قرار تسوية مديونيات شركات الغزل والنسيج الذي صدر موخرا جاء متأخرا بالرغم من أن هذه المديونيات بدأت تتراكم منذ الثمانينيات، ولكنه قد يكون الحل الأخير لإقالة شركات الغزل والنسيج من عثرتها وفك عقدتها المتشابكة ولاسيما أن حكومات عديدة تعاقبت علي تلك الشركات منذ 1991 ولم تستطع حل تلك العقد، وكانت السياسات كما أكد وزير الاستثمار د. محمود محيي الدين تنبع من مقولة مشهورة هي "زيتنا في دقيقنا" حتي جاء الوقت الذي رأت فيه حكومة نظيف الحالية أن تحل تلك المشكلة بتسوية مديونيات شركات الغزل والنسيج والتي ستنتهي في منتصف العام القادم. وبالرغم من تعاقب الوزارات علي شركات الغزل والنسيج منذ عام 1991 بعد البدء في تنفيذ برنامج الخصخصة وقبل ذلك إلا أن هذه الشركات منذ منتصف السبعينيات بدأت في التراجع ولكن بعد قرار رئيس الجمهورية بإعادة النظر في القطاع مرة أخري حيث تم ضخ استثمارات جديدة في معظم شركاته للمرة الأولي ولكن الأمر لم يستمر لأسباب عديدة يأتي علي رأسها تجاهل حكومات عدة للقطاع مع سبق الاصرار والترصد ودون أسباب وجيهة لأنهم تخيلوا مثلا سرعة بيعها بعد تحولها إلي القانون 203 أو كان بسبب غياب التنسيق بين هذه الحكومات وهو الأمر الذي صنع المديونيات المتراكمة والتي تجاوزت ال10 مليارات جنيه قبل التسوية الأخيرة بالتنسيق بين وزارتي الاستثمار والمالية والتي ستنهي العبء التاريخي للديون للأبد العام القادم. الخبراء والمسئولون السابقون أكدوا أن الحكومات دائما هي المسئولة عن النجاح والفشل ولكن القطاع مر عبر السنوات الماضية بالعديد من السلبيات التي تدخلت فيها القرارات السياسة العليا ولكن ظل القطاع "يناضل" في ظل سياسات اشتراكية ظلت قائمة قبل اخضاع السوق للاقتصاد الحر وكان علي رأسها دعم الأقمشة وعدم وجود قطاع خاص حتي منتصف الثمانينيات والأكثر من ذلك أنه في فترتي الستينيات والسبعينيات كانت تقييمات الشركات تتحدد وفقا لعناصر معينة علي رأسها عدد العمالة ورأس المال الأمر الذي أدي إلي زيادة أعباء الشركات بسبب العمالة الزائدة. كما زادت الأمور تعقيدا بعد تخلي وزارة المالية عن "تمويل الشركات" عن طريق البنوك في منتصف الثمانييات للقطاعين العام والخاص مما أدي إلي زيادة الأعباء والسحب علي المكشوف ومن ثم تراكم المديونيات ثم نزيف الخسائر الذي أدي إلي انعدام السيولة ووقف الاستثمارات الجديدة في الشركات منذ عام 1991 والتي تتحمل الحكومة منذ هذا التاريخ المسئولية بالكامل والتي أدت إلي الوضع المتدهور الحالي. "الاسبوعي" من خلال التحقيق التالي تحاول الاجابة علي العديد من التساؤلات أولها الاسباب الحقيقية وراء التدهور ومدي مسئولية الحكومات عنها؟ وهل الحزب الحاكم يتحمل المسئولية مع الحكومة أم ماذا؟ وهل تسوية المديونيات الأخيرة ستكون الحل الوحيد في تصحيح مسار الشركات؟ بداية فإن خسائر شركات الغزل والنسيج والقطن التابعة لقطاع الأعمال العام بلغت العام المالي الماضي 2.2 مليار جنيه، واجمالي الخسائر المتراكمة علي هذا القطاع تقدر بنحو 20 مليار جنيه منذ بدأ في خسارته والتي ترجع في بعض الشركات إلي السبعينيات فعليا وبعد انضمامها إلي قطاع الأعمال العام أظهرت مؤشراتها بالسالب في بداية التسعينيات ويعمل في القطاع نحو 5.103 طبقا لأرقام العام المالي 2005/2006. ويبلغ متوسط الأجر السنوي للعامل بشركات الغزل والنسيج "التابعة للحكومة" 10697 جنيها طبقا لبيانات العام المالي 2005/2006 مقارنة ب7487 جنيها في العام المالي 2001/2002 بزيادة بلغت نسبتها 55% خلال السنوات الست الماضية وبلغت مديونيات الشركات التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج في العام 2004/2005 نحو 5.10 مليار جنيه ضمن مديونيات شركات قطاع الأعمال العام بالكامل في ذلك الوقت 5.31 مليار جنيه إلي أن قامت وزارة الاستثمار بالتنسيق مع وزارة المالية بتخفيض هذه المديونيات إلي 10 مليارات جنيه تتضمن نحو 5.2 مليار مديونيات شركات الغزل والنسيج والتي سوف تنتهي مع بقية شركات قطاع الأعمال العام قبل منتصف العام القادم. أفضل الصناعات ومن جانبه اشار المهندس فؤاد أبو زغلة وزير الصناعة الاسبق أن شركات الغزل والنسيج تم إلحاق الخسائر بها عمدا منذ عام 1991 بعد وقف ضخ أية استثمارات للإحلال والتجديد بها انتظارا لخصخصتها ويروي أبو زغلة قصة القطاع العريق في بداية عام 1982 عندما تولي حقيبة وزارة الصناعة واستدعاه الرئيس مبارك في اجتماع قال فيه: أنا أعرف أن صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة في مصر من أفضل الصناعات منذ أيام طلعت حرب ولكننا الان نستورد بنحو 30 مليون دولار ملابس جاهزة من الشرق الأقصي مطالبا إياه بوقف الاستيراد فورا واعداد خطة لإعادة هيكلة شركات القطاع. ويبدو أن شركات الغزل والنسيج بدأت المياه الراكدة يها تتحرك - كما يؤكد الخبراء - فبعد أن توقفت أعمال التطوير منذ بداية برنامج الخصخصة في عام 1991 بدأت الأموال الطازجة تضخ في هذه الشركات وبدأ برنامج البيع يتحرك نوعا ما بالرغم من البطء المشهود له في هذا القطاع الذي لم ينجح علي مدار ال17 عاما الماضية سوي في تنفيذ 10 عمليات كان نصيب وزارة الاستثمار منها ثلاث عمليات هي بيع شركة الشرقية للكتان ب24 مليون جنيه ومصنع الغزل المصري ب 39 مليونا وأخيرا شبين الكوم للغزل بنحو 174 مليون جنيه.