ويتابع عليه ويقيمه المجلس القومي للمرأة وبصفة دورية. ولما كان هذا هو الحال فقد شرعت في عرض نتائج دراسة حديثة عن المرأة المصرية كصاحبة أو عاملة في مشروع صغير في مصرنا المحروسة وقامت منهجية الدراسة المهمة علي تقسيم المناطق الجغرافية علي مستوي الجمهورية إلي ريف وحضر ووجه قبلي وبحري كما تم اختيار 8 محافظات كعينة ممثلة في كل من القاهرة والجيزة والاسكندرية والغربية ودمياط والفيوم وأسيوط وسوهاج وتم اختيار 120 شياخة من ال 8 محافظات وحصرت المشروعات بها وأجريت مقابلات شخصية ومسوحات لحوالي 15 ألف منشأة كما تمت مضاعفة نسبة تمثيل المرأة في العينة للتعرف علي ظروف عمل المرأة والتحديات التي تواجهها بصورة أكثر مصداقية ودقة. وكانت أهم نتائج الدراسة ما يلي: 1 - إن غالبية المشروعات مملوكة للذكور والإناث المتزوجين أي أن غالبية الإناث صاحبات المشروعات الصغيرة يقعن في فئة صاحبات المشروعات الصغيرة (60% للإناث و4% للذكور). 2 - 43% من الإناث محل العينة أميات. 3 - الذكور أكثر حظا من الإناث في الحصول علي الفرص التدريبية في الريف سواء كان ذلك في القطاع الرسمي (35% للذكور و25% للإناث) أو غير الرسمي (30% للذكور و40% للإناث. 4 - كلما زاد حجم رأس مال المنشأة كلما ازدادت فرصة الإناث في الحصول علي فرص تدريبية في المنشأة من 10 - 49 عامل تحصل المرأة منها علي 3.1% من الفرص التدريبية. 5- تكون الفجوة النوعية لصالح الذكور كلما صغر حجم المنشأة. 6 - تحصل المرأة علي أعلي فرصة تدريبية في قطاع الصناعة (45%) ثم الخدمات (38%) ثم التجارة (5%). 7 - تعتمد السيدات في الوجه البحري علي 100% من تمويل مشروعها من الجيران أي انعدام الفرص التمويلية من قبل البنوك ومؤسسات المجتمع المدني. 8 - تتركز السيدات في المشروعات ضئيلة العمالة. 9 - تتبع غالبية الإناث الحرف التقليدية نظرا لقلة وفرة التكنولوجيا وانعدام فرص التمويل. 10 - إنتاجية الإناث أقل من الذكور بالرغم من القرب منها وبالرغم من قلة الفرص التدريبية بها. 11 - تتساوي القيمة المضافة المستخلصة من مشروعات الإناث والذكور. 12 - تنعدم فرص نمو المشروعات الصغيرة الممنوحة للإناث نتيجة لفقر القدرات والتمويل والبيئة الاجتماعية الداعمة. 13 - تحتاج صاحبة المشروع الصغير إلي موافقة الذكور في العائلة قبل البدء في مشروعها بصورة أوضح في الحضر عن الريف. 14 - تري السيدات في الحضر تحديات للمواءمة بين احتياجات العمل والمنزل مقارنة بالمرأة في الريف. 15 - وتري صاحبات المشروعات أن 86% من مشكلاتهن تكمن في التسويق ثم التحرش لهن في اجراءات انشاء مشروع رسمي ثم التعامل مع هيئة المعاشات. كما ان 95% من مشكلاتهن تتركز في الحصول علي الأرباح ومعدلات الضرائب (7.81%) والتراخيص (3.75%). 16 - وإن شعرن بأنهن قد زدن قوة بمكاسبهن من العمل الحر 77% في الحضر و61% في الريف. ويتضح مما سبق أن المجتمع بجميع مؤسساته علي دراية بمشكلات تمكين المرأة المصرية وإن كانت تكبل بعض اعضائه قيود ثقافية خانقة فإذا نظرنا لمشكلاتها الاقتصادية نري الحاجة الماسة لانتشال المرأة من دائرة الفقر وذلك من خلال الطرق ليس علي البعد الاقتصادي فقط بل إلي أبعد من ذلك حيث التمكين الفعال يرتبط ارتباطا وثيقا مع مفاهيم المجتمع ونظرته لدور المرأة بوجه عام كما يجب الأخذ في الاعتبار أن خطة التحرك المستقبلي يجب أن يكون لها مخالب مجتمعية وإعلامية وتشريعية بل ونحن في انتظار تفعيل تعديلات المادة 62 من الدستور التي ستمكن المرأة من تمثيلها تمثيلا فاعلا في مجلسي الشعب والشوري وإن كنا قد عقبنا في العديد من المحافل انه مادام المجلس القومي للمرأة قد اتبع سياسة لا مركزية في إعداد خطته فإنه كان من المتوجب أن يتم إعمال تعديلات دستورية تتضمن تمثيلا فاعلا للمرأة في المجالس الشعبية المحلية المنتخبة والتي في واقع الأمر تمثل البرلمان علي مستوي محافظات الجمهورية إن دور المرأة السياسي والاجتماعي لا يتمثل في المركز فقط ولكن أيضا في الاطراف وان كان سعدنا بتعيين 30 قاضية جديدة واختلجتنا فرحة عارمة جراء ذلك إلا أنه لا يتوجب علينا الوقوف مكتوفي اليدين كما كان الحال عليه حين تم تعيين قاضية واحدة في المحكمة الدستورية العليا وهو ما انتقدتنا عليه الكثير من التقارير الدولية فلنتسائل سويا عن خطة الدولة الزمنية لتعيين قاضيات دوريا في جميع مناحي القضاء أم أن علينا أن ننتظر عقودا وعقودا حتي نري قاضيات جديدات يعتلين منصة القضاء حينما تجتمع الإرادة السياسية مرة ثانية وثالثة أو الانتظار خمس سنوات اخري حتي نري ونلتمس نفحة جديدة تنصف المرأة فيما لا يعارضه الدين ويخدم المجتمع؟ إن مكانة المرأة في مصر توجب علينا سرعة التحرك في أمور محسومة بالفعل فمن لا يعلم أن المرأة نصف المجتمع بل وهي القائمة عليه والراعية له فإلي ماذا في الأفق نحن ناظرون؟