فرضت الأسعار الجنونية لأسعار الحديد خلال الأسابيع القليلة الماضية نفسها علي جميع المستويات واحتلت حيزا كبيرا من اهتمامات الرأي العام. التقت "الأسبوعي" في ذلك الإطار مع جمال الجارحي رئيس مجلس إدارة شركتي المصرية الوطنية والسويس للصلب "عتاقة" والذي كشف عن تفاصيل وتطورات الأزمة والخسائر التي تتكبدها مصانع الحديد، وأوضح لنا أن دعم الحكومة للطاقة لا يمثل 1% من الطاقة المستخدمة في الإنتاج والتصنيع، وأن إلغاءها لن يضر أصحاب المصانع، وأشار إلي المشكلات التي تواجهها المصانع، ومنها رفض البنوك لتمويل المصانع المتوقفة، والأخري التي ترغب في التطوير.. مشيرا إلي أن عدد المصانع في مصر يبلغ 23 مصنعا، لا يعمل منها سوي نحو 4 مصانع فقط.. كما حذر من الاعتماد علي الاستثمارات الأجنبية في مشروعات الحديد حتي لا يتكرر سيناريو شركات الأسمنت الأجنبية. وفيما يلي نص الحوار. * سألناه: بماذا تفسر الارتفاع الجنوني في حديد التسليح خلال الأسابيع القليلة الماضية رغم أن الارتفاعات التي شهدها السوق في الفترة من 99 حتي 2005 لم تصل إلي نصف الأسعار الحالية؟ ** لا أحد يغفل القيمة الكبيرة لحديد التسليح، كصناعة مهمة تمثل ركيزة أساسية في صناعة مواد البناء، ولكن ما شهده السوق من ارتفاعات جنونية خلال الفترة الماضية، لا ذنب لأصحاب المصانع فيه، حيث إن هذه الارتفاعات عالمية، وليس علي المستوي المحلي كما يردد البعض، فمنذ نحو عامين كان يتم استيراد طن البليت بمبلغ 220 دولاراً فقط، وهذا المبلغ لم يكن يمثل عبئاً علي المصانع، وبالتالي لم ترتفع أسعار الحديد محلياً، وكان يتم بيع الطن بمبلغ 1780 جنيها، ولكن بمرور الوقت قفز طن البليت إلي 280 دولارا، ومع نهاية العام الماضي وصل إلي 440 دولاراً، وحاليا 580 دولاراً، ولذلك كان طبيعا أن يرتفع سعر الطن في السوق، والحقيقة أنه منذ تحرير سعر الصرف والأسعار شهدت انفلاتاً. رسم الصادر * ولكن أصابع الاتهام تشير إليكم كأصحاب مصانع ترغبون في تحقيق مكاسب عالية، وأن نبرة ارتفاع المواد الخام عالمياً مبرر يتم اللجوء إليه مع كل ارتفاعات جديدة، لذلك صدر قرار الحكومة بفرض رسم صادر علي الحديد بمبلغ 160 جنيهاً ثم زيادته إلي 180 جنيها للطن؟ ** تكلفة إنتاج طن الحديد لأي مصنع تبلغ نحو 3650 جنيهاً، ورغم هذه التكلفة نضطر إلي البيع بسعر 3350 جنيهاً فقط، وهذا يحمل المصانع جزءًا كبيراً من الخسائر يتراوح بين 200 و500 جنيه في الطن بما يعادل سنويا نحو 15 مليون جنيه وبالتالي فإن فرض رسم الصادر يعد "خراب بيوت"، باستثناء انخفاض التكلفة في مصنع الدخيلة، حيث يقوم بتصنيع البليت من خام "DiR" أو "إينر أور" الذي يتم استيراده بمبلغ 90 دولاراً فقط، وهذا يعتمد علي مراحل متقدمة من التصنيع لا تتوافر في العديد من المصانع. * إذناً كيف تفسر قرار الحكومة بفرض رسوم ثم زيادتها علي صادرات الحديد؟ ** السوق شهد عشوائية في الأسعار من بعض التجار والمصانع لذا كان لابد من تدخل الحكومة، وعلي أية حال فإن الحكومة لا تستطيع تحديد تسعيرة جبرية، حيث إن السوق يعمل وفقا للعرض والطلب، وتدخل الحكومة لا يتعدي الدور التنظيمي بين المصانع والتجار والمستهلكين. * البعض يرجع ارتفاع أسعار الحديد لارتفاع سعر البنزين والغاز عالمياً، فما مدي صحة ذلك؟ ** لا يوجد أي ارتباط بين ارتفاع الغاز والحديد ولكن الارتفاع نتيجة لزيادة الطلب العالمي علي الحديد خاصة في منطقة الخليج الذي وجه استثماراته نحو الاستثمار العقاري نتيجة للفائض العالي للأموال من إنتاج البترول. رفع الدعم * يعيدنا ذلك إلي نقطة الدعم الذي توفره الحكومة للمصانع فيما يتعلق بالطاقة، وتهدد بإلغائه في حالة استمرار الارتفاعات في الحديد؟ ** الدعم الذي تتحدث عنه الحكومة في الطاقة لا يمثل سوي 1% من الطاقة المستخدمة في إنتاج وتصنيع الطن، وإلغاؤه لا يشكل ضرراً علي أصحاب المصانع. * أنتم كمصنعين تتحملون مسئولية الارتفاع الجنوني لأسعار المباني بسبب زيادة أسعار حديد التسليح؟ ** حديد التسليح لا يمثل سوي نسبة تتراوح ما بين 8% و10% من صناعة مواد البناء، ولا داعي لتحميل الحديد مسئولية ارتفاع المباني، لأن هناك جنوناً في أسعار الأراضي والتشطيب.