فيما يؤكد الخبراء أن النقل النهري والبحري يعد من أرخص وسائل النقل، إلا أنهم اختلفوا في أحد مطالب العاملين في مجال التجارة الخارجية المصرية السودانية بشأن إنشاء خط ملاحي نهري بين البلدين من أجل تلافي التكلفة المرتفعة لنقل الصادرات أو الواردات من وإلي السودان. وفي الوقت الذي يؤكد فيه فريق أن إنشاء هذا الخط سيدعم التجارة البينية بين البلدين وسيزيد الاستثمارات وتشغيل فرص عمل ضخمة في كلا البلدين مما يساعد في زيادة العمق الاستراتيجي الموجود بينهما، والوصول لأسواق إفريقية أخري إلا ان الفريق الآخر يري ان تكلفة إنشاء الخط الملاحي لن يقابلها عائد جيد خاصة ان حجم التجارة بشكل عام بين مصر وجميع دول إفريقيا لا يزيد علي 330 مليون دولار صادرات وواردات. "الأسبوعي" تطرح القضية في هذه السطور. يطرح القضية محمود برعي الأمين العام لجمعية مستثمري 6 أكتوبر السابق ورئيس إحدي شركات الصناعات المعدنية وأحد المصدرين لمستلزمات الألوميتال للسودان ويوضح ان المصدر المصري لأي سلعة يواجه مشكلات وتحديات عند التصدير للسودان بخلاف المصدرين للدول الأخري بالرغم ان السودان جارة لمصر ولا يفصلها سوي حدود النيل والمعبر وبالرغم من ذلك يواجه المصدر المصري معاناة شديدة منها منع دخول السيارات والشاحنات المصرية إلي السودان عن طريق حلايب وأيضا منع دخول الشاحنات والسيارات السودانية إلي مصر عبر معبر حلايب وتتمثل المعاناة الأخري في انه بالرغم من قلة تكلفة الشحن من مصر إلي ميناء بورسودان والتي تصل إلي 5 آلاف جنيه للشحنة الواحدة فإن تكلفة عبور هذه الشحنة من الحدود السودانية بعد حلايب ومن ميناء بورسودان إلي الخرطوم والمدن السودانية بالطريق البري تتراوح ما بين 25 ألفاً إلي 45 ألف جنيه حسب حجم الشاحنة والبضائع، وتصل المأساة إلي ذروتها في الزمن الذي يستغرقه وصول المراكب والبواخر من الموانئ المصرية "السويس البحر الأحمر" إلي ميناء بورسودان ومعبر وادي حلفا حيث تقترب من 21 25 يوما لمسافة 1300 كم2. ويضيف برعي ان المصدر حينما يريد نقل بضائعه في طائرات لا يجد هذه الوسيلة متوافرة بسهولة وان وجدها فإن تكلفتها تفوق الخيال وحتي سعر تذكرة الركوب للأشخاص من مصر للسودان ارتفعت لتصبح للفرد الواحد ذهابا وإياباً ب 3 آلاف جنيه وعن طريق الخطوط الاثيوبية 3300 جنيه. ويطالب محمود برعي بضرورة إنشاء خط ملاحي يربط الموانئ المصرية والسودانية لتعميق المصالح المصرية والسودانية والاستفادة من ميزة التقارب من أجل تخفيض التكلفة سواء علي المصدر المصري أو حتي علي المستورد السوداني والعكس. عمق استراتيجي ومن جانبه يؤكد الدكتور علي لطفي رئيس وزراء مصر الأسبق ان النقل النهري والبحري يعتبر ارخص أنواع النقل، أما بالنسبة للربط بين مصر والسودان بخط ملاحي فإن تلك الخطوة لها بعد آخر وهو ان كلا البلدين مصر والسودان لهما عمق استراتيجي معاً فمصر تعتبر عمقاً استراتيجياً للسودان والسودان تعتبر عمقا استراتيجيا لمصر، ولا يجب ان ننظر إلي تحقيق الارباح من جراء هذه الخدمة ولكن إذا اردنا البحث عن فوائد للمصدرين والمستوردين أيضا سنجد ان السودان وبعد ظهور خام البترول بها بدأت الآن تنهض اقتصاديا وأصبح مستوي معيشة الفرد هناك في ارتفاع وأصبح السوق السوداني يستوعب الكثير من الأنشطة ويعني ذلك ان السودان بدأ في طلب المزيد من السلع والخدمات بما يمثل فرصة لأي منتج في العالم وبصفة خاصة المنتج والمصدر المصري والذي لابد ان يحاول الاستفادة من قربها من الحدود المصرية. ويشير د. علي لطفي إلي انه إذا كان هناك صعوبة لإنشاء هذه الخطوط الملاحية من قبل الدولة فعلي القطاع الخاص ان يبدأ في إنشاء هذه الخطوط والاستفادة من إنشائها سواء كانت خطوطاً ملاحية نهرية أو كانت خطوطاً برية عبر المدن. ويلفت علي سبيل المثال إلي تلك الاستفادة التي حققها بعض الأفراد والشركات من إنشاء خطوط ملاحية وعبارات من وإلي المملكة العربية السعودية والأردن حتي تكتمل هذه الخطوط وتقوم الدول بإنشاء جسر ملاحي ضخم بين الدولتين. التكلفة والاحتكار أما مصطفي الأحول رئيس لجنة النقل بجمعية رجال الأعمال وصاحب أسطول ملاحي لدول الكوميسا فيري ان المشكلة التي يواجهها المستثمر في إنشاء خطوط ملاحية هي التكلفة الباهظة لها وعدم تحقيق المردود منها وخاصة في القارة الإفريقية ومصر والتي تتضاءل فيها عمليات الشحن والنقل إلي جانب ان إجراءات الحكومة لنقل البضائع من وإلي السودان ومصر بها قرارات شبه احتكارية حيث تلزم المراكب والبواخر المصرية القيام من ميناء السخنة وليس ميناء الغردقة أو بور توفيق أو أي ميناء آخر ونحن لا نعرف لماذا كل هذه الإجراءات.