فرض الوضع الأمني المتدهور في العراق نفسه وبقوة علي اجتماعات القيادات المصرية العراقية التي بدأت أمس بالعاصمة الأردنية عمان وكانت مخصصة لبحث تحديات البنوك العراقية المستقبلية وكيفية مواجهتها. وفي الوقت الذي سعي فيه بعض المسئولين الأمريكيين المشاركين في الاجتماعات إلي تسويق ما أسموه بالاصلاحات الملحوظة في القطاع المصرفي العراقي واطلاق سياسة نقدية جديدة منذ عام ،2004 أكدت القيادات العراقية في المقابل اصابة البنوك العراقية بالشلل التام في ظل تأزم الوضع الأمني وزيادة التضخم والتوقف عن منح قروض وعزوف المستثمرين عن الاقتراض من البنوك، بالاضافة إلي ارتفاع أسعار الفائدة لتتجاوز 20% وهو ما يشكل عبئاً كبيراً علي مناخ الاستثمار. وكان مسئولون عرب واجانب قد عقدوا عدة اجتماعات أمس بالعاصمة الأردنية تحت عنوان "العمل المصرفي في العراق.. تحديات القرن الحادي والعشرين" وشارك في الاجتماع كبار المسئولون بالبنكين المركزيين العراقي والأردني ورؤساء البنوك العراقية ومسئولين من الحكومتين العراقية والأمريكية كما شارك في الاجتماعات خبراء من وزارتي الخزانة والخارجية الأمريكية ورؤساء بنوك من لبنان والبحرين والولايات المتحدة والامارات وبريطانيا. وعلي الرغم من ان منظمي الاجتماعات سعوا إلي اصباغ الطابع الفني عليها بتأكيدهم علي أن الاجتماعات ستناقش مشاكل العمل المصرفي والتمويل في العراق، الا ان قيادات المصارف العراقية أكدوا علي أن انفلات الوضع الأمني وتدهوره بشكل حاد يعد السبب الأساسي وراء المشاكل الحادة التي يواجهها القطاع المصرفي العراقي، وبالتالي لابد من اعطاء الأوضاع السياسة أهمية قصوي وعدم النظر للأمور المالية والمصرفية بعيداً عن هذه الأوضاع الكارثية - علي حد قولهم. وشنت القيادات العراقية هجوما حادا علي قيادات البنك المركزي العراقي المشاركين في اجتماعات عمان، حيث اكدوا علي ان القطاع المصرفي العراقي يواجه تحديات شديدة ناجمة عن ارتفاعات معدلات التضخم تتجاوز 70% في بعض الأوقات وهروب كباررجال الأعمال للخارج وتوقف المقترضين عن سداد المديونيات المستحقة عليهم للبنوك بسبب توقف مشروعاتهم وتعرضها لخسائر علي خلفية الوضع الأمن المتدهور. وقال عبد الهادي صادق مدير عامر مصرف "الرشيد" ان البنوك العراقية تعاني من زيادة ملحوظة في السيولة النقدية بسبب عزوف العملاء عن الاقتراض، وأن هذا الأمر يتم حله بشكل وقتي عن طريق توجيه هذه السيولة للبنك المركزي وايداعها به. وأكد رؤساء بنوك عراقية في مداخلاتهم علي أن العراق يمر بظروف غير طبيعية بسبب الاوضاع الامنية والسياسية المعقدة، وانه اذا ما تم اضافة مشاكل اخري من بينها ارتفاع أسعار الفائدة وعدم استقرار سوق الصرف وزيادة التضخم فان الوضع يصبح في غاية التعقيد. من جانبه اعترف د.مظهر محمد صالح مستشار البنك المركزي العراقي وعضو مجلس ادارته بصعوبة المشاكل التي تواجه القطاع المصرفي العراقي، كما اعترف بتدني نسبة الائتمان الممنوح من قبل البنوك حيث انها لا تتجاوز 4% من الناتج المحلي الاجمالي وهذه النسبة تمثل "صفرا" في نسبة المساهمة في النشاط الاقتصادي العام. واكد صالح علي ان السياسة النقدية مازالت أمام تحد خطير لتقوية الائتمان علي نحو يساهم فيه النظام المصرفي عبر تجميع الموارد الادخارية وتوجيهها نحو الانشطة التجارية بأعلي عائد ممكن وأقل المخاطر.