هل تحولت مصر إلي سوق لتجارة الاعضاء البشرية تهيمن عليه مافيا قوية تمارس عملها في الأسواق السوداء لهذه التجارة المريبة؟ السؤال لا نملك الاجابة الواضحة عنه ولكن هناك تقارير خارجية كثيرة عن هذه المافيا منها ما نشرته قبل عام صحيفة الجارديان البريطانية التي تؤكد وجود هذه التجارة وخاصة بالنسبة لكلي المصريين وحددت سعر الواحدة بنحو 80 ألف دولار! السؤال تدعمه أيضا شائعات وجود عصابات لخطف الأطفال والاتجار في اعضائهم. ما نملكه هو اثارة الاسئلة ومحاولة الاجابة عنها من خلال الخبراء في هذه السطور: المعروف ان سوق تجارة الاعضاء الحية ينتقل من البلدان الفقيرة مثل تركيا والفلبين والمكسيك والبرازيل إلي البلدان الثرية مثل بريطانيا وبعض بلدان الشرق الاوسط واليابان حيث تنتشر في هذه البلدان الفقيرة ظاهرة اختطاف الاطفال او تبنيهم بغرض انتزاع اعضاء منهم ويبدي البعض المخاوف من وصول مصر الي هذه المرحلة الخطيرة حيث اصبحت الاسر التي فقدت اطفالها تتوقع ان يكون وراء اختفائهم عصابات تنتزع اعضاء هؤلاء الاطفال، كما كثرت في الاونة الاخيرة قصص مشابهة كثيرا لما شاهدناه في فيلم الحقونا، حين انتزعت كلية من البطل الفقير بدون علمه لزرعها في جسد الرجل الثري الذي يعاني من الفشل الكلوي. لماذا تنتشر؟ سألنا د.وسيم السيسي استاذ المسالك البولية عن اسباب انتشار تجارة الاعضاء في مصر، فأجاب بأن الحاجة أم الاجرام، مؤكدا ان كل شهر يأتي إليه في عيادته ما بين ثلاثة وأربعة اشخاص يرغبون في بيع اعضائهم لحاجتهم الماسة للمال ويقول: رأيت بأم عيني رجلا يجبر زوجته علي التبرع له بكليتها. ويدعو د.السيسي - وسط كل ذلك - المصريين الي عدم التمسك بالاحتفاظ بالجثة كاملة باعتبار ان مصيرها إلي التآكل والتحول إلي التراب، وانه لابد من ان يوهب الاشخاص اعضاءهم للاحياء بعد موتهم، خاصة وان الازهر افتي بجواز نقل الاعضاء كما ان اكثر الدول التزاما بالشرع وهي السعودية تقم بنقل الاعضاء من المتوفين إلي الاحياء. ويؤكد د.السيسي ان زيادة عدد المتبرعين سيقضي علي ظاهرة تجارة الاعضاء من السوق السوداء مثلما يحدث في بريطانيا، حيث يحمل 80% من البريطانيين بطاقات خضراء في اثناء سيرهم توصي بالتبرع بأحد اعضائهم عند وفاتهم،، او التبرع بالجسد بأكمله لطلبة الطب. وبسؤال السيسي حول ما اذا كانت هناك جراحات لنقل الاعضاء تتم بشكل رسمي؟ اجاب ان هناك جراحات رسمية ولكن لابد من موافقة نقابة الاطباء وتأكدها من ان التبرع سيتم بدون مقابل مادي ولكن علي شكل هبه، لكن خلف هذه الاجراءات الرسمية تتم عملية البيع حيث يحصل المتبرع علي المقابل المادي الذي يحدده! مناقشة القانون وفيما يوجه الاتهام إلي مجلس الشوري بتأخير اصدار تشريع ينظم عمليات نقل الاعضاء التقت الاسبوعي بالدكتور صالح الشيمي رئيس لجنة الصحة بمجلس الشوري وسألناه عن مصير هذا التشريع، فأكد ان قانون نقل الاعضاء هو مكمل للدستور ان المجلس ليس ضد صدوره ولم يتم وضعه في الاداراج كما يعتقد البعض ويوضح ان القضية الازلية تتمثل في امكانية نقل العضو من الحي إلي الحي، ويشير الي ان هذا المشروع يمكن تطبيقه مع عمل جميع الاحتياطيات اللازمة للتعريف بمسألة الموت ومن الذي يحدد وقوعه، وسيتم بحثه في اجتماع اللجنة القادمة بدون تأخير أو تأجيل، ذلك بمعاونة شيخ الأزهر والمفتي، ويضيف الشيمي ان المسألة الاخري والتي تم حسمها هي نقل العضو من الميت إلي الحي وقد كان لنا السبق في الموافقة علي نقل القرنية لانها يمكن ان تنقل في حالة الوفاة الكاملة. حكايات القرنية اما د.بشير قناوي رئيس مجلس ادارة غرفة الرعاية الصحية باتحاد الصناعات ورئيس مجلس ادارة مستشفي العيون فيؤكد ان هناك نقصا كبيرا في القرنية حيث نحتاج سنوية 30 الف قرنية للمرضي بينما المتوافر الف قرنية فقط وهي محصورة في بنك العيون بكلية طب قصر العيني وهو بنك رسمي تابع للحكومة، ولا يتم بموجب قرار من مجلس الكلية خروج أي قرنيات إلا في اطار العيني وهي عمليات تتم اما بالمجان لغير القادرين او بأجر في الدور الرابع بقسم العيون بالمستشفي، كما توجد القرنيات في مستشفي قصر العيني الفرنساي وهي ايضا تابعة للحكومة. ويكشف قناوي انه نظراً لمحدودية القرنيات في مصر فانه البعض يلجأ إلي مشرحة زينهم لاقتلاع قرنيات الموتي بشكل غير رسمي، لكن هذا المصدر غاية في الخطورة لان هؤلاء الموتي قد يكونون مرضي او حاملين لفيروسات قاتلة مثل الايدز او فيروس سي مما يسهل نقل هذه الامراض لمتلقي القرنية.