قديما صاح إسماعيل يس في منولوج مشهور "الفلوس.. الفلوس"، وحديثا ردد سعد الصغير في اغنيته العنب، واصفا البلح بانه.. "أحمر.. أحمر". يسألني احدكم وما الصلة بين يس والصغير، واقول لكم إن كل شيء أصبح بضاعة، وتجارة، وشطارة وفلوس.. حتي المشاعر والحب. كنا -زمان - نتصور ان المشاعر شيء اثمن من أي نقود، وان الاحاسيس لا تباع ولا تشتري.. كنت وكنا - زمان والآن - مخطئين.. لقد اثبت لنا "الفالنتين" أو عيد الحب، انه كله بثمنه. عاوز عواطف نص نص، اشتري هدية من خمسين إلي مائة جنيه، ومع ارتفاع مؤشر الاسعار، اضمن انك ستشتري ايضا محبة وعواطف اكثر حرارة. الجرائد مكدسة بالإعلانات، تبدأ باشكال القلوب المختلفة، وتحرك فيك مخزون العواطف الذي قد تكون نسيته مع ضغوط الحياة وارتفاع الاسعار، وبنعومة تشد رجلك لكي تدفع ثمنا زهيدا، بسيطا، لا يساوي معني كبيرا مثل الحب.. المهم انك في النهاية ستدفع. المحال كلها، أحمر.. أحمر.. علي رأي الصغير، المطاعم أسعارها نار، أمس كل القاعات محجوزة، ليه يا سيدي.. يا فندم النهاردة - كل سنة وأنت طيب - الفالنتين، يجيب "المترودوتيل" بلهجة تحمل في طياتها عبارة "انت عبيط واللا إيه". ماشي يا سيدي عندي ضيوف وعايزين نتعشي، اقول وانا مواصلا سذاجتي، فيرد المتر بعبارات آلية: "أوي.. أوي، الشخص 300 جنيه غير العشا".. ولما كنت ضعيف الفهم قلت له: "ليه، انا في أحيان كثيرة احضر لديكم، دون أي مصاريف اضافية". اكيد ان صبره نفد - أي المتر - لانه قال لي بلهجة حازمة هذه المرة: ما انا قلت لسيادتك، كل سنة وأنت طيب، فالنتين داي، عيد الحب والناس كلها بتخرج النهاردة. كانت قاطعة الجملة الاخيرة، وفهمت منها ان تساؤله في الجملة السابقة عما اذا كنت عبيط، قد تم حسمه بداخله بالفعل واقتنع بانني أكيد عبيط لانني اسأل، فالحب علي ما يبدو لا يكيل - كما يقول الزعيم عادل إمام - بالباذنجان، وله ثمن نقدي فوري. وعلي ذكر الحب، والفلوس، فقد اعلنت الحكومة بصراحة ووضوح وشفافية، انها - وبصوت عال - تحب الشعب والدليل اعلان وزير المالية ان التخفيضات والاعفاءات الجمركية ستفقد الموازنة ما يقرب من 1.4 مليار جنيه لصالح المستهلك. واضاف - أي وزير المالية - ان الحكومة لا تتردد في تخفيض الجمارك والاسعار لصالح المستهلكين. صدقوني، الحكومة تحب الشعب، وها هو تصريح وزير المالية في الفالنتين داي يؤكد ذلك، وهي لم تهتم بالمبلغ المفقود من الميزانية، التي لم افهم هل لها اي هدف آخر - اي هذه الميزانية -سوي تحقيق مطالب الناس واحتياجاتهم؟ وهل كان يمكن الا تتم هذه التخفيضات مع الاتفاقات التجارية العالمية؟ وتأكيدا علي المحبة، وبدلا من الوردة الحمراء أو الدبدوب الصغير أيد د.يوسف بطرس غالي وزير المالية اقتراحا لأحد نواب الحزب الوطني باعفاء سيارات اعضاء مجلس الشعب من الجمارك.. ياسلام! واضاف ان 454 سيارة معفاة من الضرائب ليست معضلة ويمكن دراسة ذلك. وها هي هدية اخري لتأكيد رسالة الحب الحكومية الي ممثلي الشعب في الفالنتين، ولازم السادة النواب يبقي عندهم سيارات معفاة من الجمارك، خاصة وهم يناقشون مواد الدستور التي تقول ان المواطنين كلهم سواء في الحقوق والواجبات. وأعود لاستكمال تصريحات وزير المالية التي تكتسب معني خاصا وهو يقول للشعب بكل صرامة بعد ذلك: "ان الحكومة لن تحمي احدا علي حساب المستهلك". وكل عام وانتم مع بيزنس الحب بخير.