قلنا ان اختيار الشارع المصري لحكومته في ظل انتخابات نزيهة مطلب مهم للغاية وغاية تسعي الاصلاحات السياسية إلي تحقيقها. وقد اتضح ذلك جليا من خلال المناقشات المستفيضة التي حدثت في أروقة المجتمع المصري ومنتدياته المختلفة، فالجميع يتحدث بلا استثناء عن نزاهة الانتخابات وحقوق الترشح والانتخاب. والمشكلة التي تواجه المجتمع المصري هي بناء اسلوب اختيار موضوعي يضمن الا يصل الي السلطة اشخاص او مجموعات او تيارات تقلب المجتمع رأسا علي عقب وقد تسيء التصرف بما يعرض المصالح المستقرة منذ عشرات السنين للخطر. والتغيير ليس مكروها كما انه ليس محرما ولكنه يحتاج الي ضوابط تجعل حركة المجتمع في المستقبل اكثر سهولة ويسرا فلا يتعرض لاهتزازات قوية قد ينتج عنها نوع من الصراع غير المستحب خاصة مع تفشي موجات العنف الطائفي والعرقي في المنطقة المحيطة بنا.. من هنا فان الواجب الا نخوض في مسألة دون معرفة عواقبها وتحديد الحدود التي نرغب في التحرك داخلها .. من هنا ايضا نسأل ما حدود اي جماعة منتخبة تصل الي الحكم؟ وما حدود حريتها في اجراء تغييرات؟ واذا كان التغيير هو سنة الحياة ولا يوجد تطوير دون تغييرات فكيف نكلف الحكومة بتطوير اوضاع المجتمع دون ان يكون لها حق احداث تغييرات؟! وهنا نسأل: هل يميل المجتمع الي وجود سلطة اعلي من سلطة الحكومة والدولة تحول دون حدوث تغييرات غير مناسبة؟ اي اذا كان لدينا دستور يحظر قيام احزاب دينية او قيام نشاط سياسي علي اساس ديني او دعاية حزبية في الانتخابات عن طريق الانشطة الدينية فكيف يكون الحال اذا وصلت جماعة الي السلطة بطريقة ما واستطاعت الحصول علي اغلبية تمكنها من تعديل الدستور وابطال هذه المواد. ونسأل مرة اخري: هل من المناسب سياسيا ان تتوسع دائرة الاختيار دون ضوابط وترك المجتمع يجرب اختيارات خطرة لمجرد الحصول علي اغلبية الذين ذهبوا الي صناديق الاقتراع ام ينبغي ان تضمن عددا معينا من الاصوات يتناسب مع عدد سكان الدائرة الانتخابية؟ وقد لاحظنا ان دوائر يسكنها ملايين ينجح المرشح فيها بثلاثة الاف صوت ويعتبر ممثلا للشعب. وكيف يعبر عن الشعب منتخبون بنسبة حضور تقل عن 20% مثلا ؟ وكيف يكون هذا التمثيل صحيحا ومعبرا عن ارادة الجماهير؟! المسألة تحتاج الي نظر وعدم الاندفاع قبل تجهيز الرأي العام المستنير.